أثار قرار بلدية النصيرات إزالة بسطات الباعة من شوارع سوق مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، سخطاً واحتجاجاً واسعاً في صفوف «أصحاب البسطات» الذين رأوا فيه تعدياً وسلباً لقوت يومهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة الناجمة عن الحصار الإسرائيلي المتواصل للعام الرابع عشر على التوالي، وتراجع الأنشطة الاقتصادية التي صاحبت جائحة كورونا.
وتظاهر عشرات الشبان من «أصحاب البسطات» (21/4) في سوق مخيم النصيرات رفضاً لقرار إزالة بسطاتهم من شوارع المخيم، مطالبين بلدية النصيرات بالتراجع عن قرارها بنقل كافة البسطات المنتشرة في الشوارع الرئيسة في السوق إلى منطقة أرض المصدَّر في الشارع المحاذي للسوق الشعبي المُقام يوم الاثنين بشكلٍ أسبوعي قبل إجراءات إغلاقه جراء فيروس «كورونا».
وقال أحد المحتجين والذي يعيل (6) أفراد لمجلة «الحرية»، «لا يوجد لديّ أي دخل سوى العمل في السوق، فمنذ عدة أيام ولم أحصل على شيكل واحد لإطعام عائلتي»، ويضيف آخر رافضاً إزالة بسطته مع تأكيده أنه مع حالة تنظيم سوق النصيرات وترتيبه وليس إزالة مصدر رزقه. فيما دعا آخر إلى إعادة النظر بقرار الإزالة نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها، وما كبدهم من خسائر كبيرة بعد حريق النصيرات في 5 آذار (مارس) الماضي الذي التهمت ناره عشرات البسطات ببضائعها.
وأوضح صاحب أحد البسطات أن صاحب الأرض التي يقيم عليها بسطته يرفض تأجيره إلى جانب أن أصحاب المحال التجارية يرفضون وضع البسطات أمام محالهم، فيما اعتبر آخرون أن خطوة بلدية النصيرات تهدف لإتباع سياسة إفقارهم دون النظر لأحوالهم الاقتصادية والإنسانية الصعبة.
ويُعد سوق مخيم النصيرات أكثر الأسواق اكتظاظاً في قطاع غزة، كون مخيم النصيرات ضيق المساحة والأكثر اكتظاظاً يعيش فيه أكثر من 80 ألف لاجئ فلسطيني مسجلين في وكالة الأونروا.
البدائل والحلول
ويرى بعض «أصحاب البسطات» أن البدائل والحلول التي وُضعت لهم وبموجبها سيتم إزالة البسطات، لا ترقى لهمومهم كون المكان الجديد بعيداً عن مركز المدينة التجاري، فيما يرى آخرون أن إزالة البسطات لا تقتصر على الإجراءات الاحترازية لمواجهة جائحة كورونا بل سيطال الأمر إلى ما بعد انتهاء الجائحة كأمر واقع.
وكانت بلدية النصيرات قد أعلنت في وقت سابق أنها ستشرع بإزالة تعديات المحلات التجارية على الأرصفة ونقل البسطات العشوائية من الطرق والشوارع الرئيسة إلى أرض سوق المصدّر. موضحة أن هذه الخطوة تنظيمية تهدف للحد من الازدحام المروري.
وبين رئيس بلدية النصيرات المكلف موسى جبر، أن المرحلة الحالية تتطلب تكاثف جهود الجميع في ظل ما تتميز به النصيرات من خاصية تجارية، دفعت التجار وأصحاب رؤوس الأموال للاستثمار فيها، بالإضافة إلى الكثافة السكانية الكبيرة. مشدداً على منع أي تواجد للبسطات في الشوارع الرئيسية، بالإضافة إلى إزالة كافة اليافطات التي تُعيق الرؤية وحركة مرور المشاة.
المتضرر «أصحاب البسطات»
وعقبّت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان (26/4) على قرار بلدية النصيرات بالقول: «نقدر كل الإجراءات والتدابير الوقائية للحفاظ على سلامة المواطنين وتنظيم الأسواق في ظل جائحة كورونا»، مؤكدة أن المتضرر الأول من هذه الخطوة هم «أصحاب البسطات» الذي يعيشون الفقر وظروف معيشية واقتصادية صعبة، ويجب عدم المساس بمصدر رزقهم في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها المواطنون جراء الانقسام السياسي والحصار الإسرائيلي، وانعكاسهما على جميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب جائحة فيروس كورونا.
ووفق «الضمير»، «أجبرت بلدية النصيرات يوم (19/4) بعض أصحاب البسطات على نقل بسطاتهم لمكان غير مجهز، وأمام المحال التجارية بشكل عشوائي ما أدى لنشوب خلافات مع أصحاب المحلات، ما دفع بتدخل الشرطة لفض الخلافات بينهما». موضحة أن البلدية وزعت على «أصحاب البسطات» رقما لمكان مخصص لهم في سوق الاثنين مقابل دفع 400 شيكل (أكثر من 100دولار) لضامن السوق.
جبايات أكثر!
وطالبت «الضمير» الجهات المعنية بتوفير وتنظيم أماكن بديلة لأصحاب البسطات تتوفر فيها الحد الأدنى من شروط السلامة، على أن تكون مجانية لضمان الحياة الكريمة لهم ولأسرهم. ويرى مراقبون فلسطينيون أن البلديات في قطاع غزة لا يهمها مصلحة المواطن بالدرجة الأولى بقدر ما يهمها كيفية زيادة الجبايات ودون تقديم خدماتها المثلي للمواطنين.
وفند المراقبون خطوة البلدية إزالة البسطات بالقول «ليست هدفها بالأساس تنظيم السوق ومنع التجمعات جراء جائحة كورونا كون المولات والتجمعات التجارية والأسواق تشهد ازدحاماً كبيراً».
ودعا المراقبون البلديات في القطاع وخاصة بلدية النصيرات للعدول على خطوتها بإزالة البسطات، وإن كانت تنظيمية، نظراً للأوضاع الاقتصادية المتردية في قطاع غزة والتي بالكاد يحصل «أصحاب البسطات» على قوت يومهم. مشددين على ضرورة طرح البديل المناسب لـ«أصحاب البسطات» وبما يلبي احتياجاتهم وحصولهم على قوت يومهم.
والجدير ذكره، وفق آخر الإحصائيات؛ فإن جائحة كورونا أضافت نحو 20 ألف عاطل عن العمل في غزة، ليلحقوا بأكثر من 200 ألف متعطل أصلًا بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة