ماذا ينتظر صحفيونا لقرع جدران الخزان؟!

بقلم: وسام زغبر

وسام زغبر

صحفيو العالم يُحيون اليوم العالمي لحرية الصحافة في الثالث من أيار «مايو»، والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993، والذي يأتي هذا العام في ظل ظروف استثنائية تُشغل العالم في مكافحة جائحة كورونا، فيما ينشغل الصحفيون في تغطية أخبار الجائحة وكيفية مواجهتها على الصعيد العالمي، بينما تُصدر نقابة الصحفيين والكتل والتجمعات والمؤسسات الصحفية الفلسطينية إلى جانب النقابات والاتحادات العربية والدولية بيانات بهذه المناسبة العظيمة والتحديات التي تواجه الصحفيين أثناء قيامهم بواجبهم ومهنتهم النبيلة، وتعرج الكتل والتجمعات الإعلامية الفلسطينية ببيانات الشجب والاستنكار للاعتداءات والانتهاكات الجسيمة ضد الصحفيين الفلسطينيين من قبل الاحتلال الإسرائيلي أو الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وضرورة وقفها.

إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لا تُضيّع فرصة إلا وهي تواصل سياسة ممنهجة بحق الصحفيين والنشطاء وتقويض دورهم الوطني والمجتمعي النبيل ومنعهم من القيام بدورهم في كشف الجرائم الإسرائيلية تارة بإطلاق النار صوبهم، وتارة باعتقالهم أو احتجازهم، وتارة أخرى بالاعتداء المتكرر عليهم أثناء قيامهم بمهنتهم النبيلة، مستغلاً انشغال العالم بمكافحة جائحة كورونا.

ففي الوقت الذي تسارع العديد من دول العالم إلى إطلاق سراح السجناء تفادياً لتفشي فيروس كورونا داخل المعتقلات، تُحجم دولة الاحتلال الإسرائيلي عن الإفراج عن (5) ألاف أسير فلسطيني ولا سيما الصحفيين، حيث تواصل اعتقال (12) صحفياً فلسطينياً في سجونها بينهم صحفيتين في ظروف اعتقال صعبة، وقتل العشرات منهم بدم بارد، وإغلاق العديد من الإذاعات وقنوات التلفزة الفلسطينية والعربية والدولية والتشويش على البث الإذاعي والفضائي، ورفض منح التراخيص اللازمة للعشرات من وسائل الإعلام المختلفة، ومنع الصحفيين من دخول مدينة القدس، في تعدي واضح على الحريات الإعلامية.

وتفتقر الطواقم الإعلامية والصحفيين لأدوات السلامة المهنية ولا سيما اللوازم والأدوات الوقائية لتغطية مستجدات جائحة كورونا، حيث سجلت منظمة «برس امبليم كامبين» (حملة شعار الصحافة)، منذ الأول من آذار (مارس) المنصرم وفاة 55 عاملاً في وسائل الإعلام في 23 دولة جراء كورونا.

وتتصاعد الانتهاكات ضد الصحفيين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والتي بلغت منذ بداية العام الحالي 104 انتهاكاً، فيما وصل عدد الانتهاكات في العام المنصرم 678 انتهاكاً ضد الحريات الإعلامية في فلسطين ارتكب الاحتلال منها 297 اعتداء، في حين ارتكبت الأجهزة الأمنية في غزة والضفة 200 انتهاك.

وأمام رصد هذه الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة التي يتعرض لها صحفيونا الأبطال في كشف جرائم الاحتلال وعدوانه على شعبنا الفلسطيني وأرضه ومقدساته، تقع على المجتمع الدولي والمؤسسات الإعلامية والحقوقية الدولية مسؤولية عالية بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي للإفراج عن كافة الصحافيين المعتقلين ووقف سياسة الاعتقال الإداري ولا سيما في ظل تفشي فيروس كورونا، ووقف كافة اعتداءاته المستمرة والمتصاعدة ضد الحريات الإعلامية التي تطال المئات من الصحفيين وكتاب الرأي ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.

ولا تتوقف الانتهاكات ضد الصحفيين الفلسطينيين على سلطات الاحتلال الإسرائيلي والأجهزة الأمنية في غزة والضفة، بل تتجاوز ذلك في انتهاكات أرباب العمل، فمن الصحفيين من يتقاضى أجوراً متدنية وبعض منهم يعملون دون مقابل، فيما يتعرض العشرات من الصحفيين للفصل التعسفي من العمل دون إعطاءهم أية حقوق، ودون أن تتكفل وزارة الإعلام الفلسطينية في الوقوف في وجه هذه الانتهاكات ومعاقبة مرتكبيها، ونقابة الصحفيين الفلسطينيين في اتخاذ إجراءات صارمة بحق أرباب العمل.

لم يعد مفهوماً أنه في الوقت الذي تواصل سلطات الاحتلال جرائمها وانتهاكاتها بحق الصحفيين، تواصل السلطتين في الضفة وغزة انتهاكاتها بحق الصحفيين وكتاب الرأي العام ونشطاء التواصل الاجتماعي والزج بهم في السجون والاعتداء عليهم، وعرقلة عمل الصحفيين وحجز أدواتهم الصحفية، وإجبارهم على التوقيع على تعهد بعدم التغطية دون حصولهم على إذن مسبق!.

ولم يعد مفهوماً أيضاً ونحن نطالب المؤسسات الدولية والحقوقية والاتحاد الدولي للصحفيين بحماية صحفييننا وضمان سلامتهم من بطش الاحتلال، فيما نحن الصحفيون نُطارد ونُمنع من التنقل والسفر على يد أجهزتنا الأمنية الفلسطينية!.

ولم يعد مفهوماً أن تُمنع المسلسلات الفلسطينية والعربية التي تجسد الرواية الفلسطينية وتدافع عنها في الظهور على بعض الفضائيات العربية، في الوقت الذي يتواصل التطبيع الثقافي والفني ولا تتوانى بعض الفضائيات العربية عن إنتاج المسلسلات والعروض الفنية التي تعزز الرواية الصهيونية وبث السموم ضد الفلسطينيين وحقوقهم الوطنية!.

ولم يعد مفهوماً أن تتعرض فضائيات عربية عدة للحجب عن الأقمار الاصطناعية العربية، بينما تظهر عدد من القنوات الإسرائيلية والمعادية للحقوق الفلسطينية والعربية على الأقمار ذاتها، فيما يتم استضافة مسؤولين ومتحدثين إسرائيليين على وسائل إعلام عربية إضافة إلى زيارات إعلاميين عرب لدولة الاحتلال لتجميل صورتها!.

ولم يعد مفهوماً ولصالح من، تواصل السلطات الفلسطينية العمل بقانوني «الجرائم الإلكترونية» و«سوء استخدام التكنولوجيا»، وعرقلة إقرار قانون الحصول على المعلومات وتطوير التشريعات والقوانين الناظمة لحرية العمل الصحفي بما يتوافق مع المواثيق والمعايير الدولية!.

تضحيات الصحفيين الكبيرة لا تُقدر بثمن، ولا يمكن للمؤسسات الحقوقية والدولية والنقابات والاتحادات الصحفية العربية والدولية أن تصغى لصحفيينا وتدافع عن حقوقهم وهمومهم، دون إنهاء الانقسام، ودون وحدة أجسامنا الصحفية، ووحدة خطابنا الإعلامي، ووقف خطاب الكراهية ضد ذواتنا، ودون وحدة الصوت والشاشة الفلسطينية، ووحدة مواقفنا في نقابة الصحفيين الفلسطينيين بما يعزز الأسس الديمقراطية لإجراء الانتخابات وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، لحمل هموم الصحفيين وقضاياهم إلى العالم.

وأمام تلك التحديات الكبيرة، والأمثلة الكثيرة ألا تكفي لقرع جدران الخزان؟! ■

بقلم: وسام زغبر

·        عضو المجلس الإداري لنقابة الصحفيين الفلسطينيين.

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت