المؤتمر الشعبي يعقد محاضرة بعنوان " 150 عاما على المشروع الإستيطاني الصهيوني"

سلمان أبو ستة

عقد المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، الأحد 10-5-2020، محاضرة بعنوان: "150 عاما على المشروع الاستيطاني الصهيوني...وثائق ومعلومات جديدة"، حاضر فيها الأكاديمي الدكتور سلمان أبو ستة، رئيس الهيئة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج.

وتناول المؤرخ الأكاديمي الفلسطيني الدكتور سلمان أبو ستة، في محاضرته عبر منصة (zoom)، فترة الاحتلال الصهيوني لفلسطين قبل النكبة وما بعدها، شارحا محطات هذا الاحتلال في القسم الأول من المحاضرة، وسلط الضوء على ما تعرض له الشعب الفلسطيني من حروب لإخضاعه في قسمها الثاني، وأعطى نظرة عامة للقضية الفلسطينية وأوضاع الفلسطينيين حاليا، واختتم حديثه في دعوة وجهها لعموم الشعب الفلسطيني للقياد بالدور المنوط بهم تجاه قضيتهم.

ورأى أبو ستة، أن "الاحتلال الصهيوني في فلسطين والتحضير له مر عليه، 150 عاما، منها 72 سنة بعد النكبة، وفترة زمنية مشابهة قبل النكبة، كانت تحضيرية لاحتلال أرض فلسطين، منوها إلى أن هذه المدة الزمنية، مرت بمحطات عديدة."

وعدد أبو ستة، تلك المحطات: " الأولى حوالي 1871 حتى 1877، والتي أرسلت فيها بريطانيا بعثة استكشافية مساحية إلى فلسطين، صدر عنها 26 خريطة لفلسطين وعشر مجلدات عن قراها ومدنها وقدسها وسكانها وعن كل شيء في فلسطين، ثم في عام 1897 وعقد المؤتمر الصهيوني في بازل في سويسرا، وغرضه إنشاء دولة يهودية، وهم كانوا يتحدثون عن دولة لهم شرقي أفريقية أو الارجنتين، إلى حين تواصلهم مع بريطانيا ثم توجهم إلى فلسطين عام 1905".

وأضاف: "المحطة الثانية، هي صدور وعد بلفور المشؤوم، بأن يجعل في فلسطين وطنا قوميا لليهود، والمحطة الثالثة، هي ثورة 1936 حتى 1938، وهي ثورة طبيعية لوجود الانتداب البريطاني، التي تمكن فيها اليهود فيها من دخول فلسطين بأعداد كبيرة، حتى وصولا إلى 30 بالمائة من مجموع السكان، فقام الفلسطينيون بثورة ضد هؤلاء المستوطنين".

وأشار أبو ستة إلى أن بريطانيا لم يقتصر دورها على السماح للمستوطنين اليهود بدخول فلسطين في هذه الفترة، بل "دمرت الشعب الفلسطيني في ثورة 36 كل ما نسمعه الان من جرائم إسرائيل، كانت بريطانيا بدأته، من الغارات الجوية على القرى وتدميرها من الجو هذا أول مرة يحدث في فلسطين وكذلك العقاب الجماعي بأن تحجز قرية كاملة لأنها ثارت على الظلم البريطاني، وقامت بريطانيا بقتل وجرح وسجن عشرات الآلاف وحلت الأحزاب وحبست قادتها ونفتهم".

وتابع: "عام 1939 هو عام النكبة التي صنعتها بريطانيا لأن المجتمع الفلسطيني في فلسطين في ذلك الوقت أصبح محطما غير قادرا على الدفاع عن نفسه فأصبح فريسة سهلة للصهيونية، التي كانت تنتظر هذه الفرصة وبعد الحرب العالمية انقضت على فلسطين".

أما المحطة الرابعة، وهي النكبة فاعتبرها " لا مثيل لها في تاريخ الشعوب، بأن يشرد شعب من 560 مدينة وقرية، بعمليات منظمة من خلال 9 ألوية يزيد عددها عن 120 ألف جندي، في 31 عملية عسكرية منظمة من الشمال والجنوب والوسط، وفي زمن تتواجد فيه الأمم المتحدة والتلغراف". وفق أبو ستة.

وتابع: "بعد النكبة، لم تكتفي الصهيونية بذلك بأن سيطرت فقط على 78 بالمية من مساحة فلسطين فعام 67 احتلت باقي فلسطين واحتلت أماكن في سوريا الجولان وفي سيناء وبعد ذلك بسنوات قليلة احتلت أماكن في جنوب لبنان".

ورأى أبو ستة، أن المحطة السادسة " هي محطة أوسلو، التي تعد أكبر كارثة على القضية الفلسطينية منذ وعد بلفور بل أنها فاقت وعد بلفور، لأنها أجلست الضحية مع محتل الأرض، جنبا إلى جنب كما لو كان المحتل هو شريك في هذه الأرض، ولذلك تحولت القضية الفلسطينية إلى نقاش على 20 بالمئة من فلسطين، وكيف توزع بين مالكين حقيقيين هكذا يقولون".

واعتبر أن هذه المحطة، من أخطر المحطات على الشعب الفلسطيني، كونها " أن الطرف الفلسطيني فيها أوقع باقي الشعب الفلسطيني في مشكلة كبيرة لأنه ما تم التوقيع عليه قد يكون ملزما إلى حين إلى أن ينقض ذلك من قبل الشعب الفلسطيني وهذا ما يجب أن يتم".

أما المحطة الأخيرة، فيراها أبو ستة بـ "إعلان إسرائيل نجاحها في كل عمليات الغزو والاحتلال، ففي يوليو 2018 أعلنت بشكل واضح أن فلسطين هي إسرائيل، أو إسرائيل هي بلد الشعب اليهودي، يقال - أنه شعب وهم ليسوا شعب-  بمعنى أن فلسطين غير موجودة وأهلها غير موجودين بالتالي لا يوجد مجال للنقاش ولا مفاوضة هذا من وجهة نظر إسرائيل".

وأوضح أبو ستة، أن الاحتلال خلال الفترة الماضية شن الحروب في محاولة للسيطرة على الأرض واقتلاع الشعب الفلسطيني منها، وهم فشلوا في ذلك، وعلى العكس كان هذا التاريخ الطويل، نصرا لهذا الشعب وشهادة له لأنه لا يزال يطالب بحقه جيلا بعد جيل.

وفي القسم الثاني من المحاضرة، تحدث أبو ستة، عن هدف "إسرائيل" منذ احتلالها لفلسطين منذ النكبة، وهو "أن تأخذ صك الشرعية من الشعب الفلسطيني وهذا لم يحدث أبدا، وعلى ذلك فقد شنت علينا إسرائيل 10 أنواع من الحروب للوصول إلى هذه النتيجة"

وهذه الحروب، عشرة حروب وفق أبو ستة: وهي "حرب القوة العسكرية التي سيطر فيها على فلسطين، وحرب إسكات صوت الضحية، حين اقترفت المجازر بعهد التلغراف ونيويورك تايمز دون أن يتحدثوا عنها ومنع وصول صوت الضحية للغرب، والحرب الثالثة، حربا سياسية من المجموعة الاستعمارية الغربية، بإلغائها كل القوانيين الدولية التي تجرم إسرائيل والتي تؤيد حقنا، حيث قامت إسرائيل في طمس جغرافيتنا في إزالة الأسماء من على الخريطة واستبدالها بأسماء من عندهم".  

واستكمل أبو ستة، في شرحه للحروب التي تعرض لها الشعب الفلسطيني من قبل الاحتلال: "الحرب الخامسة، حربا تاريخية، هم ينكرون وجودنا وهم يقولون إنه منذ وقت السيد المسيح قبل ألفين عام إلى الحرب العالمية الأولى عندما جاء ألبرت صموئيل لا يوجد تاريخ في فلسطين ولا يوجد فلسطينيون، كانت أرضا فارغة تنتظر عودتهم، وهم غابوا عنها ألفين والآن قرروا أن يعودوا إلى ديارهم هكذا يقولون".

 وأوضح أبو ستة هنا قائلا: "طبعا طمس هذا التاريخ أضحوكة لا ينطلي إلا على هؤلاء الذين يسيطرون على عقولهم في الغرب، فكل الأسماء عندنا وتاريخنا موجود، قرانا سجل أسمائها الفلسطيني الأسقف "يوسابيوس" عام 313 ، أي قبل 17 قرنا وهي نفس الأسماء التي عندنا اليوم".

واعتبر أبو ستة أن الحرب السادسة، هي حربا تراثية، بهدم وإلغاء وتدمير أي أثر تاريخي للشعب الفلسطيني في فلسطين، الذي يجري إعدامه من قبل الاحتلال، ولتوضيح ذلك قال: "هناك حقيقة اكتشفتها منذ سنوات، أنه عام 1948 عندما هجروا أهالي 560 قرية ومدينة فلسطينية، بدأوا في تدمير ممنهج للقرى، فكان يرافق من يدمرها فريق من الآثار، فإن وجدوا حجرا ينفعهم أبقوه وإلا دمروا هذا البيت، ولدينا خرائط كيف كانوا يدمرون ذلك، وهو تدمير فعلي للآثار العربية والإسلامية والفلسطينية، إذا لم تخدم هدفهم وطبعا لم يجدوا الشيء الكثير ولم يوجد حتى الان أي دليل قاطع في تأكيد خرافتهم".

أما الحرب السابعة فهي حرب دينية وعنصرية، هم "جندوا فيها كتبهم المقدسة بأن تقول أن هذه عطية من الله، جل شأنه، لليهود فقط، وأن غياباهم ألفين عام هذا شيء طارئ ليس له تأثر على الملكية بالتالي هم شعب واحد وله جينات واحدة انتشر في الأرض، والان عاد ليسترد أملاكه". ويساعدهم في هذه الحرب وفق أبو ستة مجموعة كبيرة من المسيحيين الأمريكيين يصل عددهم إلى 60 مليون وهم الأنجوليون.  

وأضاف:" هي ليست حرب دينية فقط بل حرب عنصرية، يقولون إن كل يهودي في العالم، الألماني والهندي والأفريقي وغير ذلك هم عنصر واحد، فهم يقولون أن اليهود عنصر مميز وشعب مختار بالتالي له الحق بأن يأخذ ما يريد".

وبين أبو ستة الحرب الثامنة، التي تشن على الفلسطينيين، وهي "حرب تشويه سمعة الفلسطيني وشيطنته، عندما تدافع عن أرضك ووطنك هذا شي مقدس وموجود في كل القوانيين الدولية، ولكن يقال عنا إرهابيون والغريب أن هذه الشيطنة تصل إلى مسؤولين كبار في الأمم المتحدة يتكلمون عن وقائع قانونية، إذا تشويه سمعة الفلسطينيين تجعل الفلسطيني مكروه في الغرب لأنه هو المعتدي والمجرم الذي يحارب ناس آمنين ومسالمين".

واعتبر أن الحرب القانونية، هي الحرب التاسعة، باستعمال القانون، فهم يحاربوننا قانونيا في داخل البلدان، مثلا في أمريكا تصدر قوانيين محلية، أن كل من يساعد فلسطين فهو معقاب، وأيضا وصلوا إلى قوانيين قاطعة تجرم الدعوة إلى الحق في فلسطين بالذات في ألمانيا، هذا الحرب لم تنجح إلا بالدول التي تسيطر الصهيونية فيها على الحكومة في تلك البلاد".

واختتم أبو ستة حديثه في الحروب التي شنت على الفلسطينيين، بالحرب العاشرة وهي "الحرب الاقتصادية وهي طويلة الأمد لأنها بدأت منذ الصندوق القومي اليهودي، ضخت فيه أموال اليهود لمحاولة شراء الأراضي في عهد ألبرت صموئيل لكي تكون مقرا للمستعمرات، حتى هذه تحت التواطؤ البريطاني لم تصل إلى 6 بالمية من مساحة فلسطين ومعظمها تم البيع من أملاك سوريين ولبنانيين أقنعوهم اليهود بأن فلسطين صارت دولة أخرى وأن الدخول إليها أصبح بجوازات صعب الدخول إليها، فالأفضل لكم بيعوا أرضكم".

وهنا عرج أبو ستة على المقولة المتداولة، والتي تقول "أن الفلسطيني باع أرضه" فقال أبو ستة: "لم يكن حتى نسبة 6 ولا عشرة بالمئة، أي دور مهم في احتلال فلسطين من قبل الصهيونية لماذا، لأن ملكية اليهود في القاهرة وفي باريس ولندن، أعلى من هذه النسبة بكثير، إذا هذه النسبة ليست هي الجوهر، والجوهر الحقيقي هو أنهم أتوا ب 120 ألف جندي مدرب من الحرب العالمية بجانب الهاجاناه ونظموهم في حرب هجومية على فلسطين هي التي سيطرت على فلسطين". واعتبر أبو ستة أن هذه الحرب الاقتصادية، لا تزال سارية على الضفة الغربية، وحربا لتجويع الناس كحصار قطاع غزة منذ 13 سنة.

واختتم أبو ستة كلامه في هذا القسم من محاضرته، بالقول: "عشرة حروب شنت علينا من قبل إسرائيل هي سابقة لا مثيل لها في التاريخ، وأيضا الذي لا مثيل له في التاريخ أننا نحن لا زلنا صامدين نحن عام 48 كنا مليون ونصف الان 13 مليون، نصف هؤلاء على أرض فلسطين إما لاجئين أو تحت الاحتلال الإسرائيلي، وعام 2030 سيكون عددنا 18 مليون، لا بد أن نعود إلى أرضنا ولا بد ان نستعيدها".

أما القسم الثالث من المحاضرة، فكان للحديث عن الأوضاع الراهنة على الساحة الفلسطينية ووضع القضية الفلسطينية، من حالة التضامن العالمي مع القضية الفلسطينية، من قبل شعوب العالم، وخاصة بين شريحة الشباب وانتشار الاتصال الالكتروني الذي حد من قدرة الاحتلال على تزوير الحقائق.   

وأضاء أبو ستة على مواقف حكومات الاستعمار الغربية كما في بريطانيا وحكومة المحافظين فيها التي قال عنها: "هي تجسيد لبلفور حي في يومنا، تقول تيريزا مي، رئيس الوزراء السابقة قبل مدة أنها فخورة بأنهم أصدروا وعد بلفور فهم هؤلاء ضدنا."

كما أوضح أبو ستة الواقع العربي، وخاصة الشعبي منه، "الشعوب العربية قلبها معنا وصوتها معنا إذا كان صوتها مسموح له بالكلام أو بالعمل، ولكن لا مسموح لها بالكلام ولا بالعمل، للأسف نلاحظ أن كثير من الدول العربية تبدو علامات التخاذل بشأن القضية الفلسطينية، أعتقد الشعب العربي بتلك الدول لن يقبل ذلك ربما تكون سحابة صيف".

وأرجع أبو ستة، الفضل الكبير للإنجاز الكبير الذي حققه الشعب الفلسطيني عام 64، "فنحن (الان) شعب اسمه الشعب الفلسطيني أرضه أرض فلسطين من رأس الناقورة إلى أم الرشراش ومن رفح إلى نهر الأردن، هذا نحن وهذا وطنا، وأنشأ أول مجلس وطني لهذا الغرض لتحرير فلسطين والعودة إليها، وكل الذين انتخبوا لينفذوا الميثاق الوطني، كان واجبهم في منظمة التحرير بأن يقوموا بهذا الدور".

وتابع: "جاءت أوسلو وجاء فيها ناس لم يكن لهم دور أصلا في التاريخ الوطني السابق بشكل مشرف، والان قزموا كل هذا وأصبحوا جزء من الاحتلال الإسرائيلي في الضفة، أقول ذلك لأن غزة خارج هذا النطاق والفلسطينيين في 48، وكذلك نصف الفلسطينيين في الخارج لم يقبوا بذلك إذا كيف نحن الان نضع قادة العمل الفلسطيني في هذا الموقف ونقبله لا يمكن أن نقبله".

وفي ختام الندوة، دعا أبو ستة عموم الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج إلى القيام بدورهم، وجدد مطالبته الذي يكرره المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، ويصر عليه في: "انتخاب مجلس وطني جديد تنبثق عنه قيادة فلسطينية جديدة كفئة نظيفة تحظى بثقة 13 مليون فلسطيني"

موضحا الدور المطلوب منه فقال: " دورها، نحن شعب فلسطين لنا الحق في العودة إليه والحرية من أجله وغير ذلك مرفوض وغير مقبول وكل من يسعى إليه أو يتخلى عنه أو يتهامل فيه أو يتهم فيه فهو مرفوض وهو خاضع للمحاكمة."

وناشد أبو ستة جميع الفلسطينيين أن يقوموا بواجبهم وحقهم في التمثيل، باعتباره واجبا مفروضا على كل فلسطيني بأن يعمل من أجله ويرفع الصوت له، لـ"تنظيف البيت الفلسطيني تنظيفا كاملا بمكنسة ديمقراطية".

وعد أبو ستة "سكوت أي شخص فينا، أو شكواه فلا قيمة له، وهذه لا تصنع لا تاريخ ولا جغرافية لذلك سكوت بعضنا على هذا هو معونة للعدو الصهيوني ومن يتبع خطه لذلك أقول الوطن هو غياتنا والوطن هي فلسطين".

وأكد أبو ستة على أن السعي  "نحو دولة والاعتراف بها، هذا عمل سياسي ووطني، وليس هو جزء من القانون الدولي هذه نتيجة عندما يتحرر الوطن ويعود أهله إليه،  ينتخب لهم دولة، فالمقايضة بين حقنا بفلسطين أو دولة أو دويلة قد تضيع  في فتات  نهر الأردن هذا غير سليم وغير أخلاقي وغير وطني"

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - عمان