بات العيد في مخيمات وتجمعات الشعب الفلسطيني في سورية، محطة لإستحضار آلام مايحدث مع زيارة مقابر الشهداء صباح اليوم الأول من أيام العيد، في لحظات يعانق فيها الأمل والرجاء سماء رب الأكوان في الدعوة المخلصة للخروج من المحنة الراهنة التي تطوق البلاد والعباد.
ففي العيد الفلسطيني تتزين الجدران في مناطق تواجد الفلسطينيين في الشتات (مخيمات وتجمعات) بصور وملصقات الشهداء وهم يتساقطون جيلاً بعد جيل،. كما تتزين تلك الجدران بالجُمَل والعبارات، التي رسم بها فلسطينيو الشتات ومنهم فلسطينيو سورية مآسيهم، مؤرخين بخربشاتُ أقلامهم دراما اللّجوء، على جدران مدارس وكالة الأونروا التي رسموا عليها لوحات العودة إلى حيفا ويافا وعكا وصفد وطبريا واللد والرملة، العودة هناك إلى الوطن السليب، وإلى الهوية التي مازالت تعيش في وجدان كل لاجىء فلسطيني، فتدمع جدران المخيم عند التحليق عليها.
في فولكلور العيد الفلسطيني في مخيم اليرموك وعموم الشتات والداخل، تبدأ المراسم بالمسيرات الوطنية والكشفية لعموم القوى والمؤسسات المُجتمعية وللفرق النحاسية على أنغامها الوطنية الشجية، بالسلام على الشهداء، وزيارتهم في مدافنهم في مخيم اليرموك، في مقبرة الشهداء الأولى التي يضم ترابها الرعيل الأول من شهداء الثورة الفلسطينية المعاصرة، وصولاً إلى المقبرة الثانية.
تبدأ عموم القوى والفصائل والتشكيلات الفلسطينية السياسية والفدائية والمجتمعية مراسم العيد بالمسيرات إلى نصب الجندي المجهول في مقبرة الشهداء، والسلام على من سار على درب فلسطين حتى الإستشهاد، فهنا مثوى شهيد سقط في معركة الحمة، وهنا مثوى شهيد سقط في جنوب لبنان، وهنا مثوى شهيد سقط في الجولان وأخر في الأغوار والأردن .. وهنا مثوى شهيد عربي من العراق وأخر من اليمن وأخر من مصر .. وهنا مثوى شَهيدٍ أممي ألماني وفرنسي ومن أمريكا اللاتينية ومن بنغلادش ... وكلهم إستشهدوا على الطريق إلى فلسطين.
تَسبق أيام العيد بقليل نشاطاتٍ مُذهلة، يَصُبُ جوهرها في مسار وطني يحفظ التراث والعادات الطيبة والإيجابية، ويصون صورة الوطن الفلسطيني، ناقلاً أياها من جيل لجيل، من كعك العيد وأنواعه الشعبية المتداولة والمعروفة في فلسطين من أقصاها لأقصاها، من المقروطة والمعمول والعجوة وغيرها، وماجادت به أمهاتنا في ظروف صعبة، كان فيها أبناء اليرموك وعموم الشتات يحفرون الطريق باظافرهم من أجل الحياة والخبز والحرية، ومن أجل وطنٍ أسمه فلسطين كان ولايزالُ خالداً حياً في وجدان وضمير وعقل كل فلسطيني حتى لوكان هذا الفلسطيني مُضغةٍ تتشكل في رحم أمه.
في شوارع وازقة اليرموك، وغيره من المخيمات والتجمعات الفلسطينية فوق الأرض السورية، وبوجود كميات جيددة من طحين الأونروا في كلً دار ومنزل، تفوح قبل العيد بأيام، الرائحة الزكية للكعك الفلسطيني، التي تملأ أجواء المخيم، وتعطيه رونقاً خاصاً. لتصبح جزءاً من طقوس المخيم.
طقوس العيد في اليرموك وفي عموم مخيمات الشتات، حكاية مابعدها حكاية، ورواية مابعدها رواية لشعبٍ هو طائر الفينيق الذي يخرج من الرماد أكثر صلابةً وعنفوان، صلة رحم لأبناء واحفاد هذا الشعب الذي رمت به الأقدار خارج حيفا ويافا وعكا وصفد واللد والرملة وكل بقعة من أرض فلسطين.
هذا هو العيد الفلسطيني في سورية كما دونه نشطاء مخيم اليرموك :
عيدنا ليلة فرح وطنية وغنية ومواويل
عيدنا بسمة أمل تشرق بفجر جديد
عيدنا بركة ويمن بليلة جمعة ويوم العيد
عيدنا كله وفاء وعن درب فلسطين ما منحيد
بقلم علي بدوان
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت