كما هو معلوم البعد العربي في معادلة الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي قد بدا واضحا في المجالات الاتية على وجه الخصوص :1- تمثيل الشعب الفلسطيني .2- قضية القدس .3- قضية اللاجئين .4- المقاطعة العربية لإسرائيل. 5- دعم الشعب الفلسطيني في نضاله ضد اسرائيل .5- دعم حقوق الشعب الفلسطيني على المستوى الدولي .وعليه ، فإن القضية الفلسطينية بجوانبها المتعددة هي الاساس لمعظم مؤتمرات القمم العربية منذ أوائل الستينات من القرن العشرين بل وحتى من قبل انعقاد قمة أنشاص عام 1946 والتي أكدت قراراتها صراحة ان فلسطين بلد عربي لا يمكن ان ينفصل عن البلدان العربية الاخرى من جانب أول وكذلك أكدت قرارات القمم العربية منذ مؤتمر الاسكندرية عام 1964 ثم مؤتمر الجزائر ومؤتمر الرباط عام 1974 ، على ان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني من جهة ثانية ولا العرب ولا الفلسطينيون حاولوا الاستفادة من دروس الخبرة التاريخية ذات الصلة بتطورات الصراع العربي الاسرائيلي ، ومنها على وجه الخصوص ان الولايات المتحدة الامريكية التي وضعت كل ثقلها وإمكاناتها لخدمة دولة اسرائيل لا تقبل بأي حال من الاحوال التراجع عن ذلك أخيرا.
وعلى ضوء ما ذكر أعلاه ، ورغم الاوضاع الجارية في البلدان العربية قبل انتشار فيروس الكورونا أو بعد انتشار فيروس الكورونا تبقى القضية الاهم لشعوبنا العربية هي القضية الفلسطينية باعتبارها القضية الام وجوهر الصراع العربي - الاسرائيلي. ولا ننسى بأن جميع المواقف الرسمية وغير الرسمية في البلدان العربية تؤيد الحل القائم على العدالة بما يعيد للفلسطينيين حقوقهم الشرعية وفي مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفقاً لقرار الجمعية العامة رقم 194 لسنة 1948 .. ورغم معرفتنا الدقيقة بانشغال الشعوب العربية بأولوياتها الداخلية والتي تكمن بالقضاء على فيروس الكورونا حاليا ولقمة العيش والبطالة والحقوق والحريات العامة ومسائل الديمقراطية والتعددية .. الخ. وهذا لا يعني مطلقاً بأن هذه الشعوب نسيت القضية الام فلسطين بل على العكس القضية الفلسطينية راسخة في قلوب ووجدان كل العرب اجمعين .. حالياً هناك مشاكل داخلية بحاجة لحل ومن ثم ستتفضى الشعوب العربية الى مساندة الشعب الفلسطيني في قضاياه العادلة .. لكن الملفت للنظر بأن اسرائيل تتحجج بالأوضاع داخل بعض الدول العربية لتتهرب من مستحقات العملية السلمية لتطبيق مبدأ حل الدولتين وترجع ذلك الى عدم الاستقرار في هذه البلدان .. وهذه الحجة عارية عن الصحة تماماً بأن الذي يزيد التوتر في المنطقة العربية هو رفض اسرائيل العودة الى المفاوضات وتحديد مرجعية عملية السلام.
ونحن كفلسطينيين نقدر للشعوب العربية حالياً ظروفها وأولوياتها للوصول الى الاستقرار وتشكيل الحكم السديد لحل المشاكل الداخلية فيها أولاً ونعلم جيداً بأن العرب مجتمعين يؤيدون الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. كما نحن نعلم جيداً بأننا نقف على نفس المسافة من اشقائنا العرب في دعم قضاياهم الداخلية كما تقررها شعوبها ثانياً ومواقفنا الداخلية كفلسطينيين نابعة من أن قوة الموقف العربي المشترك اساس المساندة الحقيقية لنا كفلسطينيين ثالثاً ونحن مع قرارات الشعوب العربية في تحقيق مصيرها وتحديد نظام الحكم فيها على قاعدة عدم التدخل في شؤونها الداخلية رابعاً.
وعلى ضوء الاوضاع السائدة والمتغيرات في بعض البلدان العربية تبقى القضية الام فلسطين محور وصلب تطلعات الاشقاء العرب استناداً الى الحق الفلسطيني غير القابل للتصرف من جهة وان القدس تبقى روح الامة العربية بمسلميها ومسيحييها على اعتبارها مهبط الديانات السماوية الثلاث من جهة اخرى.
لذا ، فإننا كفلسطينيين نتطلع الى امتنا العربية في الوقوف الى جانب شعبنا في حق تقرير المصير الذي يقوم على اساس حق الشعوب المضطهدة في تقرير مصيرها ، أي التحرر من الاستعمار والسيطرة وتأسيس دولة مستقلة ذات كيان سياسي مستقل بناءً على أن الشعوب متساوية في هذا الحق ، فمن الطبيعي أن يكون للشعب الفلسطيني الحق في تقرير مصيره ، وفي انشاء دولته المستقلة التي عاش فيها منذ ألاف السنين ، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
وفي الوقت الراهن يجب القول صراحة بان منطقتنا العربية والإسلامية تعيش ظروف جعلت القضية الفلسطينية تمر بأخطار على كافة الأصعدة ، وأن الوضع العربي الراهن مفكك وغارق حتى أذنيه في همومه الداخلية ، وبالسعي المرعوب للاحتماء من مخاطر عاصفة إعادة التشكيل المحتملة لجغرافية المنطقة ونظمها السياسية. حيث حالة القلق والارتباك واللامبالاة العربية قد بدلت سلوك البعض نحو قضية فلسطين ، بحيث أصبحت الاتفاقات الفلسطينية - الإسرائيلية ذريعة للبعض من أجل التطبيع مع إسرائيل والتنصل من أية التزامات ، وهناك من اتخذ موقف النقد والغضب ، وحصيلة كل هذا أننا خسرنا وحدة الموقف العربي المؤيد لقضية فلسطين كقضية مركزية للأمة العربية.
بقلم : الدكتور حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت