نظم المؤتمر الشعبي لفلسطيني الخارج بالتعاون مع مركز راجع للعمل الوطني، عبر منصة (zoom)، أمسية رمضانية تضامنية مع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال "الإسرائيلي"، بعنوان "قصص خلف الجدران"، وتأتي ضمن حملة "لستم وحدكم كلنا معكم"، وتناولت في فقراتها شهادات لأسرى محررين.
وشارك في الأمسية، التي أدارها الإعلامي هشام جابر، الأسيرة المحررة لمى خاطر، والأسير المحرر ليث البرغوثي، والدة الأسيرة ميس أبو غوش، والشبل المحرر عبد الناصر عودة، والأستاذة رزان عابدين نائب رئيس مركز راجع، والفنان محمد أبو خنفر.
وافتتحت الأمسية الرمضانية، رزان عابدين بكلمة ترحيبية، كما عرفت بحملة "لستم وحدكم كلنا معكم" وأهدافها، وشرحت الدور الذي يقوم به مركز راجع في خدمة القضية الفلسطينية.
وفي تقديمه للأمسية، أوضح الإعلامي هشام جابر حجم المعاناة التي يعيشها الأسرى، من خلال ملامسة الجميع لها، بعد أن باتوا سجناء بحكم فيروس كورونا، على الرغم من توافر جميع وسائل التواصل وإمكانيات مجابهة الفيروس.
كما عرج جابر إلى الاعتقالات وأعداد الأسرى في فلسطين التاريخية، باعتبارها أرقاما قياسية مقارنة بالعالم، فقد بلغت ما نسبته 20% من أبناء الشعب الفلسطيني، ناهيك عن الأرقام المسجلة للمؤبدات.
من جانبه تحدث الأسير المحرر ليث البرغوثي، عن أوضاع الأسرى في ظل جائحة كورونا، وقال: "كما تأثر العالم بالجائحة تأثر الأسرى بشكل مضاعف لأنهم خارج المعادلة الكونية فهم في حبسهم لا يتوافر لديهم ما يتوافر لباقي العالم في مواجهة الفيروس، بل على العكس قامت إدارة السجون بسحب أصناف من مواد التعقيم ومنعت بيعها للأسرى".
وأضاف: "بصدق لا قدرة لدى الأسرى على حماية أنفسهم، إدارة السجون تقوم بعد الأسرى 3 مرات يوميا، فيختلط السجانين بالأسرى، وهذا ما يخيف الأسرى أن يتم نقل العدوى لهم من السجانين، فلا يمكنك أن تشتري المعقمات ولا الكمامات ولا أن تطهر القسم، بالإضافة إلى أن مناعة الأسرى ضعيفة، بسبب نوع الطعام وقلة الكمية، وطبيعة الحياة كأسير".
ونقل البرغوثي، صور من طبيعة حياة الأسرى داخل الأسر فقال:" الزيارة كانت يوم عيد للأسير، وخاصة لمن هو محكوم بأحكام عالية، وكأنه يوم الإفراج عنه، وكذلك الانتهاكات التي تمارس على الأسرى، من عمليات النقل المؤقتة للأسرى بدون أي مقتنيات ولأيام ثم إعادتهم للمعتقل بهدف إزلالهم، والتنقلات عبر البوسطة ومعاناة ركوبها، والإهمال الطبي، ومعظم الأسرى القدامى يعانون من أمراض في الأمعاء والظهر، والعلاج في السن يحتاج إلى إجراءات طويلة".
وفي ختام مشاركته، وجه البرغوثي رسالة، بضرورة الوقوف إلى جانب عائلات الأسرى وتقديم الدعم لهم، وإشعارهم بالتضامن معهم وبتضحيات أبنائهم، وطالب السلطة الفلسطينية باعتبارها الجهة المفروض أن تدافع عن الأسرى بأن "تفعل قضيتهم بشكل أكبر على الصعيد الدولي، وأن لا يتم التعامل مع الأسرى على أنهم أرقام، بل هم جزء من عائلات وهم بشر وله أحلامهم".
بدورها، تطرقت أم حسين والدة الأسيرة ميس أم غوش والشهيد حسين أبو غوش، إلى موضوع الزيارات والتواصل مع ابنتها المعتقلة، وقالت: " الزيارات ممنوعة على جميع الأسرى والأسيرات، وحتى أن الأسيرات لا يرون بعضهن البعض، بعد أنباء عن إقفال الغرف فيما بينهم، ولا يوجد تواصل منذ شهرين مع ابنتي، والاتصالات منقطعة، ورغم أنه سمح للأسرى بالاتصال مع أهاليهم، ولكن ابنتي و3 أسيرات منعن من الاتصال بأهلهم بقرار من إدارة السجن".
وأشارت أم حسين إلى أن ابنتها جرى الحكم عليها بالأمس عن طريق اتصال فيديو مع المحكمة من سجنها، وحكمت 16 شهرا وألفي شيكل.
ونوهت إلى أن العائلة تمكنت من الاطمئنان عليها، من خلال صديقات لها واتصالهم مع أهلهم، إلا أنها تشتكي من وجع ظهرها بسبب التحقيق العسكري معها في بداية اعتقالها.
وروت والدة الأسيرة نقلا عن ميس، فصول التعذيب التي تعرضت لها ابنتها، فقالت: "تجربة ميس صعبة، تعرضت للضرب والشبح لساعات، ومنعت من النوم، واتبعوا معها أساليب لتخويفها، كإدخال جرذ عليها، لمدة شهر ونصف وجرى اعتقال أخوها لمدة 4 أشهر، واستدعائنا للمسكوبية للتحقيق للضغط عليها".
وأضافت: "أول ما رأيناها لم نعرفها لتغير شكلها نتيجة التحقيق، كانت تتلقى الصفعات على وجها، تعاملوا معها وكأنها شاب من فترة الاعتقال في البيت وفي التحقيق".
ونوهت إلى أن العائلة بمساعدة مؤسسة الضمير، تتابع قضية ابنتها قانونيا ودوليا، وطالبت أبناء الشعب الفلسطيني باعتبارهم الأولى في دعم الأسرى، بمزيد من الدعم، وإن كانت الأوضاع الحالية تمنع التجمهر لصالح الأسرى، فأن يكونوا مستعدين لإعادة تنظيم هذه الفعاليات، حتى الإفراج عن الأسرى كلهم.
الأسيرة المحررة والإعلامية لمى خاطر، أوضحت أن أوضاع الأسرى اليوم، صعبة للغاية، ويعاني الأسير "شبهة عزلة وهي تعمقت بعد الجائحة والمنع النهائي للزيارات ومنع الأهالي من حضور المحاكمات والأسير اليوم يحضر محاكمته عن طريق الفيديو، وهذا ترتب عليها المزيد من الصعوبات وخاص على الأسيرات"
وأضافت: " هناك نقص في الأموال لدى الأسرى، والملابس، التي كانت تصل بالزيارات ولم تعد تصلهم بعد منع الزيارات، والأسير ممنوع من الذهاب للعيادة، وكذلك العلاج ممنوع داخل السجن، والأسرى المرضى أوضاعهم صعبة جدا".
وأشارت خاطر إلى أنه لدى الاحتلال "نظام حديدي ليس من السهل أن يغير من خطوات التعامل مع الأسرى إلا بخطوات نضالية عالية".
وأكدت خاطر على أن "التواصل مع المؤسسات الدولية، والمفترض أن يكون من أهم أولويات السلطة في هذا الظرف لا يأتي بنتائج من شأنها أن تحدث ضغطا على الكيان الصهيوني، وأن حركة الميدان متوقفة فالناس في بيوتهم لا يمكن الضغط في مجال الميدان، فالمجال الوحيد لتغير الاحتلال من معاملته وإعطاء الأسرى مزيد من التسهيلات هي الخطوات النضالية داخل السجن".
وثمنت خاطر، الجهود التي تقوم بها بعض المؤسسات المحلية، في الدفاع عن الأسرى ومناصرة قضاياهم، وجهود مؤسسات في الداخل الفلسطيني، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن السجان ليس من السهل أن يتراجع إلا بخطوة نضالية.
وفي ردها عن ممارسات الاحتلال تجاه المرأة الفلسطينية إن كان لها معاملة خاصة أجابت خاطر: "المراعاة الوحيدة لخصوصية الأسيرات هو عند اعتقالها وجود مجندة، وما عدا عن ذلك نفس الانتهاكات، فالاعتقال يصادم خصوصيتها، وهي تتعرض لاستغلال لوضعها كامرأة للضغط عليها، كأن يأتي بصور لابني وهو يبكي من تقرير تلفزيوني أو تهديد اعتقال أبنائي، بالإضافة إلى وجود كاميرات في ساحة الفورة تقيد من حركة الأسيرات، فلا يمكنها أن تخلع حجابها ولا تتمكن من لعب الرياضة مثلا، وكذلك حمامات الاستحمام هي خارج الغرف، فتضطر في استخدام الحمام في أوقات ضيقة يزيد من الضغط عليها".
وتابعت: "الهدف من اعتقالنا وهذا ما جاء على لسان المحققين، إيصال رسالة إلى مجتمعنا الفلسطيني وإلى تنظيماته، أنه لا معاملة خاصة للمرأة لدى الاحتلال، وأنه يستطيع احضار أي أمرأه من بيتها للتحقيق".
واختتمت خاطر مشاركتها في توجيه رسالة قالت فيها: "حاجة الأسرى للحرية، قبل الحاجة إلى تحسن ظروف الاعتقال ونحن نعلم أن مفتاح الحرية لا يملكه الجميع، ولكن كل إنسان مطلوب عليه أن يقف على الثغر الذي يقف عليه، وأولهم المجاهد، ولكن هناك مستويات أخرى من خلال الحقوقي والإعلامي والسياسي والتفاعل الشعبي، ولكن المهم أن يدعم الإنسان هذه القضية، ويجب التعامل مع الأسرى كقصص إنسانية، والتضامن مع الأسرى في السجون ودعم عائلاتهم".
وعن أوضاع الأسرى المحررين الأشبال، روى الأسير المحرر عبد الناصر عودة، قصة اعتقاله حينما كان في سن الرابعة عشرة ونصف، وبعده عن أهله في هذا السن، وتعرضه للتحقيق واصفا إياه بالهمجي، ومأساة النقل التي تعرض لها عبر البوسطة (وسيل نقل الأسرى من السجون إلى المحاكم أو إلى المعتقلات الأخرى)، بما تضمنه الاعتقال من فترة تحقيق قاسية تعرض فيها للضرب والشتائم والإهانات.
وأضاف: "معاناة الأشبال في عمرهم، والمعاناة الثانية هي بعدهم عن الأسرى الكبار، وهذا الشيء يجعل من إدارة السجن تستفرد فيهم، ولكن بجهود الحركة الأسيرة تم التوصل إلى الاتفاق مع إدارة السجون، على السماح للأسرى الكبار أن يكونوا ممثلين للأسرى الأشبال ويتواصلوا بدورهم مع إدارة الأسرى".
وتابع: "الزيارات كانت نادرة، وكانت هناك محاولات من المخابرات الإسرائيلية لربط الأشبال بهم، وهذا ما دفع الحركة الأسيرة للتحرك للحفاظ عليهم".
وأشار المحرر عودة إلى عدم قدرته على إكمال الدراسة، نتيجة الاعتقال، فحرم من إكمال الدراسة مع أصدقائه حينها، منوها في الوقت ذاته إلى محاولته لاستكمال دراسته في السجن، ولكن كانت "صعبة للغاية خاصة بموضوع ادخال الكتب، وتسهيلات للصف التوجيهي التي كانت بفضل ضغوط خارجية، السجن له دور كبير في عدم قدرتي على استكمال التعليم".
ودعا عودة إلى التضامن مع الأسرى والتفاعل مع مواضيعهم والتذكير بأوجاعهم ومعاناتهم، عبر تنظيم الندوات والمحاضرات، وهذا ما يشعر الأسرى وأهلهم أن تضحياتهم لم تذهب سدى.
وتضمنت الأمسية الرمضانية، فقرة فنية، شارك فيها الفنان محمد أبو خنفر، منشدا عددا من الأغاني الداعمة للأسرى والمثمنة لتضحياتهم، مشيرا في الوقت ذاته إلى أهمية ودور الفن الفلسطيني الملتزم بالقضية، في توثيق ونقل معاناة الأسرى وإظهار تضحياتهم.
يذكر أن حملة "لستم وحدكم كلنا معكم" التضامنية مع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، تهدف إلى دعم الأسرى وتسليط الضوء على واقعهم والانتهاكات "الإسرائيلية" بحقهم، وخاصة في ظل أزمة فيروس "كورونا" ومخاطر إصابة الأسرى بالعدوى جراء سياسة الإهمال الطبي المتعمد من قبل الاحتلال، كما تسعى الحملة إلى تدويل قضية الأسرى في المحافل الدولي، للضغط على الاحتلال للإفراج عن الأسرى