تتزامن في هذه الأيام التهديدات الإسرائيلية بضم الضفة الغربية وغور الأردن والبحر الميت , وتهويد القدس والحرم الإبراهيمي وباقي الأماكن المقدسة , وذلك كعنوان عريض للحكومة الإئتلافية المرتقبة , تتزامن مع الذكرى ال72 ليوم النكبة , وبالطبع هذه التهديدات ستتحقق على أرض الواقع لتزيد من رصيد النكبة الفلسطينية , طالما أن أحلام الثورة والتحرر تتحطم على صخرة الإنقسام , وفي هذه المناسبة لا أعني الإنقسام بين فتح وحماس فقط , بل أعني الإنقسام بين كافة الفصائل والتيارات والقوى الفلسطينية , فالكل اليوم يدور في فلك نفسة , وعندما يخرج عن الدوران من فلك نفسه , تشرق شمسه في أرض غير أرض فلسطين .
مقدمة قاسية ولكن لا بد منها قبل أن أوجه التحية في ذكرى النكبة , للشهداء والأسرى والجرحى الفلسطينيين , ولكل من ساهم في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية , سواء عمال أو مزارعين أو مهنيين أو موظفين أو أكاديميين أو فنانين أو إعلاميين , وأخص بالذكر الصحفيين , فلولا وجودهم لما إستطعنا توثيق 72 عام من الصراع بين الحق والباطل .
كان من الممكن أن أمدح الفصائل والأحزاب السياسية في هذه المناسبة وأثني على عملهم , ولكنني وجدت فرق كبير بين عملهم كقيادات , وبين العمل التنظيمي كفكرة أو مشروع تحرر قائم بذاته , قد يحتوي على العنصر الجيد والعنصر السيئ , وهذا ما أراه فعلاً , فقيادات الفصائل والأحزاب بشكل عام لا تستطيع أن تجلس على طاولة واحدة لإتمام مجرد "مصالحة" فكيف بها أن تقود مشروع تحرر وطني بحاجة الى مواصلة الليل بالنهار من أجل ذلك , ومن هنا فالشباب اللذين يقدمون الغالي والنفيس للوطن , ومنهم الشهداء والجرحى والأسرى وغيرهم , هم من نراهن عليهم اليوم كوقود لتحرير فلسطين .
رسالة في ذكرى النكبة , رسالة الى كل فلسطيني , وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم , فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته , فكلنا كفلسطينيين مسؤولين , كل حسب إختصاصة وموقعه , فاليوم نعيش حالة من الإنقسام الكلي "سياسي , إقتصادي , عسكري , أمني , جغرافي , إجتماعي " ومع ذلك ما زلنا نررد الشعارات الوطنية , مع العلم أن الإنقسام لا يمت للوطنية بأي صلة , فأنا هنا لا أحمل المسؤولية كاملة للجميع عن الإنقسام , وأترك مسؤولية فتح وحماس المباشرة عنه , بل أضع الجميع في صورة أن الإنقسام بات لعنة على الجميع ويجب التخلص منها , وأصبح الجميع داخل لعبة الإنقسام دون أن يدري , لأنه وكما أسلفنا فالإنقسام كلي ولا يستثني أحداً , وأصبح كمرض السرطان ينتشر في الجسم الفلسطيني , ومن هنا فيجب أن يعمل الجميع من أجل إنهاء الإنقسام أولاً وقبل أي شيئ , ومن ثم نستطيع أن نعمل على تحرير فلسطين .
رسالة في ذكرى النكبة , رسالة الى كل فلسطيني , إن الإنتهاكات والإستيطان والتهويد ليس جديداً , فهو بدأ منذ قررت إسرائيل نسف أوسلوا منذ عام 2000 , وقبل ذلك قتل رابين كعنوان للمرحلة القادمة , ولكن إسلوبنا وردات فعلنا كفلسطينيين هو الجديد , فاليوم نحن كفلسطينيين ليس كالأمس , فبالأمس حين كان يحدث أي إنتهاك حتى لو كان بسيط كانت تقوم الدنيا ولا تقعد , أما اليوم ورغم الإستيطان والتهويد والقتل وما شابه , فلا نجد رادات فعل من الأصل , وكأن شيئ لم يحدث , أما على المستوى الفصائلي والسياسي فلم نجد سوا شعارات الشجب والإستنكار , وحتى العمل العسكري أصبح مقتصراً على الدفاع عن ما يخص الفصيل كذا والفصيل كذا , فهو لا يشمل الوطن كله , فكيف وصلنا الى هذا الحال اليوم!! .
رسالة في ذكرى النكبة , قبل أن تنهال التصريحات والبيانات والشعارات الوطنية على وسائل الإعلام في ذكرى النكبة , وقبل أن تنطلق الفعاليات والتي أصبحت لا تغني من جوع , أولاً , يجب إنهاء الإنقسام فوراً وبأي ثمن , ثانياً , يجب أن نعيد صياغة موحدة للعمل الوطني التحرري , وذلك على قاعدة التوعية والتعبئة الشعبية والفكرية كي يكون الشعب حاضراً ومتفاعلاً مع كل الحوادث والمناسبات , وكي يكون صاحب ردات فعل قوية ومؤثرة ومسؤولة.. ودون ذلك لا نسطيع تحرير شبر من أرضنا قبل تحرير أنفسنا من الإستهتار والإنقسام .
اشرف صالح
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت