-1-
الموظف الحزيط والمواطن ذو الدخل المحدود أكثر اثنين ما عندهم مشاكل ولاتعثر اقتصادي ولا فواتير كهرباء ولا ماء متاخرة ولا مكسور للاجار المنزل بدفع أول بأول. لانهم الوحيدين الذين يتم خصم اي تعثر مالي من قسيمة الراتب او من الجهة المشغلة او جدولة المتأخرات عليه بفوائد, واذا في مشكلة او كارثة في بلد مال يتم الخصم بقوة القانون يومين او ثلاثة من راتبه. واذا ميزانية هذه الدولة او تلك تحديدا الأنظمة العربية متعثرة يتم اقناعه بالإجبار ان حل المشكلة بخصم نسبة من راتبه او اجرته الشهرية. او حتى اذا رأت شركة الكهرباء او المياه او الاتصالات ان الارباح لم تكن كما يجب يتم زيادة التعرفة عليه بحجة ان زيادة دولار او شيكل او دينار لن تأثر عليه ومجموعها يساوي كذا مليون للابقاء على المستوى الربحي لهذه الشركة او المؤسسة كما هو. وتحت شعار الجميع بخدمة المواطن وسد العجز ولضمان استمرارية الخدمة . وحتى لا تتأثر الأرباح وموازنات القطاع الخاص والشركات الكبرى وكبار رجال الأعمال والمستثمرين حسب المخطط له.
-2-
جائحة الكورونا التي اجتاحت دول العالم الغنية والفقيرة وضربت عصب الاقتصاد العالمي والتكهنات السوداوية للوضع الاقتصادي ما بعد الكورونا. وسياسات الدول الغنية والمقتدرة خصصت موازنات اضافية لدعم المواطنين والقطاع الخاص المتوسط. وسمعنا هناك عن اقدام رؤس الاموال وشركات ضخمة وأثرياء عن تخصيص مبالغ لإنقاذ بلادهم ومواطنيهم وبعضهم تبرع بكل او نصف او نسبة مئوية من ثروته لمواجهة الجائحة.
في بلادنا توجهت الانظار مباشرة للموظف المسخم والمواطن ذو الدخل المحدود والعاطل عن العمل وذكروه بالزهد والتعفف والصبر والصمود والذي لم يعرف غيره قسرا منذ ان ولد, وأننا في مرحلة عصيبة وخارجة عن سياستنا الاقتصادية والتشغيلية ,وأنت اي المواطن "الكنز الذي لا ينضب" بالعامية بعيدا عن هشاشة العظام المصاب بها المواطن "عظامك ذهب" تبرعك بيوم او يومين عمل هو الحل السحري.
-3-
لو ضغطنا على المواطن المصاب بهشاشة االعظام بتبرع يوم او يومين على سبيل المثال لا الحصر فلسطين حتى لا نتهم باننا نتدخل بشؤن الغير, وحسبة عرب 160-170 الف موظف بواقع 30 او اربعين دولار يكون المجموع ما بين 5-6 مليون دولار وفي مقال سابق حكينا ان كلفة العمرة برمضان المعطلة شرعا وشمات الهواء هون وهناك قدرت 12 مليون دولار. ورغم ذلك هذه حلول لا تشكل 10 او 20 بالمئة من تدخل رأسمال المال الوطني والاستثمار ورجال الاعمال وقطاع البنوك لو تدخل بالمساهمة 20 او 30 بالمئة من ارباحه السنويه لمواجهة الفاقة والفقر في زمن الجائحة. ولكنهم للاسف صاحوا قبل المواطنين والحكومة والموظفين بانهم تكبدوا خسائر. نظريا تكبدوا خسائر ولكن عمليا الذي تاثر هو ميزان الربح حسب خططهم وبرامجهم فالمؤسسة التي كانت تطمح للربح كذا مليون بفعل الجائحة لم تصل للرقم ولكنها لم تخسر فعليا. وجاءت مساهماتهم خجولة ولا تليق "بالبرستيج" لتلك المؤسسة او الشركة وسمعتها الاقتصادية ومسؤوليتها المجتمعية.
-4-
وعلى سيرة السمعة والبرستيج خلينا نحكي ارقام وليس اسماء عندما تتبرع مؤسسة مصرفية بمليون او نصف مليون شيكل قرابة 380 الف دولار وواحدة تبرعت بمليون دولار. وبعض المؤسسات بكمامات او "قناني مي" او 2كيلو سكر او شوال رز وتصدعنا بالمساهمة المجتمعية ودورها الوطني وقصص الخندق الواحد والمركب الواحد.
نظرة سريعة على احصائيات وارقام رسمية صادرة عن تلك المؤسسات والدوائر الرسمية تبين حجم الخندق والمساهمة المجتمعية حسب بيان مراقب الشركات بوزارة الاقتصاد الوطني السيد طارق المصري عدد الشركات التي عقدت هيئها العامة حتى نهاية نيسان مجموع ارباحها الموزعة 130 مليون دولار. وبيانات صافي ارباح البنوك العاملة في السوق الفلسطينية لعام 2019 حسب بيانات تلك البنوك احدها حقق صافي الارباح طبعا بعد خصم الضرائب وباقي المصاريف التشغيلية 83.1مليون ودولار. واخر ارباحه 49.22 مليون دولار, والبنوك االاقل حظا 9 مليون دولار واخرين 5.9 دولار وربما اقلها5.7مليون دولار, ومجموعة الاتصالات 70.5 مليون دولار. وحتى في خدمتها الجليلة انها اخرت تسديد دفعتين للمقترضين من البنوك حققت اربحا فائدة تأجيل القسطين حتى نهاية القرض والمقترض شعر بالامتنان لأنها ألغت غرامة التأخير ولكنها لم تلغي فائدة التأجيل. باختصار ورقم تقريبي لا تقل ارباح تلك المؤسسات المصرفية والشركات عن 500 مليون دولار.
تخليوا لو ان الحكومة والتي قدمت وتقدم كل التسهيلات الائتمانية والاعفاءات الضريبية لتشجيع الاستثمار فرضت او الزمت تلك المؤسسات واباطرة المال بان تدفع لمواجهة الجائحة ونظرا للظروف التي تعصف بالجميع ورفقا بالمواطن المصاب بهشاشة العظام والذي 24 ساعة بنحكي في اذنه شجع الاستثمار الوطني والشركات والمؤسسات والتي اغلبها تضع الوطني أو الوطنية في نهاية الاسم.."المؤسسة...الوطنية....الشركة ...الوطنية...المصنع...الوطني....العلكة الوطنية".
فرضت عليهم او ساهموا 20 او 30 بالمئة من صافي الارباح. لاصبح لدينا احتياط مالي 150-200 مليون دولار. ولسنا بحاجة نخصم 50 او مئة شيكل من مواطن هو بالامس الحاجة ومجموعها لا يصل الى خمسة او ستة مليون دولار.
عبد الرحمن القاسم
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت