جديد، يفاجئنا به، ويُبدع في انجازه بورشته المتألقة، الفنان الفلسطيني عبد عابدي الصامد على أرض الوطن في مدينة حيفا، يقدم لنا ساعة مأذنة مسجد (الجرينه) في المدينة، فالتهجير لأهالي وابناء المدينة حصل يوم 22-4-1948 بفعل خطة (المقص) لقوات الهاجناه، تحت سمع وبصر وتواطىء قوات الإنتداب البريطاني. (العمل : ذاكرة بصرية استعيد استحضارها بعد مضي 72 عاماً من النكبة)، استخدم به رقائق نحاس على فرنير.
مسجد أو جامع (الجرينة) وهو ذاته مسجد أو جامع (الإستقلال)، الجامع الذي كان يخطب فيه الشهيد عز الدين القسام خطبة ايام الجمعة، ومنه انطلقت شرارات الثورة القسامية ضد الإنتداب وضد الهجرة الإستعمارية اليهودية الى فلسطين. يقع المسجد وسط مدينة حيفا، بالقرب من السوق الأبيض، ويقابله محلات عدة، كان منها مسمكة عابدي، ومطعم عبد الوهاب القلعاوي، ومكتب المختار أمين الخمرة وشقيقه، ومحلات بيع الصوف في طرفٍ اخر، والى الخلف منه شارع الملوك.
مأذنة (مسجد الجرينة)، (مسجد الإستقلال) باتت حزينة في تلك اللحظات التي تلت تهجير الحيفاويين من مدينتهم، ومازالت، فالتهجير، والترانسفير، وجموع الأحباب خرجوا من المدينة بغالبيتهم الساحقة، البحر أنتظر الجزء الكبير منهم، على متن القوارب والسفن، باتجاه منافي الشتات، والجزء الأخر براً باتجاه مناطق طولكرم وجنين. وسلطات الإنتداب كانت تعمل على تيسير كل السبل لتحقيق عملية الترانسفير.
في العمل والذاكرة البصرية التي جسدها بلوحاته الفنية، استطاع الفنان عبد عابدي، أن إحياء مأذنة (مسجد الجرينة) الحزينة، الباكية على أهلها، والمسجد الذي ضاق ذرعاً بمن غاب من ابناءه، من اهالي المدينة.
عمل فني مرموق، يتضافر مع العمل البحثي والكتابي في تدوين سيرة النكبة الفلسطينية الكبرى. ويعطي للعمل البحثي رونقاً جديداً، يجعل منه سهل التناول لدى جمهور المتابعين والدارسين لفلسطين ونكبة شعبها في مختلف جامعات العالم، وكليات علوم المجتمع والسياسة.
بقلم علي بدوان
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت