لا شك أن الكيان الصهيوني الذي يهدد بضم الضفة الغربية في تموز المقبل، يدرك أنه مقبل على خطوة سياسية استراتيجية وعملياتية واسعة، تجد معارضة ورفضًا عالميًا واسعًا ، فضلا عن وجود رفض من أحزاب ومراكز أبحاث وأوساط أمنية وعسكرية صهيونية للضم.
إلا أن كل ذلك ليس من المرجح أن يمنع تطبيق القرار على الأرض بدعم أمريكي شبه مطلق، ضمن تصفية القضية الفلسطينية، تطبيقا لصفقة ترامب، التي بات يعتبرها ترامب تذكرة مروره لفترة رئاسية جديدة، بدعم من المحافظين الجدد والإنجليكانيين، خاصة بعد تراجع شعبيته اثر فشله في مواجهة جائحة كورونا.
ما يفرض على الفلسطينيين صياغة رد إستراتيجي فلسطيني يتناسب مع هذا الخطر الإستراتيجي، الذي يهدد وجود واعتبار القضية الفلسطينية على الأرض، رداً سياسياً وشعبياً شاملاً وواسعاً، فلم يعد هناك مجال للمناورة ولا للمناكفة، فالعدو لم يترك في القوس منزع.
الرفض الكلامي الفلسطيني الجماعي سلطة وفصائل لرؤية ترامب لم يعد ذات أهمية، ولا يأخذه العدو الصهيوني كما الادارة الامريكية على محمل الجد، مالم يترجم الفلسطينيون هذه المعارضة إلى خطط واجراءات على الأرض، مستندة إلى إستراتيجية نضالية واقعية مختلفة الأبعاد والمستويات.
السلطة التي تهدد بالغاء كافة الاتفاقات مع كيان العدو ردا على قرار الضم، إنما تخدم عمليا قرار الضم أكثر مما تعرقله، الأمر الذي يثبت أن السلطة ما كانت حقيقة إلا جسر سياسي تكتيكي هام، لزوم نضوج الأوضاع صهيونيا لإتمام إستعدادتها لتهويد وابتلاع ما تبقى من القدس والضفة وصولا إلى هذه الخطوة الاستراتيجية.
وقد آن الأوان على ما يبدوا للقيادة الفلسطينية أن تغير من أساليب التعاطي مع ما يطرح، فلن ينقذ الفلسطينيون أحد مالم ينقذوا أنفسهم، ولن يحك جلدك مثل ظفرك، فالوضع العربي لن يعطي الفلسطينيين سوى مزيد من وعود الدعم والاسناد محاط بكثير من بيانات الشجب والتنديد والاستنكار، وهذا هو حال دول في الاتحاد الاوروبي أيضا، التي ارتفع صوتها مؤخرا بالمعارضة للخطوة الصهيونية، وبالتهديد بالعقوبات، التي ليس من المرجح أن تقع نظرا لوجود شرط أساسي لتطبيقها وهو وجود اجماع في الاتحاد الاوربي، الأمر الذي من المستبعد أن يتحقق، فالنفوذ الصهيوني في الاتحاد الأوروبي أعمق من ذلك.
وهنا نوجه نداءنا للقيادة الفلسطينية سلطة وفصائل ومنظمة تحرير:
ألا تدفع هذه المخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية لإقامة وحدة وطنية فلسطينية إستراتيجية على أساس الشراكة في الطريق والمصير، وحدة في خندق المقاومة التي تعبر عن نفسها في شكل انتفاضة شعبية شاملة وواسعة، تهدد مصالح واستقرار العدو أمنية وإستراتيجياً.
انتفاضة إذا نجحنا في اطلاقها فستكون لها توابع على الصعيد العربي على شكل تهديد بقاء واستمرار اتفاقات العدو مع مصر والأردن، وتوقف توقيع اتفاقيات جديدة مع دول عربية أخرى، فضلا عن نسف قطار التطبيع المنطلق مسرعا مع دول الخليج.
انقذوا أنفسكم قبل فوات الأوان فلن ينقذكم أحد.
كتب: عماد عفانة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت