أخشى أن نقول هذه الجملة المشهورة من جديد "يا ريتهم قسموا" بعدما قالها أسلافنا من قبل , وتحديداً بعد النكبة , بعد سنة واحدة من مشروع قرار التقسيم والذي رفضوه العرب , رغم أنه يعطينا الكثير نسبة لما نطالب فيه اليوم , فالجميع يعلم ماذا أعطانا قرار التقسيم , وماذا نطالب اليوم (...) , وليت الموضوع يقتصر على ما نطالب فيه اليوم فقط , بل إنه تطور حتى وصل الى مرحلة أن القليل الذي نطلبه اليوم ترفضه إسرائيل .
اليوم وبعدما خرجت غزة من حسابات الضفة والقدس بسبب الإنقسام , إستغلت إسرائيل هذا الوضع ورسمت خطة بقلم أمريكي وأسمتها "صفقة القرن" وهذا الإسم كناية عن أنها فرصة العرب الأخيرة ويجب أن لا يضيعوها مثلما حدث في قرار التقسيم , لنعود ونقول "يا ريتهم قسموا" وبالطبع هذه الخطة عبارة عن مرحلة "أ" ومرحلة "ب" , فالمرحلة "أ" هي عرض الخطة "صفقة القرن" على العرب والفلسطينيين بشكل رسمي , فإذا قبلوا هذه الخطة كان بها , وإذا لم يقبلوها حينها يأتي دور المرحلة "ب" , وهي تعني تطبيق الخطة على أرض الواقع , دون موافقة أحد ورغم أنف الجميع(...) , فاليوم إسرائيل تسير في المرحلة "ب" بخطين متوازيين , الخط الأول إخراج غزة من كل الحسابات المخطط لها في الضفة والقدس والأغوار , وقد نجحت بذلك للأسف , فاليوم المقاومة في غزة لا تدافع إلا عن غزة , وحتى على المستوى السياسي فغزة اليوم مشغولة بسنفونية رفع الحصار منذ 14 عام , وذلك بالتوازي مع الخط الثاني وهو السيطرة الكاملة على الضفة الغربية تدريجياً , من خلال التهويد والإستيطان .
اليوم الأمم المتحدة , والإتحاد الأوروبي , ودول أفريقيا وأمريكيا اللاتينية , والعالم الإسلامي والعربي , وحتى بريطانيا والتي هي السبب بنكبة فلسطين , كلهم يطالبون بتطبيق قرارات الأمم المتحدة , وخاصة قرارين 242 و338 , فالإتحاد الأوروبي يفكر وبجدية بفرض عقوبات على إسرائيل نتيجة قرار ضم الضفة والأغوار وشمال البحر الميت , فالجميع اليوم بات ينادي بحل الدولتين والمستند على حدود 67 والقدس الشرقية , وذلك لأنهم يعلمون جيداً أن هذ الحل بحد ذاته وإن تم تطبيقه , فهو يعتبر خسارة للفلسطينيين نسبة لما كانوا عليه في السابق , بدء بقرار التقسيم وحتى زمن القوميات العربية والدفاع عن القضية الفلسطينية , وهيلمان منظمة التحرير وقوة المقاومة , والثبات على تحرير فلسطين التاريخية سواء فلسطينياً أو عربياً , وبالتالي فهذه الدول المذكورة تحاول تعويض الفلسطينيين بشيئ من أحلامهم وذلك لخلق نوع من التوازنات في المنطقة , وكبح هيمنة إسرائيل وأمريكيا , وأيضاً تقليص فرصة صراع محتمل يجر الجميع تكون مركزيته القضية الفلسطينية .
اشرف صالح
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت