"بدي تصريح تنقل لأحضر "شيكا " بالاجرة الشهرية من العمل ..وبعدين لحد الآن ما اجتني ولا كرتونه",..... تبعه متصل آخر" بوزعوا كارتين وما حدا فقدنا بكرتونة" صوتان سمعتهما من مذياع السيارة من احد المحطات الإذاعية المحلية وانا في طريقي الى مقر محافظة اريحا والاغوار. لاجد خليتي عمل اشبه بخلايا النحل تعمل في يوم العطلة وفي قاعة واسعة مجموعة من موظفي المحافظة وعدد من المتطوعين وممثلي الجمعيات يقومون بتعبئة الطرود او "الكرتونة" بتشكيلة من المواد الغذائية والتموينية "قسم من الرئاسة والحكومة ورجال الاعمال ووجوه الخير" وقوائم بالمستفيدين من مختلف الفئات ويقومون بتوزيعها على المنازل. وقسم اخر من الموظفين يقومون بإصدار اذونات مغادرة ودخول مدينة اريحا تحت ذرائع ومسميات مختلفة بعضها محق وبعضها من باب الترف او على الاقل غير مضطر وكل مواطن يرى ان له الحق بالتنقل والضرورة والتي قد تبدو مقنعة وبعضها غير مقنع.
وامراة على مدخل المحافظة تجادل الشرطي بانها تريد رؤية المحافظ او نائبه وتحلف بانه لم يصلها ولا كرتونة وجارتها ام فلان أجاها كرتونة وهي لا. وتصادف وجود شاب جاء لاخذ اذن تنقل واثناء الحديث قال بالامس اوصلت امراة فقيرة الى المكان الفلاني واشفقت عليها واعطيتها من جيبي الخاص بعد ان شكت همها بان الكرتونة, لم تصلها قائلا يا ريت تفقدوها بكرتونة, فتدخل احد الاشخاص المعنيين بتوزيع الطرود قائلا فلانة. وتسكن في المنطقة عين, فاجابه بالامس اوصلتها الكرتونة وهي معتادة على ذلك ولديها اولاد وعندها دخل...؟؟؟؟؟؟
الكل تضرر من جائحة الكورونا ومن التدابير الاحترازية للحفاظ على صحة وسلامة المجتمع ومنع تفشي الوباء, وربما الشركات واصحاب الدخول العالية خسائرهم الاقتصادية وارباحهم اكثر بكثير من مجموع الدخل السنوي للآخرين والبعض, اصلا بكورونا وبدون كورونا كان "عواطلي" وتصدر مشهد ضحايا متضرري الكورونا. والضرر قسري على الجميع وخارج عن مسؤولية تحميل هذا الطرف او ذاك
والكرتونة ليست حلا او تعويضا عن الخسائر التي تكبدها الفقير او الغني ولكن لضمان الحد الادني من حياة الناس ريثما تنتهي الازمة, فالكرتونة ليست استحقاقا كما يعتقد البعض حتى لو كان لا يحتاجها فربما يشترى شوكلاته ومسليات شبس ومكسرات يومية لاولاده بقيمة محتويات كرتونة تسد رمق عائلة محتاجة فعلا للكرتونة سواء بازمة الكورونا او بدونها.
لا ادعي ان الكراتين تصل للجميع وكاننا في زمن الخليفة عمر بن الخطاب ولا زهد عمر بن عبد العزيز, ولكن ليس بالسوء الذي يدعيه البعض بان الكراتين محسوبيات ويحلف اغلظ الايمان "بهتانا وزورا" بانه لم تصله كرتونه فاذا كشفت كذبه او اقنعته بان هناك من احق منه يقول "الكرتونة استحقاق"
كما ان الكرتونة ان حدث تجاوز او وصلت لسين او صاد ليست طردا انتخابيا او تسجيل موقف حزبي او شخصي او مخترة
اذكر اصحاب نظرية كرتونة الاستحقاق بالاية الكريمة :﴿يحسبهم الجاهل﴾ يخالهم ﴿أغنياء من التعفف﴾ عن السُّؤال ﴿تعرفهم بسيماهم﴾ بعلامتهم التَّخشُّع والتَّواضع وأثر الجهد ﴿لا يسألون الناس إلحافًا﴾ أَيْ: إلحاحًا إذا كان عندهم غداءٌ لم يسألوا عشاءً وإذا كان عندهم عَشاءٌ لم يسألوا غداءً
عبد الرحمن القاسم
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت