نميمة البلد: تمديد اعلان الطوارئ أم اعلان الحجر الصحي

بقلم: جهاد حرب

جهاد حرب

مع نهاية هذا اليوم تنتهي المدة المحددة "الثلاثون يوما" في المرسوم الرئاسي بإعلان حالة الطوارئ المعلنة في الخامس من شهر آذار/ مارس الماضي لمواجهة خطر فيروس كوفيد 19 "الكورونا" ومنع تفشيه. إن هذا المرسوم مقيد بأحكام المادة 110 من القانون الأساسي وأحكام الباب السابع منه والخاصة بحالة الطوارئ كما ورد في نص المرسوم. الامر الذي يثير نقاشا عاما وفي أروقة السياسيين في البلاد حول الطريقة المثلى لمواجهة الخطر الوبائي بسبب فيروس الكورونا سواء بتمديد حالة الطوارئ أم بإنتاج آلية أخرى تعالج مواجهة الانتشار الوبائي الذي سعى إليه المرسوم الأصلي.

 

الخيار الأول "تمديد حالة الطوارئ": تشير أحكام الباب السابع من القانون الأساسي المتعلق بحالة الطوارئ إلى وجوب موافقة ثلثي أعضاء المجلس التشريعي على تمديد حالة الطوارئ لمدة ثلاثين يوما أخرى. لكن هذا الشرط الدستوري غير ممكن بسبب حل المجلس التشريعي بناء على قرار المحكمة الدستورية عام 2017 الامر الذي يحول دون عقد المجلس التشريعي أو الحصول على الأغلبية المطلوبة وفقا لأحكام المادة 110 من القانون الأساسي. كما أن الرئيس محمود عباس طيلة السنوات التي استخدم فيها أحكام المادة 43 من القانون الأساسي لإصدار تشريعات تحت بند الضرورة التي لا تحتمل الأخير أمتنع عن اصدار قرارات أو تشريعات أو أفعال تحتاج للتصويت بأغلبية الثلثين من قبل أعضاء المجلس التشريعي، قد يكون ذلك خوفا، وهو تخوف مشروع، من التعدي على أحكام متشددة في القانون الأساسي، أو خوفا من فتح شهية البعض للضغط على تعديل نصوص القانون الأساسي.

في المقابل ما زالت الحاجة والضرورة قائمة لمواجهة المخاطر الناتجة عن فيروس الكورونا وحماية الصحة العامة وتحقيق الأمن والاستقرار. لذا قد يحاجج البعض هنا أن مواجهة الانتشار الوبائي لفيروس الكورونا تنطبق عليها بالأساس حالة الضرورة التي لا تحتمل التأخير أكثر من أي قانون صدر على مدار الثلاثة عشر عاما الماضية الامر الذي يدفع لإصدار قرار بقانون لتمديد حالة الطوارئ الحالية.  وقد يذهب البعض الآخر للانتظار بضع ساعات لانتهاء الثلاثين يوما المنصوص عليها في المرسوم الرئاسي الحالي، ومن ثم اصدار مرسوم جديد بإعلان جديد لحالة الطوارئ وليس تمديد لحالة الطوارئ المعلن عنها في الشهر الماضي.

أما الخيار الثاني "اعلان فرض الحجر الصحي في فلسطين": تنص المادة 14 من قانون الصحة العامة رقم 20 لسنة 2004 على أنه " بقرار من الوزير، للوزارة فرض الحجر الصحي في فلسطين لمنع انتقال الأمراض الوبائية منها وإليها"، فيما تشير المادة التاسعة من نفس القانون على أن "تقوم الوزارة وبالتنسيق مع الجهات المختصة بمكافحة الأمراض المعدية وغير المعدية والوراثية بالوسائل كافة".  

فيما تضع أحكام المادة 2 من قانون الدفاع المدني الفلسطيني رقم "3" لسنة 1998 تعريفا يساعد على توفير التعاون في مثل هكذا حالات عند تعريف ما يُقصد بالدفاع المدني بأنها "مجموعة الإجراءات الضرورية لوقاية المدنيين وممتلكاتهم وتأمين سلامة المواصلات بأنواعها وضمان سير العمل بانتظام في المرافق العامة، وحماية المباني والمنشآت والمؤسسات العامة والخاصة سواء من أخطار الغارات الجوية وغيرها من الأعمال الحربية أو من أخطار الكوارث الطبيعية أو الحرائق أو الإنقاذ البحري أو أي أخطار أخرى".

كما تنص أحكام مواد متعددة في قانون الدفاع المدني، المذكور أعلاه، على صلاحيات واسعة لوزير الداخلية لتنفيذ الإجراءات الواجبة للإعلان الخاص بالحجر الصحي بما فيها؛ على سبيل المثال وضع اليد على جميع وسائل النقل وأدواتها وتقييد بيعها وتنقلاتها وتنقلات سائقيها، ووضع اليد على المواد الغذائية وجميع المواد الأخرى على اختلاف أنواعها التي تعتبر ضرورية لاستقرار المعيشة وتيسير الحياة العادية، وتقييد التصرف بتلك المواد وكيفية تخزينها (المادة 26). وحظر مغادرة الموظفين العموميين والأطباء والصيادلة والممرضين والممرضات العاملين في مرافق أو مؤسسات ذات منفعة عامة والعاملين في صناعة أو تجارة المواد الغذائية أو أعمال النقل في حالة التعبئة العامة، من الجهات التي يؤدون فيها أعمالهم دون إذن مسبق من الجهات المختصة. وللوزير أن يحظر مغادرة أي فئة أخرى تكون أعمالها ضرورية لاستقرار المعيشة ولتسيير الحياة العادية (المادة 24).

في ظني أن الخيار الثاني المتعلق بإعلان فرض الحجر الصحي في فلسطين هو التوصيف الأنسب للحالة القائمة في البلاد في إطار مواجهة الانتشار الوبائي لفيروس الكورونا، وهو يحظى بمشروعية قانونية نصًا لا اجتهادا في قانوني الصحة العامة والدفاع المدني. وكذلك تجنب الجدل الفقهي في حال تمديد حالة الطوارئ في ظل حل المجلس التشريعي والتخوفات المشروعة من تجاوز العرف الرئاسي القائم على عدم المساس بقرارات أو تشريعات أو اجراءات تحتاج إلى اغلبية الثلثين في المجلس التشريعي لتمريرها.

جهاد حرب

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت