أصدر مركز الائتلاف المدني لتعزيز السلم الأهلي وسيادة القانون بيان صحفي، يوم الأربعاء، عبر فيه عن قلقه مما يشهده المجتمع الفلسطيني في ظل هذه الأوضاع والظروف الاستثنائية من تآكل متزايد في السلم الأهلي والتماسك المجتمعي، وبزوغاً متسارعاً لمظاهر العنف وارتفاعاً خطيراً في مستوى الجريمة كماً ونوعاً، وفي مقدمتها جريمة القتل، الأمر الذي يهدد وجود المجتمع برمته.
ورصد مركز الائتلاف المدني جملة من الوقائع والأحداث شهدتها الأيام الأخيرة، أبرزها: مقتل مواطنين أثنين وإصابة آخرِين في شجار عائلي في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، ومقتل شاب وإصابة آخر في بلدة قصرة في مدينة نابلس، ومقتل مواطنة من سيلة الحارثية غرب جنين، وطعن شاب بالصدر في رفيديا في مدينة نابلس، وطعن شاب آخر في وادي معالي في مدينة بيت لحم، وإصابة شاب بجروح خطيرة نتيجة شجار عنيف في بلدة عزون شرق قلقيلية، وإصابة ثلاث شبان أحدهما إصابته حرجة خلال إطلاق نار خلال شجار في ضاحية السلام في بلدة عناتا في مدينة القدس، وكلها خلال أيام، في انتشار للجريمة على امتداد خارطة الوطن، يتناقض شكلياً مع إعلان حالة الطوارئ والانتشار الأمني غير المسبوق في كافة المحافظات والمدن والقرى والمخيمات والتجمعات في زمن كورونا للأجهزة الأمنية الفلسطينية، مما يعكس حالة من العنف وفوضى السلاح وثقافة استيفاء الحق بالذات وغياب هيبة القانون وسيادته من جهة، ويؤكد فشل الحلول الأمنية المتراكمة وضرورة التوجه إلى معالجات شمولية من جهة أخرى.
وشدد على ضرورة معالجة ما خلقته أزمة تفشي فيروس كورونا من تداعيات كارثية، تمركزت في حالة ضغط هائلة يعيشها غالبية المواطنين/ات لأول مرة، نتيجة الإغلاق والذي ضاعف عدة مرات من مستويات الفقر والبطالة ورفعها إلى مستويات غير مسبوقة، والتواجد المستمر بالمنازل لأيام وأسابيع دون خروج إلا للضروريات القصوى، إذ خلقت الحالة الأولى ما يمكن لنا أن نطلق عليه وباء اقتصادي، أما الثانية فقد تسببت في زيادة المشاكل الأسرية والعنف والشجارات.
واعرب الائتلاف المدني لتعزيز السلم الأهلي وسيادة القانون عن ارتياحه لإعلان الحكومة الفلسطينية بدء عودة الحياة إلى طبيعتها مع بدء انحسار الفيروس واستتباب الأمن الصحي، والسماح للمحال والمنشآت التجارية والصناعية وللمؤسسات الرسمية والمدنية ببدء العمل مع الحفاظ على إجراءات السلامة العامة. إلا أنه رأى في هذا الخطوة إعلان رسمي يجب أن يكون له تبعات أقلها أن يرافق هذا الفتح مع خطط إنعاش اقتصادية تعالج تداعيات الأزمة على القطاعات كافة.
وطالب مركز الائتلاف المدني لتعزيز السلم الأهلي وسيادة القانون على نحو عاجل بما يلي:
-وضع خارطة طريق وإستراتيجية وطنية متكاملة بأهداف قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، لتعزيز السلم الأهلي، تشمل المؤسسات الرسمية والأمنية والثقافية والدينية والمدنية، في جهود متكاملة وأهداف واضحة قابلة للقياس وفق نظرة تكاملية. ومعالجة القصور القانوني عبر استكمال المنظومة التشريعية وتطويرها، بما يحقق الردعين الخاص والعام، وفي مقدمة ذلك إصدار قانون عقوبات فلسطيني سريعا ضمن نقاش وحوار مع المؤسسات الحقوقية والمجتمع المدني ضمن حالة الضرورة التي لا تحتمل التأخير، يحقق مفهوم العدالة الجنائية بشكل غير متحيز ويحارب الجريمة بفعالية، وجعل نظام الوساطة ملزماً في القانون. وتعزيز التوجه نحو الوسائل البديلة في حل النزاعات، مثل الوساطة والتحكيم. واتخاذ خطوات اقتصادية سريعة وجريئة تخرج الاقتصاد الفلسطيني من تداعيات أزمة فيروس كورونا.
وتطوير إستراتيجية أمنية متكاملة تمكن جهات إنفاذ القانون من القيام بدور حاسم في ردع الجريمة وملاحقة مرتكبيها دون تقاعس أو محاباة أو تردد أو تقصير، وتقديم مرتكبي الجرائم للعدالة. وضبط السلاح غير الشرعي في المناطق كافة ومعالجة هذه الآفة بجدية على المستويين الثقافي والأمني.
اتخاذ الاجراءات اللازمة بحق مرتكبي الجرائم من قبل السلطة القضائية على ان يترافق معه إصلاح شامل للقضاء النظامي بما يجعله ناجزاً كفؤاً شفافاً نزيهاً خالٍ من الفساد وقادراً على فرض عقوبات صارمة، دون أن يمس ذلك بضمانات المحاكمة العادلة. وقيام مؤسسات التنشئة الاجتماعية، بدور أكبر وفاعل في نشر وتعزيز قيم السلم الأهلي والتماسك المجتمعي والمواطنة وثقافة الحوار والاعتدال والتسامح ونبذ العنف، ومحاربة الثقافة الداعمة للقتل ولأخذ الحق باليد والمستسهلة لارتكاب الجريمة.
ومواجهة العنف والكراهية في الخطاب الإعلامي التقليدي والحديث، بتبني مفاهيم الأمن الإلكتروني. وتعزيز دور الشباب الفلسطيني في المجتمع وحضورهم في الشأن العام وإشراكهم في مراكز صنع القرار، وإشراك القطاع الخاص في الحفاظ على السلم الأهلي ضمن مسؤوليته المجتمعية، من خلال تسليط الضوء على العلاقة السببية بين التدهور الاقتصادي والبطالة والجريمة.