ليست بعيدة تلك الايام التي كللت تاريخنا بكل ما هو مشرق ويفخر به الانسان، عندما احتجزتنا مرات عديدة قضبان السجان.. ومزقتنا غرف التحقيق وزنازين السجون .. قبل الانتفاضة الكبرى واثنائها.. تقلبنا في عديد المعتقلات والسجون.. وخضنا التجربة بأدق تفاصيلها.. حياة البعد والعزل والحرمان.. لحظات الانتصار على ضعفنا لكي نقهر الجلاد .. لكن وبرغم قساوتها، كانت ولازالت لحظات اتسمت بالإرادة والشموخ والامل.. هي اشراقة الذات رغم محاولات اخضاعها وكسرها.. ففي التحقيق تتعزز ارادة المقاتل صمودا ومقاومة.. وفي السجن تتصلب الارادة عزما على مواصلة النضال تمسكا بالحلم والمشروع الوطني، وبكل القيم الانسانية التي تشعرك بإنسانيتك.. في السجن عشنا محطات المراجعة ونقد الذات، والتأمل، وانطلاق حالات الابداع التي كانت تعقيدات الحياة تحطمها .. وفي السجن تعيش ورفاقك واخوانك المعتقلين حياة الفة ومحبة وتوحد وتأخي وتسامح.. هي حياة المناضلين الاحرار رغم بعض الشوائب التي رسختها فينا الحياة.. كنا نحاول الانتصار عليها وتجاوزها لأجل حياة اعتقالية سوية .
اكثر ما كان يسلحنا بالأمل والصمود رغم الام السجن والسجان، ان شعبنا ما زال موحدا ويناضل من اجل تحقيق الحلم الوطني.. وبان تلك القيم الوطنية التي نفتخر بها وتحصننا لم تنكسر.. كنا نستشعر ارادتنا في صرخة طفل ضد المحتل، وفي ارادة امرأة تقاوم الظلم، وفي عكاز كهل يلوح به مهددا قطعان المستوطنين.. كنا نستشعرها في مواقف العز والاباء للقيادة الفلسطينية المناضلة.. وفي المواقف الوطنية المبدئية التي تعبر عنها القوى السياسية الفلسطينية، والتي كانت تتجاوز فئويتها ومصالحها الذاتية.. كنا نستشعرها بسمو واعلاء القيم التي تربينا عليها من نكران الذات والتضحية من اجل المجموع وتغليب مصلحة الوطن والحزب على اي مصالح صغيرة اخرى .
هي حياة مفعمة بالإرادة والتحدي.. عشناها كما عاشها من قبلنا الفدائيين والمناضلين الاوائل الذين شقوا طريق الثورة بوجهة وطنية خالصة.. وكما يعيشها الان اخواننا ورفاقنا الابطال في سجون ومعتقلات الاجرام الاسرائيلي .
اجل انه يومهم المشرق .. يوم الاسير الفلسطيني، هذا الفارس الذي يريد منا فقط ان نحفظ كرامته وتضحياته العظيمة، بمواصلة الاخلاص والتمسك بالأهداف الوطنية التي سجن من اجلها، وفي الحفاظ على وحدة شعبنا ووحدة الوطن، وفي تعزيز مقاومة فاعلة تخضع للمصلحة الوطنية العليا فقط وفقط .. وفي حفظ كرامة الانسان الفلسطيني وتعزيز صموده بعيدا عن المتاجرة به وبمعاناته، وكذلك في مواصلة النضال من اجل تحريره ليواصل معركة النضال والبناء الى جانب ابناء شعبه .
في هذا اليوم ارسل قبلة محبة ووفاء وتقدير لكل الاسرى الفلسطينيين، واقول لهم .. إنا باقون على العهد.. وسنبقى اوفياء لأهدافكم السامية والنبيلة التي ضحيتم من اجلها .
بقلم/ نافذ غنيم
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت