قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن محاكمته التي بدأت أمس الأحد هي محاولة "لإسقاطه" ومعسكره اليميني.
ومثل نتنياهو أمام المحكمة برفقة أنصاره من الحكومة الجديدة، الذين يتولى جزء منهم المسؤولية عن أجهزة إنفاذ القانون ولجنة تعيين قضاة المحكمة العليا.
ويعتقد نتنياهو أن كل الوسائل لها ما يبررها لأن المعركة التي يخوضها في هذا الوقت تعتبر "معركة حياة"، لذا من وجهة نظره فإن استخدام سلطته الحكومية هو "السلاح الأكثر فاعلية".
فبعد أكثر من عام من الجمود السياسي، الذي سيطر على المشهد الإسرائيلي بسبب إجراء ثلاث انتخابات متتالية دون أن تفضي إلى أية نتائج واضحة، تم تشكيل حكومة وحدة طوارئ "فاعلة"، حيث كان الوقت المناسب لنتنياهو لتشكيل ائتلاف جديد في النهاية.
وسعى نتنياهو منذ بداية محاكمته لتعزيز أجندة تصوره كضحية للمؤامرات، التي تهدف للإطاحة به، على حد تعبيره، بقيادة النخب اليسارية الإسرائيلية.
وقال نتنياهو في خطاب إنه "لا يمكن لليسار القيام بذلك في استطلاعات الرأي لأكثر من عقد من الزمان، لذا في السنوات الأخيرة، أوجدوا طرقا جديدة".
ووفقا لخطاب نتنياهو، وعلى الرغم من انتخاب اليمين بقيادته مرة بعد مرة، فإن مراكز السلطة الأخرى في البلاد تواصل الترويج لأجندة اليسار.
وستكون الحكومة الجديدة محاصرة بين محاكمات الفساد التي جرت بحق نتنياهو من جهة، والتي يواجه فيها اتهامات خطيرة بالاحتيال والرشوة وخيانة الأمانة، ومن جهة أخرى عدم قدرة أي شخص من داخل الحكومة أو خارجها على تشكيل حكومة بديلة في المستقبل القريب.
ولا يعتقد الكثير من المحللين الإسرائيليين أن يسلم نتنياهو منصب رئاسة الوزراء إلى بيني غانتس زعيم حزب "أزرق أبيض" في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2021.
ووقع غانتس، اتفاقية تقاسم السلطة مع منافسه السابق نتنياهو في أبريل الماضي، ليكون الأخير رئيسا للوزراء لمدة 18 شهرا على الأقل، قبل أن يتسلم غانتس المنصب.
وسيشغل غانتس خلال فترة رئاسة نتنياهو منصب وزير الجيش ومنصب "رئيس وزراء بالتناوب"، وهو منصب لم يكن موجودا في إسرائيل من قبل.
ومكن الاتفاق نتنياهو من تشكيل حكومته الخامسة، في إطار توحيد المجتمع الإسرائيلي خلال أزمة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19).
ويعتقد يوسي شاين، مدير كلية العلوم السياسية في جامعة تل أبيب، بأن "غانتس يحاول عدم تدمير الحكومة الآن".
وقال شاين، لوكالة أنباء "شينخوا" إنه "لا يرى أي قيمة لتدمير الحكومة من خلال إدانة نتنياهو"، مبينا بأن "هذا العمل سيؤدي إلى إسقاط الحكومة على الفور".
وكان غانتس، وهو رئيس سابق لأركان الجيش الإسرائيلي، قد دخل السياسة قبل عام وذلك بهدف الإطاحة بنتنياهو "الفاسد" على حد تعبيره، ومع ذلك، انضم إليه في حكومة وحدة بعد ثلاث محاولات انتخابية فاشلة.
ومن المفارقات الآن أن غانتس سيكون مع حزبه القوة السياسية الحيوية للحفاظ على الحكومة على قيد الحياة، والتي تعمل كمدافع عن الخط الأول لنتنياهو في المحكمة العليا.
واتهم نتنياهو قبل دخوله قاعة المحكمة عناصر في الشرطة والنيابة بـ"الانضمام إلى وسائل الإعلام اليسارية وتشكيل قضايا لا أساس لها من الصحة، وسخيفة في الوقت ذاته".
ووفقا للدكتور غايل تلشير، الخبير في الديمقراطية الإسرائيلية في قسم السياسة بالجامعة العبرية في القدس فإن "غانتس منع نتنياهو من استخدام الحكومة لإنهاء محاكمته تماما".
وإذا كان نتنياهو قادراً على تشكيل حكومة أحلامه بدون غانتس، والتي تتألف من أحزاب يمينية، فيمكنهم تمرير قوانين تقوض المحاكمة على الأقل طالما أن نتنياهو هو رئيس الوزراء بالنيابة.
وأوضح تلشير لـ"شينخوا"، "أعتقد أنه سيكون لدينا العديد من التصريحات لأعضاء حزب نتنياهو ضد المحاكمة والقضاة والشرطة"، مشيرا إلى أن "وزير الأمن العام والمسؤول عن الشرطة الذي عينه نتنياهو، سيتأكد من عدم إجراء تحقيقات ضده".
وقال نتنياهو نفسه قبل دقائق من بدء محاكمته في خطابه لوسائل الإعلام إن "الرئيس السابق للشرطة الإسرائيلية، الذي عينه، ارتكب جرائم جنائية كتسريب معلومات من تحقيقات رئيس الوزراء".
واتهم نتنياهو رئيس الشرطة السابق، بالإضافة إلى ضابط شرطة آخر رفيع المستوى، بارتكاب مخالفات قانونية، قائلا إن "هؤلاء هم الأشخاص الذين قادوا التحقيقات ضدي"، مضيفا "إنني متأكد أنهم فعلوا هذا عمداً وبرغبة منهم".
وشدد نتنياهو على أن "هذه التحقيقات كانت ملوثة ومختلقة من البداية، ولا عجب أنها انتهت باتهامات سخيفة وملفقة"، على حد قوله.
وبحسب خبراء، جمعت الحكومة الإسرائيلية الجديدة بعض الوزراء الذين لم يكونوا الأنسب لمناصبهم العامة التي تقلدوها، ولكنهم بالتأكيد مثاليون للعمل كدرع بشري في محاكمة نتنياهو .
ويعد نتنياهو (70 عاما)، رئيس الوزراء الأطول خدمة في إسرائيل، فهو مستمر في منصبه منذ عام 2009، كما أنه قضى فترة سابقة رئيسا للحكومة بين عامي 1996 و 1999.
ويواجه نتنياهو اتهامات في ثلاث قضايا مسماة باسم "قضية 1000"، "وقضية 2000"، "وقضية 4000".
ويتضمن الملف الذي يحمل الرقم 1000 اتهامات لنتنياهو بالحصول على منافع شخصية من رجال أعمال، حيث تشير لائحة الاتهامات إلى أن عائلة نتنياهو حصلت على سيجار باهظ وشامبانيا ومجوهرات تبلغ قيمتها مليون شيقل إسرائيلي (حوالي 289 ألف دولار أمريكي) من المنتج السينمائي أرنون ميلشان.
فيما يتضمن الملف الذي يحمل الرقم 2000 اتهامات لنتنياهو بمحاولة التوصل إلى اتفاق مع ناشر صحيفة (يديعوت أحرونوت) أرنون موزيس، للحصول على تغطية إيجابية مقابل إضعاف صحيفة (يسرائيل هيوم) المنافسة لها.
في حين، يعتبر الملف 4000 هو الأكثر خطورة بين الملفات، حيث يتضمن اتهامات بمنح مزايا وتسهيلات مالية تقدر بمليار شيقل إسرائيلي (حوالي 289 مليون دولار أمريكي) للمساهم في شركة الاتصالات (بيزك) شاؤول ألوفيتش، مقابل الحصول على تغطية إيجابية في موقع (والا) المملوك لألوفيتش.