معاناة عمال غزة تتفاقم وسط غياب المسؤولية الحكومية والنقابية

عمال غزة

تزايدت معدلات الفقر والجوع في أوساط الطبقة العاملة من أصحاب الدخل اليومي بقطاع غزة، لا تكاد تفي بالحد الأدنى من متطلبات حياتهم اليومية في ظل تفشي أزمة فيروس كورونا، والتي انعكست على واقع الحياة الاجتماعية بالقطاع، وما رافقها من إغلاق المنشآت الخدماتية والصناعية وتضرر عديد القطاعات السياحية والفندقية التي تشغل آلاف العمال، بل وقد انسحب تأثير فرض إجراءات حالة الطوارئ والإغلاق على قطاعات اقتصادية أخرى، من ضمنها السائقين وأصحاب مقاصف المدارس والبسطات، والباعة المتجولين.

أزمة العمال لم تكن وليدة اللحظة رغم تفاقمها في ظل جائحة «كورونا»، حيث أحكم الاحتلال الإسرائيلي من حصاره على القطاع وقبضته على المعابر الفلسطينية ما دفع نحو توقف عمل الكثير من المصانع وانضمام صف واسع من العمال لصفوف البطالة.

بدوره، أوضح مسئول كتلة الوحدة العمالية في قطاع غزة أدهم خلف أن جائحة كورونا أثرت بصورة كبيرة على الطبقة العمالية في فلسطين، وخاصة في قطاع غزة، جراء تأثر عمال «المياومة» الذين يتقاضون رواتبهم بشكل يومي، دون أي اهتمام من السلطتين في غزة والضفة.

النقابات غير مفعلة

وبين خلف أن أوضاع العمال الفلسطينيين من سيء لأسوأ، والنقابات العمالية وقطاعاتها غير مفعلة بغزة، والحكومة الفلسطينية لا تقدم سوى الشيء اليسير للعمال، محذراً من وقوع كارثة إنسانية في قطاع غزة وخاصة في صفوف العمال.

بدوره اعتبر المحلل الاقتصادي سمير أبومدللة أن القطاع العمالي بغزة يواجه ظروفاً استثنائية صعبة على مدار 14 عاماً جراء تحكم الاحتلال بإدخال مواد البناء، وتوقف عمل الكثير من المصانع وتعطل ألاف العمال. مضيفاً أن جائحة «كورونا» دفعت الشارع الفلسطيني لأخذ تحذيرات منظمة الصحة العالمية والجهات الدولية على محمل الِجد، والتي على إثرها تضررت الكثير من المؤسسات كالفنادق والمطاعم والكافيهات، وتراجعت حركة المواصلات بسبب إغلاق الجامعات الفلسطينية.

وأكد أبو مدللة أن إغلاق المنشآت لأبوابها بسبب العدوان الإسرائيلي والدمار الذي لحق بالقطاعات الأخرى، وإدخال المواد الخام عبر الموانئ والمعابر تحت شعار أنها ثنائية الاستخدام، وتراجع حركة الصادرات والواردات عبر المعابر، كان لها الدور الكبير في تراجع دور القطاع الخاص الذي يعد المشغل والمساهم الأكبر في القيمة المضافة.

وعن قرار تشغيل المطاعم في قطاع غزة، رأى أبو مدللة أنه ربما يعيد الحركة لجزء كبير من الشباب العاملين في هذا المجال، وفي المجال السياحي الذي ربما قد يحسن من أوضاعهم، لكن هذا الإجراء مرتبط بأصحاب القرار، والأمر محسوب عليهم، خاصة وأن التحذيرات بوقوع خطر انتشار كورونا مستمرة من قبل منظمة الصحة، وهذا يستدعي ضرورة أن تكون خطوات رفع الإجراءات متزامنة وموحدة بين الضفة والقطاع.

وكان الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين شاهر سعد قد أقر بخطورة الوضع الصعب الذي تمر به الطبقة العاملة في فلسطين، على اعتبار أن كثيرا من أرباب العمل لم يلتزموا بـالاتفاق الثلاثي الذي وقعته وزارة العمل والمجلس التنسيقي للقطاع الخاص واتحاد النقابات في 16 آذار/مارس الماضي والذي يقضي بالتزام القطاع الخاص بدفع الأجور للموظفين والعمال عن شهري آذار ونيسان بنسبة 50% من الأجر، بما لا يقل عن 1000 شيكل، على أن يُدفع باقي المبلغ المتبقي بعد انتهاء الأزمة.

ورقة حقائق

من جهته، أوضح سلامة أبو زعيتر، عضو الأمانة العامة في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، أن الاتحاد وعلى مدار سنوات طويلة يناضل لأجل حقوق العمال، عبر المطالبة بالنهوض في واقعهم، وتطوير السياسات الوطنية المتعلقة بالقوانين والتشريعات الخاصة بهم، مُشدداً على أهمية وجود قانون ضمان اجتماعي يوفر الحماية الاجتماعية للعمال في ظل المخاطر والكوارث.

وأصدرت شبكة المنظمات الأهلية ورقة حقائق حول واقع العمال أكدت فيه على ضرورة وضع خطط لتعويض العمال وحماية مصادر دخل الفئات الهشة بالتعاون مع أرباب العمل، وبما يضمن رجوع العاملين إلى عملهم بعد انتهاء الأزمة وتخصيص جزء من صندوق «وقفة عز» بالتعاون مع الحكومة، كما أوصت المنظمات بضرورة تطوير قاعدة بيانات للعاملين في القطاع الخاص بكافة الشرائح والقطاعات المختلفة لدى وزارة العمل كي تشمل العاملين في المنشآت غير المسجلة لدى جهات الاختصاص وعمال المياومة وتحديد الفئات المتضررة وتصنيفها حسب حجم الضرر.

وأعلن وزير العمل نصري أبوجيش، الاثنين (11/5)، البدء في صرف الدفعة الأولى لأكثر من 40 ألف و500 عامل من المتضررين بسبب جائحة (كورونا)، بمبلغ 700 شيكل، وهذا هو التدخل الأول للحكومة لدعم العمال، المتضررين، موضحاً عن إتمام تعبئة نحو 105 آلاف استمارة في الضفة و170 ألف في غزة.

المصدر: - تقرير: عبد الرحيم أبوكويك