تحاول حكومة الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ مخططاتها المعادية للشعب الفلسطيني انطلاقاً من عنجهية السلطة القائمة بقوة الاحتلال ، المدعومة من الإدارة الأمريكية ، التي تثبت كل يوم عدوانيتها وفاشيتها وعنصريتها في تعديها على حقوق ومكتسبات ومنجزات شعوب العالم وحق أي شعب في تقرير مصيره وفقاً للمواثيق والأعراف الدولية .
" نتنياهو " يسعى مع الائتلاف اليميني العنصري والمتطرف في نظام الأبرتهايد الإسرائيلي لفرض مخطط ضم أجزاء واسعة من أراضي دولة فلسطين المحتلة انطلاقاً من أحقاد تاريخية وعقلية تآمرية عدوانية ومن كذب وخداع وتزييف للحقيقة ، في محاولة متكررة لتغيير الطابع التاريخيّ والفلسطيني والهوية العربية الفلسطينية لأرض فلسطين ، أمام حالة من الصمت المريب واللامبالاة من قبل الأمة العربية الغارقة في وحل الانقسامات والشرذمات والحروب الأهلية وتفشي الظلامية والتكفيرية المتوحشة صنيعة الصهيونية والامبريالية العالمية .
وحدها القيادة الفلسطينية ( الرئيس – اللجنة التنفيذية – فصائل العمل الوطني ) في مواجهة مخططات وسياسات الاحتلال الاسرئيلي ، مع بعض الاستثناءات في الموقف العربي " الأردن ، الجزائر – مثالاً " التي وقفت وقفة جدية ومسؤولة ورافضة اتجاه قضية " الضم " التي تلوح بها حكومة الاحتلال في إطار " خطة ترامب – نتنياهو " المعروفة باسم " صفقة القرن " والتي يشكل " الضم " بنداً من بنودها .
لا يوجد موقف عربي صلب وموحد من قبل النظام الرسمي العربي ، مع وجود بعض الأصوات العربية ، خرجت من هنا وهناك تنديداً ورفضاً لقرار الحكومة الإسرائيلية ، وبتقديري بأن الصمت العربي العام هو رسالة واضحة للاحتلال وحكومته بأن يمضي بمخططاته وأنّ الفرصة سانحة ولن يكون هناك أي رد عربي ، بل لن يكون هنالك مجرد رفض عربي لما يجري على الأرض الفلسطينية !!
في ظل هذا الواقع وما يحاك في دهاليز الظلام الامبريالية – الصهيونية – الرجعية ، وما يخطط في محافل العهر والعار والغطرسة للانقضاض على شعب فلسطين وقيادته ومنجزاته الوطنية ومحاولة إضعاف ، بل وتذويب وطمس الموقف الفلسطيني الثابت واستحضار قيادات بديلة جاهزة للعمل كعملاء وأدوات للاحتلال والعمل كأذناب للمحتل بديلاً عن مؤسسات الدولة الفلسطينية كما عُبر عن ذلك ببعض التصريحات والمقابلات الصحفية مؤخراً ، وكأن الشعب الفلسطيني ضعيف ومنسلخ عن قضيته وبلا هوية إلى حد القبول بمثل هؤلاء بديلاً عن قيادتهم الوطنية الشرعية وعن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، والتي دفعت أثمان باهظة من دماء المناضلين ، دفاعاً عن الهوية الوطنية والمشروع الوطني والقرار الوطني المستقل ، وواجهت مصيرها ومصير شعبها بصمود وبطولة وثبات ، وهي قادرة اليوم ورغم كل ما شهدته من ضعف / أو إضعاف لدورها خلال العقدين الماضيين على مواصلة المسيرة النضالية والكفاحية وحماية الثوابت الوطنية التي لن تسقطها أو تتراجع عنها أو تساوم عليها .
الموقف بات واضحاً ، هناك حكومة إسرائيلية تقوم على عقيدة الاستيطان والقرصنة ونهب الأرض وتهويدها ، وهي مستمرة في محاولاتها التي لم تتوقف عنها يوماً منذ إقامة الكيان الصهيوني ، فمسلسل نهب الأرض لم يتوقف ، والشعب الفلسطيني أيضا لم يتوقف يوماً عن النضال ، وهو جاهز للتضحية ، وجاهز للنضال ومقاومة الأطماع الاحتلالية المسنودة بغطرسة البيت الأبيض الأمريكي .
هناك ضرورة لتحرك فلسطيني متواصل شعبياً وجماهيرياً على الأرض ، وسياسياً ودبلوماسياً في المحافل الدولية المختلفة لفضح ممارسات الاحتلال وما تقوم حكومته من سياسات تمس كافة قرارات الشرعية الدولية وتخرق كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية .
يجب أن تكون هناك خلية أزمة من القيادة الفلسطينية لمواجهة الموقف واتخاذ الإجراءات والتدابير المناسبة وعلى كافة المستويات ، والعمل مع كافة دول العالم لدعم عدالة القضية الفلسطينية وتحشيد كافة الدول لرفض مخططات الاحتلال الرامية إلى تفجير الأوضاع على مستوى المنطقة ككل ، ونسف كل الجهود السياسية ، وتدمير ما تبقى من العملية السلمية إن بقيت لها بقية !!
وأمام هذا الواقع وهذه التحديات المصيرية فالواجب الآن العمل بشكل مسؤول من اجل استعادة الوحدة الوطنية البرنامجية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية ، ولا إطار غيرها ، وإنهاء الانقسام بعيداً عن الشعارات البراقة والمواعظ والتلاعب بالكلمات والخطابات الجوفاء التي عراها شعبنا وعبر عن رفضه لها وهو يطالب اليوم بضرورة العمل الوطني الموحد ، فما يجمعنا اكبر من كل ما يفرقنا ، والوحدة وإنهاء الانقسام لم يعد مجرد دعوة ، بل ممر إجباري لجميع القوى والفصائل وعلى رأسها حركة حماس التي يتطلب منها التقاط اللحظة التاريخية والعودة إلى منبعها الفلسطيني الذي يجب أن يصب في نهر الحركة الوطنية الفلسطينية ، وأن نطوي صفحة الانقسام البغيض ، فالاحتلال يعتمد بشكل أساسي في كافة مخططاته على الواقع القائم بفعل الانقسام ، وعلينا أن نفوت الفرصة على الاحتلال من خلال إعادة ترتيب البيت الفلسطيني ، البيت الفلسطيني الذي يتسع للجميع على قاعدة الشراكة والعمل الجبهوي والتعددية السياسية وان نتوحد قبل ذلك وأولاً في معركة المصير المشترك – معركة الدفاع عن الحقوق والثوابت الوطنية – ومعركة الأرض ومشروع الدولة الفلسطينية المستقلة .
بقلم : محمد علوش *
عضو اللجنة المركزية لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت