في الطريق بين جنين ورام الله تجد نفسك مرارا تمر بشوارع يغلب عليها الطابع الاحتلالي شكلا اولا للأسف ومن خلال حركة المركبات التي تحمل لوحة دولة الاحتلال او العربات العسكرية والحواجز, فقد كنت مجبرا من قبل ان تجد حاجزا عند دير شرف وحاجزا عند قرية جيت واخر عند مدخل حوارة وثالث عند زعترة ورابع بجوار طلوع اللبن وخامس عند وادي الحرامية وسادس على مداخل البيرة وكذا ستجد الطابع الاكبر لحركة المركبات هي مركبات المستوطنين واكثر من ذلك فقد كنت مجبرا على رؤيتهم يتصرفون في حوارة تصرف من لهم الحق كل الحق بالتواجد.
قلت ان طابع الشارع او سمته للأسف تظهره على انه شارعهم وللأسف لأن السمة تلك تأتي من أنه اكثر نظاما وجمالا ونظافة وصلاحية وبمجرد ان تغادر الشارع الاستيطاني او الالتفافي الاحتلالي ستكتشف العشوائية وعدم الصلاحية والمطبات الكارثية بلا نظام ولا اشارات ولا معنى لذلك سوى ان شخصا ما وبغياب أي رقابة قرر ان يضع حاجزا لسبب لا يدريه احد سواه فانت اذن تتعرف على شارعك فقط حين ترى كل الاهمال الممكن بسبب تلك الثقافة العجيبة الغريبة في اوساطنا والتي تسمح لكل منا ان يفعل بالأملاك العامة ما يريد وان من قام بالتعبيد او التجهيز لم يكترث ابدا للمواصفات والكميات وشروط التنفيذ المعلنة اضعف الايمان واتم مهمته مستندا الى وجود من سيقبل منه ذلك لأسباب اقل ما يقال بها اننا نجامل بعضنا على حساب بلادنا.
المهم ان الطرق جميعا اليوم كانت فلسطينية بدون منازع واستعدنا حقنا الذي كدنا نشك به على كل ارضنا فغاب جيش الاحتلال عن كل الاماكن ولم نرى سلاحا سوى سلاح رجال الامن الفلسطينيين على كل المداخل بلا استثناء واختبأ المستوطنين في معازلهم وكأنهم لم يكونوا اصلا.
اليوم كانت اراضي الضفة الغربية محررة بالكامل واحسست وانا في طريقي الى رام الله ان الارض كل الارض عادت لنا كاملة غير منقوصة وان الاحتلال قد قرر منفردا ان يكنس ذاته عسكرا ومستوطنين معترفا ان لا مكان له على ارضنا كل ارضنا ولو انني قررت الذهاب الى بحر حيفا لوجدتني افعل بلا قيود فقد اختبأوا من فيروس لا يرى بالعين المجردة ولم يختبئوا منا ولا من فرقتنا ولا من غياب الرؤية ولا من اساليب كفاحنا ولا من انقسامنا ولا من فسادنا ولا من فوضويتنا ولا من غياب التنظيم والتخطيط والانشغال المتواصل بالهم الوطني والعام بديلا للخاص المصلحي فردا او فصيلا او عشيرة او بلدا او جهة.
اليوم كنا نحن جميعا موحدين وكانوا هم جميعا غائبين ورغم ادراكي ان سبب غيابهم ووحدتنا هو سبب واحد الا ان ذلك يمكن له ان يكون درسا جديدا على طريق الكفاح والحرية فهو اولا درس لنا لا ينبغي ان نتناساه غدا ان الخطر الواحد يستوجب مواجهة واحدة فقد اهتمت غزة بالضفة والضفة بغزة وتذكر قائد معارض مهاتفة الرئيس وانتبه الرئيس الى صحة قائد اخر فسال عنه واهتم بعلاجه وكان مرضى القدس كمرضى غزة حاضرين بكل قوة وصارت وحدتنا حقيقة لا تحتاج لمفاوضات ولا لجلسات ولا لوسطاء ولم يفاوض فلسطيني فلسطيني آخر على فاصلة أو حرف بمعنى ان فلسطين اليوم كانت فلسطينية فلاحتلال مختبئ ووسطاء المصالح منشغلين بذواتهم.
واليوم كان الاحتلال بكل جبروته اضعف من قشة في مهب الريح والسبب بسيط ان العدو الذي يقاتله خفي وغير معروف وهو يشبه ذاك الشاب الذي قال عنه رابين يوما " كيف نحارب ونمنع شابا فلسطينيا منفردا قرر فجأة ولوحده ان يقتل ويموت " وكان برابين كان يقول " كيف نحارب المجهول " والدرس هنا اننا كنا دوما كتابا مفتوحا امامهم ولذا تمكنوا من ان يتفوقوا علينا ولا زالوا الا اليوم فقد تمكن فايروس خفي من افهامهم ان القوة المطلقة مستحيلة وستجد يوما من يجعلها عاجزة لا حول لها ولا قوة ويتساوى معا من يحمل بندقية والاعزل بلا سلاح الا من ارادتهم الا يستحق منا ذلك ان نفكر بغدنا ولو قليلا.
بقلم عدنان الصباح
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت