يبدو أن الأمنيات والأحلام هي التي تقود عديد المحللين بما فيهم محللين استراتيجيين يتمنون انتهاء عصر الامبريالية العالمية المستغولة التي تقودها الولايات المتحدة الامريكية الى القول بان عصر ما بعد كورونا سينهي قيادة الولايات المتحدة المتفردة للعالم معتمدين في غالبيتهم العظمى على خطر الوباء المحدق في البشرية جمعاء وعلى الامنيات ايضا وفيما عدا الصين كدولة تحلم بعولمة الحرير مقابل عولمة المعرفة والتي سارعت الى استخدام امكانياتها المالية في تقديم المساعدات لعديد من دول العالم لكسب ودها كحليف ممكن في المستقبل ضد العولمة الامريكية لكن الخطر في ذلك والتي قد لا تدرده الصين المتلهفة على الحلول محل الولايات المتحدة ان السيطرة اليوم على المعرفة ووسائطها ووسائلها ولغتها اخطر بكثير من الخبز والدواء الذي لن يقبل العالم ان يقايضه بمواقفه وتاريخه وجذوره لمحض المساعدة.
اما اولئك الذين يرون في الوباء والامنيات وسيلة لانهيار الامبريالية ومعها ربيبتها الصهيونية فان عليهم ان يتذكروا ان الوباء لم يطال الولايات المتحدة واسرائيل وحدهما بل واعداءهما ايضا واذا كان العرب باحلامهم سيصنفون كاعداء فان الفرق هائل بين الحالتين ففي حين لا زال الاقتصاد الامريكي يسعى للعيش ولازال لديهم مطابع جاهزة لاغراق العالم بدولاراتهم الورقية ولا زال لمواطنهم الحق بالعون والعمل والعلاج لا الشفقة على حاله واستجداء العالم لمساعدته ولم تغلق امريكا واسرائيل ابوابها ولم توقف عجلة الاقتصاد ولم تسحب جيوشها ولم تنشغل عن اسعار النفط ولم توقف مؤامراتها وهي تصر على تسمية كورونا بالفيروس الصيني كرد على محاولات الصين للاستفادة من الحالة علما بان الاقتصاد الصيني المعتمد اكثر على الدول الفقيرة يعاني ازمة خانقة قبل جميع دول العالم وبالتالي فان دول توقف اقتصادها وتعطل الحياة كلها لن تكون قادرة على الغاء امبريالية تعرف وتخطط مسبقا لحجم الخسائر البشرية وتهتم فقط بمنع الخسائر الاقتصادية فالمواطن الامريكي قبل غيره ليس اكثر من وقود لمصالح اسياده فاضرار الوباء في العالم المعادي للامبريالية الصهيو امريكية اكثر ضررا من عالم الاعداء الصهيو امبرياليين.
والامنيات فكما لدينا نحن امنياتنا ضدهم نستخدم لاجلها الصلوات والدعوات والابتهالات داعين الله سبحانه ان يمحقهم ويهزمهم وينصرنا عليهم يتمنون هم اخضاعنا بالعمل الدؤوب وتطوير اقتصادهم وتسخير العلم والمعرفة والفعل والصناعة والزراعة والتجارة والحرب ضدنا فمن اذن سينتصر ومن سينصر الله الجالس الداعي ام الفاعل المتحرك وبالتالي فلا الامنيات التي لديهم ادوات فعلها ولا الوباء القادرين على مقاومته والتغلب عليه والذي يسعون ليل نهار لاكتشاف علاجه بينما ننتظر نحن انجازاتهم بهذا الشان نقضي الوقت ب" هبل " الخرافة والعلاجات الشعبية والكذب والاشاعات التي لا تغني ولا تسمن من جوع.
الامبريالية الامريكية تملك اقتصادا يشكل 25.1% من اقتصاد العالم حسب تقديرات صندوق النقد الدولي بناتج يساوي حوالي عشرين تريليون دولار بينما تحتل الصين المرتبة الثانية بناتج يساوي حوالي 14 تريليون دولار اي بفارق هائل ايضا عن مستوى الولايات المتحدة وتاتي اليابان في المرتبة الثالثة بناتج يساوي 5.1 تريليون دولار وتاتي الدول الامبريالية العظمى العشرة بأكثر من 72% من اقصاد العالم بينما يبقى لكل العالم بنفطه وثرواته باقل من 28% فاي انهيار هذا يتحدث عنه اولئك المحللين معتمدين على الاحلام والامنيات فاسرائيل الدولة الصغيرة وحديثة العهد والقائمة على الحرب تحتل المرتبة 16 بين دول العالم جميعه واسرائيل التي تعاني من الوباء اضعاف اضعافنا لا زالت منشغلة بالتهويد والاعتقال والسيطرة بكل السبل المتاحة وغير المتاحة ورغم الحجر والحجز ومحدودية الحركة فان مهام جيشها واجهزتها ضد شعبنا لم تضعف ابدا بل على العكس من ذلك صعدت من وتيرة النشاط الاستيطاني وخصوصا في القدس بينما غبنا وغاب العرب عن كل مشهد سياسي او اقتصادي او سواه.
ان ما تقدم يؤكد لنا ان لا انهيار لمنظومة الاستغوال الامبريالي الصهيو امريكي بالوباء والامنيات وهبل الخرافات الذي نبثه يوميا عبر وسائل اعلامنا العربية عن ادوية وهمية او ادعية او سواها كشعرة سورة البقرة والدكتور كمون وهبل طبيخ الشلولو وما شابه وان لا بديل ابدا عن الكفاح المتواصل وخلق اليات المواجهة واستعادة بناء جبهة المقاومة للمشروع الامبريانولوجي القادم معتمدا على المعرفة كسلعة وهمية لا تزال امريكا تسيطر على مصادرها ومنابعها ولن تستطيع حتى اللحظة اية قوة في العالم على مزاحمتها على ذلك ان الانتصار على الامبريانولوجي القادمة من نفس اصحاب الامبريالية المتعفنة لن يتم ولن يكون دون وحدة القوى المناهضة لعولمة المرفة لك بكل امكانياتها العلمية والاقتصادية والشعبية واستعادة مكانة الثورة الشعبية واكتشاف مكوناتها الجديدة وفق اعادة ابداعية لتناقض وتضارب المصالح على قاعدة ادراك الحرية والامساك بادوات الوصول اليها وتذليل الصعاب الجديدة الت يافرزتها سلعة المعرفة غير المرئية محطمة حكاياتنا القديمة عن فائض القيمة وجدل العلاقة بين السلعة الملموسة ومنتجها الى جدل العلاقة بين سلعة المعرفة ومنتجها الغير بشري في المظهر العام المرئي والمحسوس.
علينا ان ندرك اليوم خطورة ما نعيش والانتقال من راس المال الصناعي الى راس المال الفكري الذي تغيب به مكانة الندرة والسلعة وفائض القيمة وتذوب العلاقة بين انتاجه ومنتجه وتنتفي المصلحة المباشرة في السيطرة على المواد الخام المزروعة في عقول البشر الذين اتقنت الامبريالية جيدا الحصول عليهم من بلدانهم بدون حروب كما كانت تفعل ولا زالت مع النفط وغيره من المواد الخام الضرورية لسلعها المادية التي باتت تخضع في انتاجها للمعرفة وتجلياتها بعيدا عن ايادي العمال التي كان لتوقفها عن الفعل القدرة التامة على شلل راس المال الصناعي وحتى الزراعي او كل اشكال الاقتصاد السلعي فلا بديل عن علم جديد واصطفاف جديد ومكونات جديدة للجبهة القادمة في الحرب بين الامبريانولوجي وعموم البشر كامة واحدة.
بقلم عدنان الصباح
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت