فضحت القناة التلفزيونية الفرنسية ((فرانس 24)) في مقال نُشر مؤخرا على موقعها الإلكتروني، بعض مقاطع الفيديو المزيفة، منتقدة التضليل الذي يسعى إلى بث الخلاف بين الصين وإفريقيا في وقت يكافح فيه العالم بشدة ضد وباء كوفيد-19.
قالت قناة ((فرانس 24)) إن مقطع فيديو عنيفا يمكن من خلاله رؤية مجموعة من الأشخاص وهم يضربون رجلا أفريقيا، قد انتشر على تويتر ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى. وأضافت أن الفيديو المزعوم لإظهار التمييز ضد الرعايا الأجانب، وخاصة الأفارقة، في الصين، مزيف، مشيرة إلى أنه مقطع قديم تم تصويره ليس في الصين، ولا علاقة له بكوفيد-19.
إن مثل هذه الشائعات التي تهدف إلى بث عدم الثقة بين الصين وأفريقيا، لا تنتهي أبدا، ولكنها لا يمكن أن تستمر طويلا، لأن صوت الحقائق لا يُعلى عليه أبدا.
-- صوت الحقائق هو الأعلى دوما
في مدينة قوانغتشو بجنوب الصين يوجد 30768 أجنبيا بينهم 4553 أفريقيًا حتى 10 ابريل الجاري.
وفي مؤتمر صحفي في 12 ابريل الجاري، قال ليو باو تشون، مدير مكتب الشؤون الخارجية بالمدينة، لدى رده على أسئلة حول خدمات إدارة الصحة المحلية خلال فترة وباء كوفيد-19، "إننا نتخذ نفس إجراءات الوقاية والسيطرة، على جميع الأفراد الذين يدخلون قوانغتشو بغض النظر عن جنسيتهم وعرقهم وجنسهم".
وهناك الكثير من الحقائق أكدها أفارقة متواجدون في الصين فعلا، منهم على سبيل المثال لا الحصر، دانييل تشيسينجا، القنصل العام في القنصلية الزامبية في قوانغتشو، الذي قال إنه لم تكن هناك أية حالات لمضايقات تعرض لها زامبيون.
أما أليما دانفاخا جاكو، القنصل العام لمالي في قوانغتشو، فقال لوسائل الإعلام في 18 ابريل الحالي، إن الإجراءات المختلفة أظهرت الأهمية التي توليها قوانغدونغ للمقيمين الأفارقة، وهناك آلية اتصال قد أُنشئت بين القنصليات العامة الأفريقية والسلطات في قوانغدونغ وقوانغتشو.
من جانبه، أكد القنصل العام الاثيوبي في قوانغتشو، تيفيري ميليس ديستا، على أن "الإجراءات التي اتخذتها الحكومة (المحلية) في قوانغدونغ، لكبح الفيروس، مفيدة للغاية، ونتحدث عنها بسرور كبير".
وفي مقابلة مع ((شينخوا)) مؤخرا، قال تشارلز أونونايجو، وهو خبير بالدراسات الصينية - الأفريقية، خلال حديثه عن الارتباك والمعلومات المضللة حول ظروف النيجيريين الذين يعيشون فى الصين، قال "إن هذا وقت الأعصاب المتوترة".
وأوضح قائلا إن العلاقات بين الصين ونيجيريا يجب ألا تتأثر أبدا، بسبب الجدل الدائر حول فيروس كورونا الجديد.
الحقيقة الأخرى هي أن الصين ظلت تدعم بقوة جهود أفريقيا لمكافحة كوفيد-19 منذ انتشاره في القارة. وعلى الرغم من الضغط المستمر لاحتواء الوباء في الداخل، تبرعت الصين بمعدات الوقاية الشخصية، وقدمت أموال إغاثة، وأرسلت خبراء طبيين ذوي خبرة، وهي على أهبة الاستعداد لمساعدة البلدان الأفريقية إلى أقصى حد ممكن.
لقد وصلت آخر دفعة من الإمدادات الطبية التي تبرعت بها الصين يوم الخميس إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ومن المتوقع أن يتم نقلها إلى أنغولا والكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وجيبوتي وليسوتو ومدغشقر وناميبيا والنيجر ورواندا والصومال وكذلك زنجبار في تنزانيا، والمزيد من المساعدات قادم بالتأكيد.
وتبادل خبراء ومسؤولون صينيون من إدارات الصحة والجمارك، تبادلوا عبر مؤتمرات الفيديو، المعلومات والخبرات حول كوفيد-19 مع متخصصين من الاتحاد الأفريقي، والمركز الأفريقي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، والعديد من البلدان الأفريقية.
ومع استمرار حالات كوفيد-19 في الارتفاع في جميع أنحاء القارة الأفريقية، أرسلت الحكومة الصينية فريقا مكونا من 12 عضوا من الخبراء الطبيين الصينيين في 16 أبريل، بناءً على طلب الحكومة الإثيوبية. وفي اليوم نفسه، وصل بعض الخبراء الطبيين الصينيين الآخرين إلى بوركينا فاسو. كما قامت الصين بتفعيل فرقها الطبية المتمركزة هناك للمساعدة في مكافحة هذا الفيروس.
وهناك ما يقرب من 1000 من العاملين الطبيين الصينيين يعملون في أفريقيا على المدى الطويل، وفقا للجنة الصحة الوطنية الصينية.
-- التعاون ضروري
قال مافا سيجاناماني، الممثل الدائم لليسوتو لدى الاتحاد الأفريقي واللجنة الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة حول أفريقيا، إن دعم الصين "ضروري" لجهود أفريقيا لمكافحة كوفيد-19.
وأضاف سيجاناماني، وهو أيضا سفير ليسوتو لدى إثيوبيا، أنه "نحن سعداء بأن الصين، حكومة وشعبا، في طليعة هذا الكفاح الخاص. وبالتعاون مع جميع شركائنا الدوليين، سنتمكن من تحقيق الانتصار".
وفقا لمركز السيطرة على الأمراض في أفريقيا (CDC Africa)، تجاوز عدد الوفيات الناجمة من كوفيد-19 المستمر في القارة الأفريقية، 1300 حالة وفاة، مع ارتفاع عدد حالات الإصابة المؤكدة إلى 27852 حتى بعد ظهر الجمعة.
قال كوستانتينوس بي تي كوستانتينوس، الذي عمل مستشارا اقتصاديا للاتحاد الإفريقي ولجنة الأمم المتحدة حول أفريقيا، قال في حديث مع ((شينخوا)) يوم الجمعة إنه "يجب على المجتمع العالمي إقامة شراكة قوية إذا كان العالم حريصا على تجاوز هذه الأزمة".
وأشار كوستانتينوس إلى أن كلا من الحكومة الصينية والشركات الصينية، قد واصلت في الأسابيع الأخيرة إرسال شحنات من الإمدادات الطبية إلى البلدان التي تضررت بشدة في جميع أنحاء أفريقيا، وقال إن الصين "تسعى من أجل التنسيق العالمي في إدارة جهود كبح تفشي فيروس كورونا الجديد"، مؤكدا أيضا "وتسعى جاهدة لأخذ زمام المبادرة في الجهود ضد أزمة هذا الفيروس".
من جانبه، قال سيبوسيسو مويو، وزير الشؤون الخارجية والتجارة الدولية في زيمبابوي "إن كوفيد-19 تهديد عالمي، يؤثر على كل فرد من سكان كوكب الأرض، دون أدنى مراعاة للعرق أو الوضع الاجتماعي أو الثروة أو أية طبقات أخرى من الطبقات المختلفة التي تم خلقها على مر القرون، لتفريقنا عن بعضنا البعض".
وأضاف "أن الافتراضات المضللة فيما يتعلق بمنشأ (الفيروس) وما يترتب عليها من إلقاء اللوم، لا تأخذنا إلى أي مكان، بل تجعل الوضع الصعب أكثر تعقيدا وتؤثر سلبا على العلاقات بين الدول والشعوب المتآخية".
وقال مويو أيضا "لذلك، دعونا لا نسمح لأنفسنا بأن ننحرف جانبا أو نتجاهل المهمة الرئيسية المُلحة أمامنا، من خلال الانخراط بأي شكل من أشكال الوصم أو الاتهام أو اللوم".
أما الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية الإثيوبية، تيولدي جبرماريام، فأكد خلال تعليقه على مساهمات الصين في أفريقيا، على أن "اللوم ليس هو الجواب. والجواب هو أن تعمل المنظمات والبلدان والمؤسسات والحكومات على جمع مواردها معا لتتعاون لتوفير مثل هذه الأنواع من الإمدادات الطبية والمعدات الضرورية لحماية الناس. لذا، (فمساهمات الصين) مثال جيد جدا".
-- صداقة خالدة
على الرغم من التحديات الناجمة عن وباء كوفيد-19، قال خبراء أفارقة إن العلاقات طويلة الأمد بين افريقيا والصين، والقائمة على الاحترام والتفاهم المتبادلين، ستبقى كما هي أو تصبح أقوى.
قال أوين سيشوني، المدير السابق في معهد داغ همرشولد لدراسات السلام والصراعات، بجامعة زامبيا، إن "الأوبئة أو الخلافات تأتي وتذهب، لكن العلاقات بين أفريقيا والصين ستبقى لأنها مبنية على مبادئ وفهم سليمين".
وأضاف البروفيسور سيشوني "أن التجارة بين أفريقيا والصين ستستمر، وكذلك التبادلات العلمية والثقافية بين الجانبين، لأنهما جزء من علاقاتهما".
قال لورانس باندا، نائب الأمين العام لاتحاد السلام العالمي- فرع زامبيا، "لقد قطعت الصين وأفريقيا شوطا طويلا في صداقتهما. ولكليهما الكثير لإظهاره لتوطيد علاقاتهما الودية"، مشيرا إلى أن دعم الصين لأفريقيا في مكافحة كوفيد-19، دليل على التزامها القوي تجاه القارة.
وأضاف باندا "أن الجهود المشتركة بين أفريقيا والصين، لمكافحة كوفيد-19، ستساعد بالمزيد في توطيد العلاقات، التي من المتوقع ان تمضي قدما بسلاسة".