انضمَّت فلسطين إلى اتفاقية فيينا في 2 نيسان/أبريل 2014، وإلى البروتوكول الاختياري في 22 آذار/مارس 2018. وفي 4 تموز/يوليو 2018، وفقاً لقرار مجلس الأمن، قدمت دولة فلسطين إعلان الاعتراف باختصاص محكمة العدل الدولية.
بناء على ذلك، قدمت الحكومة الفلسطينية شكوى ضد الولايات المتحدة الأميركية بشأن نقل سفارتها إلى القدس، إلا أنَّ هذه الشكوى كان يجب أن تسبقها شكوى ضد بريطانيا منذ فترة الانتداب، لأنها تتحمل المسؤولية القانونية عنها.
وبهذه الشكوى، تكون الدولة الفلسطينية قد استبقت نقل سفارة بريطانيا إلى القدس، إذ إنّ هناك معلومات وردت عن نقل السفارة البريطانية إلى القدس بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
بناءً على المادة 2 من مشاريع المواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً، فإن العناصر التي يتكوَّن منها الفعل غير المشروع دولياً للدولة تنص على التالي: ترتكب الدولة فعلاً غير مشروع دولياً حين يكون التصرف المتمثل في عمل أو تقاعس عن العمل منسوباً إلى الدولة بموجب القانون الدولي أو يشكّل خرقاً للالتزام الدولي.
أما المادة 4 من مشاريع المواد المتعلّقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً، فتنصّ على أنَّ تصرف أي جهاز من أجهزة الدولة يعد فعلاً صادراً عن الدولة بمقتضى القانون الدولي، سواء كان الجهاز يمارس مهام تشريعية أو تنفيذية أو قضائية أو غيرها.
وتعكس هذه المادة قانون العرف الدولي، إذ تنصّ المادة 149 في المجلد الأول من الدراسة عن القانون الدولي الإنساني العرفي على أن الدولة هي المسؤولة عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني المسندة إليها، بما في ذلك الانتهاكات التي ترتكبها الأجهزة التابعة لها، ومن ضمن ذلك قواتها المسلحة.
وهنا، لا بد من تمييز الأفعال غير المشروعة التي ارتكبت في ظل الانتداب البريطاني، أي قبل قيام "دولة إسرائيل"، التي تقع مسؤوليَّتها على عاتق "إسرائيل" وبريطانيا، فعلى أساس قانوني، يحق تحميل بريطانيا مسؤولية كاملة أثناء انتدابها، إذ كانت ملزمة بمنع أي عمل إرهابي وطرد السكان المدنيين. وقد أشارت لجنة التوفيق التابعة للأمم المتحدة بشأن فلسطين إلى أن عدد الذين خرجوا من فلسطين قبل نهاية الانتداب البريطاني يقدر بحوالى 200 إلى 300 ألف، نتيجة الأعمال العنفية والإرهابية التي مورست بحقهم، ويحق تحميلها أيضاً مسؤولية مجزرة دير ياسين التي وقعت في نيسان/أبريل 1948.
إنَّ فشل بريطانيا في التصرف يشكل تفريطاً بالتزاماتها القانونية، لكون السلطة المباشرة على أرض فلسطين لها، ولكونها حكومة انتداب. مع ذلك كله، لا تعفى أيضاً "إسرائيل" من المحاكمة في محكمة العدل الدولية منذ زمن الانتداب، بما أن الحركات العسكرية اليهودية، كالهاغاناه وأرغون واشتيرن وغيرها من الحركات التي أوقعت المجازر في الشعب الفلسطيني، أصبحت جهازاً تنفيذياً "لدولة إسرائيل"، وذلك بناء على الفقرتين الأولى والثانية في المادة 10 من مشاريع الأعمال المتعلقة بمسؤولية الدول، حيث إن الأولى تنص على التالي: يعد سلوك أي حركة تمرّد تتولى الحكم في أية دولة فعلاً من أفعال الدولة بموجب القانون الدولي.
أما الفقرة الثانية، فقد أشارت إلى التالي: يعد سلوك أي حركةِ تمردٍ أو غيرها، تنجح في إقامة دولة جديدة على جزء من إقليم دولة موجودة من قبل أو في أراضٍ تخضع لإدارتها، فعلاً صادراً عن الدولة الجديدة بمقتضى القانون الدولي.
نأمل من الدولة الفلسطينية تقديم هذه الشكوى قبل نقل السفارة البريطانية بعد التشاورات الدبلوماسية مع بريطانيا حول هذا الموضوع، ومدى وقوفها مع الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الصعبة، واستخدام هذه النقطة كسلاح.
فؤاد بكر
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت