كانت تصريحات نتنياهو خلال مراسم تنصيب الحكومة الجديدة في الكنيست حول ضم الضفة وغور الاردن اكثر جنونا عندما ادعي ان الضم يجعل السلام اقرب دون ان يكترث ان مزاعمه تعدي خطير علي افاق تحقيق السلام العادل وتعدي علي سلامة القانون الدولي وتعدي علي اتفقايات السلام الموقعة , انها تصريحات مقلوبة ومجنونة حولت اسرائيل الي دولة ابارتهايد ودولة لا تكترث باحترام مبادئ القانون الدولي . يبدوا ان نتنياهو اراد ان يضع الجميع امام برنامج حكومته وبني غانتس السياسي الذي يسعي الي فرض سلام وهمي من طرف واحد علي الفلسطينين ويريد ان يوهم الجميع ان هذا السلام الذي يمكن ان يتحقق هو حسب شروط ومواصفات وبنود صفقته مع ترمب. في هذه الاثناء يسير مسلسل الضم بشكل متوازي مع هذه التصريحات فقد تم اعتماد اكثر من مشروع من قبل للاستيلاء اراض فلسطينية بهدوء في الخليل وبيت لحم وجنين بقرارات عسكرية لتوسيع المستوطنات التي من شأنها ان تقطع التواصل بين الخليل وبيت لحم وجنين وما جاورها من قري , كل تلك الاجراءات تحتاج الي قرارات صعبة لوقفها دون الانتظار حتي تقع الكارثة فقد يشعر العالم كثير بالتغير حتي تنتهي اسرائيل من برنامج الضم الصامت ومن ثم يجد العالم نفسه امام عملية ضم بدأت منذ فترة طويلة ليتحقق برنامج نتنياهو حسب صفقته مع ترمب بهدوء ودون ردة فعل اوربي او عربي او حتي فلسطيني .
التحذيرات من الضم كثيرة واهمها ما جاء علي لسان ملك الاردن عبدالله الثاني الذي هدد بان ضم اراض من الضفة الغربية اوغور الاردن سيؤدي الي صدام كبير بين الاردن واسرائيل وسوف ينسف حل الدولتين في اشارة الي ان الاردن قد ينسحب من معاهدة السلام مع اسرائيل وهذا بالفعل رد قد يكون اقل المعقول في هكذا حالة لان اسرائيل لا تريد العيش بسلام ولا تطوير معاهدات السلام التي وقعتها بقدر ما تريدها كغطاء لسرقة ارض فلسطين وتدمير اي امل لحل الصراع علي اساس حل الدولتين الذى تكتب شهادة وفاته اليوم بفعل مسلسل ضم ارض الضفة المتوالي . موقف الاردن موقف رائع لكن يتوجب الاخذ بعين الاعتبار ان الضم يجري الان وبصمت عبر برنامج مدروس ومخطط بين الولايات المتحدة اسرائيل, لا يتوجب انتظار الفعل ليكون لدينا رد فعل لمواجهة الضم يجب ان يكون ضمن استراتيجية رد عربي موحد تتخذ فيه قرارات صعبة بالتزامن بين مصر والاردن الدول التي عقد معاهدات سلام مع اسرائيل والسلطة الفلسطينية علي ان تكون هذه القرارات متدرجة ايضا تبدأ مع كل خطوة تقدم عليها اسرائيل وكل خطوة يكون مقابلها خطوة اخري في سبيل التحلل من المعاهدات بين الطرفين .
القيادة الفلسطينية ايضا هددت بالغاء كافة الاتفاقيات والتفاهمات التي وقعتها مع اسرائيل في حال قامت اسرائيل بضم اراض بالضفة الغربية وغور الاردن , وهذا جاء علي لسان الرئيس ابو مازن الذي قال بان كل التفاهمات والاتفاقيات مع امريكا واسرائيل سوف يتم الغاؤها في حال قامت اسرائيل بتنفيذ مخطط الضم . هذه قرارات صعبة تحتاج الي اعلان استراتيجية مواجهة حقيقية تبدأ بخطوات تقف عند كل خطوة ضم تقوم بها اسرائيل في اطار الضم الصامت فلابد من استراتيجية فلسطينينة سياسية متدرجة علي الارض الخطوة بخطة وحسب خطورتها فتوسيع المستوطنات لابد وان يقابلها خطوة مماثلة من قبل القيادة الفلسطينية حسب استراتيجية الرد التي يتم التوافق عليها مع الفصائل الفلسطينية . للاسف حتي الان لا يوجد استراتيجية فلسطينية حقيقية للرد علي مسلسل الضم الذي يجري الان ولا يوجد استراتيجية عربية موحدة علي الاقل بين مصر والاردن وفلسطين , ما يوجد هو انتظار الضم واكتمالة حتي تعلن السلطة اولا وقف العمل بكل الاتفاقيات والتفاهمات للرد علي اسرائيل دون طرح بدائل منطقية ايضا .الامر جدي وخطير ويحتاج بالفعل الي قرارات صعبة تشطل ضربة قاتلة لمخططات تطبيق الصفقة . لعل تحركات السلطة الفلسطينية علي المستوي الدبلوماسي والسياسي الدولي تحركات جيدة حتي الان وخاصة علي مستوي الاتحاد الاوربي الذي هدد هو الاخر بامكانية اتخاز بعض دول الاتحاد الاوروبي اجراءات ضد اسرائيل تصل لحد فرض عقوبات في حالة ما قامت اسرئيل بالضم وهذا قرار صعب يحتاج الي اجماع اوربي كبير .
لكني دائما اعتبر كل اجراء دبلوماسي او سياسي ضد اسرائيل ضعيف ان لم يكن هناك تفعيل لتحرك مقاوم علي الارض وهذا قرار صعب اخر لابد من اتخاذه في هذا الوقت بالذات فلابد وان يشعر العالم ان الفلسطينيين يرفضوا الضم بالمقاومة ويناهضوا الضم بالدم ويعيقوا مخططات اسرائيل بالمقاومة المتعددة الاوجه حتي لو وصل الحد لتفجير انتفاضة فلسطينية جماهيرية عارمة , وهنا اقول ان اي انتفاضة فلسطينية عارمة عشوائية دون قيادة من وسط الجماهير لن تستمر طويلا لان اي انتفاضة فلسطينية تحتاج الي حاضة سياسية من فتح اولا وحماس والجهاد والجبهتين والعمل معا ضمن اطار وطني يقاوم واعتقد ان هذا مستحلا في ظل الانقسام بسبب التشكيك في نوايا كل طرف . ان معادلة الانقسام صعبة التفكيك لكنها ليست مستحيلة ولعل انهاء الانقسام هو قرار صعب في ظل التدخلات الاقليمة لكن يتوجب علي الفلسطينيين تنفيذه الان الان وقبل غداً..! لاننا نحن الفلسطينين بانقسامنا ومواجهتنا الهزيلة للضم نعطي الاخرين سببا لعدم الاكتراث وسببا للتسامح مع اسرائيل التي تضرب القانون الدولي في مقتل وتصرع اي امل لحل الدولتين وتحقيق السلام بالضربة القاضية .
د. هاني العقاد
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت