تطمح السلطات الفلسطينية التي تعمل بلا هوادة للوصول إلى لحظة الإعلان التالية: "تعلن الحكومة الفلسطينية شفاء آخر مصاب بفيروس الكورونا واستئناف الدورة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد". هذا حلم السلطة الذي تصل من أجله الليل بالنهار وتسخّر في سبيله كلّ ما يمكن تسخيره، وهو حلم الكثيرين الذين طال بهم الأمد محجوزين في بيوتهم.
التعامل مع فيروس خطير كفيروس الكورونا كالتعامل مع عدوّ عسكري، يحمل السلاح ويريد احتلال الأرض، يقتضي إعلان حالة حرب وإن ضمنيّاً. التصرّف في زمن الأوبئة العامّة كما التصرف في الحروب: الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة والحكومة تعمل تحت إشرافه وتجب في هذه الحالات الطاعة وعدم الاعتراض على تعليمات القيادة. لا ينبغي طبعاً الخلط بين وجوب الالتزام بتوجيهات السلطات مع قمع الناس، لكنّ المقصود هنا عدم الالتفات للمزايدات السياسيّة أو تشتيت الذهن بصراعات جانبيّة أمام الخطر الداهم الذي تواجهه فلسطين.
لا معنى في أوقات مثيلة للانتماءات السياسية: هذا تابع لفتح والآخر متعاطف مع حماس وذلك ناشط بالجبهة الشعبية. في أحوال الحرب هناك قيادة مركزية واحدة وجنود، ولولا ذلك ما انتصر أيّ جيش في معركة من معاركه. من ناحية أخرى، إنّ الحديث في هذه الزمن عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي غير ضروري وقد يكون مضرّاً أحيانًا. إسرائيل ذاتها تزوّد فلسطين بمعدات لوجستية وتدعمها بخبراتها الطبية.
لا معنى إذن في وضع مثيل لتأجيج الصراع فمصالح الطرفين مترابطة نظراً للتقارب الجغرافي ولكثافة الحركة الاقتصادية بينهما. إنّ خروج فلسطين من أزمة الكورونا بأخفّ الأضرار سيجعلها قادرة على التعافي في وقت وجيز واستئناف نضالات شعبها العادلة من أجل حياة كريمة وحرّة، لكن ما لم تتجاوز فلسطين الأزمة الراهنة، فستكون العاقبة قاسية على الجميع وستكون الأضرار واسعة بشكل لا يسمح بالتعافي السريع.
لارا أحمد
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت