-1-
"كل ما دق الكوز بالجرة" مثل عربي قديم يضرب للدلالة عن تكرار حدوث أمر ما. والأصل في هذا المثل هو أن الناس قديما كانوا يحفظون الماء الذي يشربون منه في منازلهم في جرار من فخار وكانوا يضعون كوزا من المعدن يملأونه من الجرة ليشربوا منه فيرتطم الكوز بعنق الجرة كلما أراد احدهم أن يشرب.
ذكرني احد الاصدقاء بقصة الخمسة بالمئة وعزم الحكومة خصمها من رواتب الموظفين كما خصمتها حكومات سابقة مرة دعم ومرة تضامن ومرة مساهمة ومواجهة الجائحة والقصة ليست اوجه الصرف ولسنا مناعين للخير او التضامن او...التضامن والتكافل سواء المحلي او الاممي..ولكن طرح اسئلة مشروعة حول قانونية والخصم ولماذا خمسة ومن يضمن ان لا تكون المرة القادمة سبعة او عشرة او اكثر او اقل..وهل الصدقة او المساهمة والتكافل والشعور الجمعي تفرض قسرا وهل استنفذت كل الحلول لتصل الى قوت الموظف او المواطن.
بداهة الراتب للموظف او لاي مستخدم هو حق مكتسب لا يجوز لاي جهة الانتقاص منها الا بنص قانوني او لوائح تنظيمية متعلقة بالعقوبات وحالات الخصم باختصار اتفاق مسبق وفي حالة الموظف لا يجوز لاي احد ان يجبره على التبرع او المساهمة قسرا, واذا قلنا هناك حالات تستدعي الاستنفار او الاستثناء يجب ان يتم قرار الخصم بقانون يصدر عن الجهات التشريعية وفي حالتنا الفلسطينية الاقرب الى المشروعية ان يصدر عن السيد الرئيس محمود عباس قانون بقرار الخصم النسبة التي ترونها مناسبة. واضعف الإيمان ان تتم مشاورة الموظف ولو من باب رفع العتب.
رمقني صديقي بنظرة تقريبا معناها..بالفلسطيني "خش...ب.."...... قانونية ومش قانونية ...وبرستيج المشاورة .....تذكرت تجارب دول مجاورة ولنفس الازمة طرحت مشروع قانون يتيح الخصم متعلق بالجائحة والازمات المتشابهة وتحديدا الناحية التنفيذية واتباعه اسلوب الشرائح المستخدم بالضرائب او استهلاك الكهرباء, وبشكل أوضح مثلا مجرد توضيح من دخله اقل من 2000 او ثلاثة الاف شيكل يعفى من الخصم, الشريحة الثانية حتى خمسة الاف شيكل يخصم 5 بالمئة الشريحة الثالثة 10 بالمئة. اكثر من 10 الاف 15 بالمئة وهكذا وهل يعقل واحد راتبه الحد الادنى للاجور وان الحملة كلها لمساعدة المواطنين وهو احدهم ان يساهم بشيء لا يملكه.
وقاطعني صديق قائلا وحتى ما تتفلسف وتحكيلي "بحصة او صرارة, بتسند زير او جرة" متوسط فاتورة رواتب الموظفين الشهرين 200 مليون دولار, وبالعودة للأزرار الآلة الحاسبة فان الخمسة بالمائة تساوي عشرة مليون دولار وتاثيرها الاقتصادي والنفسي على ذوي الرواتب الضعيفة اكثر عشرات المرات من حجم الاستفادة من قبل الدولة.
تذكرت ان حجم صافي ارباح القطاع الخاص للعام 2019 وفقا لاقرارات مالية صادرة عنهم وليست تقارير سرية وصلت الى 700 مليون دولار أي ان نسبة الخصم الخمسة بالمئة من بضع أشخاص رجال أعمال ومستثمرين 35 مليون دولار
وليس من باب الحسد ولا ضيقة العين ارباح مؤسسة مصرفية 80 مليون دولار واخرى خمسين والاتصالات 70 مليون وباقي المؤسسات بين خمس وسبعة وعشر مليون دولار واكبر مساهمة بالكاد وصلت لمليون دولار أي يا دوب 1 بالمئة من صافي الارباح.وصندوق وقفة عز رغم تلك الملايين بالكاد 13 مليون دولار بما فيها تبرعات الغلابى
وسيبونا من قصة كل ما دق الكوز بالجرة...نركض للموظف او المواطن ما ظل ولا نقطة مية ولا صرارة وبحصة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت