يواجه الشعب الفلسطيني تحديات كبيرة ومخاطر جمّة ، تستهدف حقوقه وثوابته ووجوده على أرضه من جراء سياسات الاحتلال العنصرية والمتمثلة بمصادرة الأرض والاستيطان ونهب خيراتها من مياه ومعادن وغيرها ، واستهدافها للقدس والمقدسات وتغيير معالمها في اطار سياسة فرض الوقائع على الأرض ، وسن العديد من القوانين العنصرية التي تستهدف أرضنا وشعبنا وأسرانا ومنها " يهودية الدولة " والتي في إطارها تم العمل على قنونة اجراءات الاحتلال العنصرية منذ عام 67 ، وما تمخض أخيراً عن الائتلاف ( نتنياهو - غانيتس) العمل على تنفيذ مخطط ضم الأغوار وشمال البحر الميت والكتل الاستيطانية ، والذي يعني ضرب أسس المشروع الوطني ومرتكزاته ، ويمنع قيام دولة فلسطينية ويأتي ذلك في ظل شراكة تامة مع إدارة ترامب وإعطائها الضوء الأخضر للاستيطان ولمشروع الضم المخالف للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية ، وتقديمها لكل أشكال الدعم لهذا الاحتلال ، وآخرها تقديم 38 مليار دولار على مدى عشر سنوات ، عدا عن دعمها له في كل المنظمات الدولية.
في ضوء ذلك وما اتخذته القيادة الفلسطينية من توجهات وقرارات في حلها من الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الامريكية والاسرائيلية وبما فيها الامنية والتنسيق الامني وذلك لعدم التزام دولة الاحتلال بها ، مما أدى إلى إفراغ المرحلة الانتقالية من مضمونها ، ولأنها تريد سلطة بلا سلطة واحتلال بلا كلفة ، وان تتحمل دولة الاحتلال جميع المسؤوليات والالتزامات المترتبة عليها أمام المجتمع الدولي كقوة احتلال ، أعتقد أن هذا القرار الهام والمدروس يؤسس لمرحلة جديدة ، مما يتطلب وضع وصياغة رؤية وطنية تتناسب مع معطيات هذه المرحلة وتطوراتها ، تستند بالدرجة الأولى إلى تفعيل وتطوير دوائر ومؤسسات م.ت.ف كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني من اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي والمجلس الوطني...الخ من المؤسسات واللجان من أجل تعزيز دورها ومكانتها وقدرتها التمثيلية.
ونحن في الذكرى 56 لتأسيسها والتي حافظت على الهوية الوطنية وقادت شعبنا بكل حكمة واقتدار في كل محطات النضال الوطني الفلسطيني ، مما يتطلب مزيداً من الالتفاف الشعبي حولها ، وهذا يستدعي أيضا تفعيل وتنشيط العمل الدبلوماسي في السفارات والقنصليات والبعثات للقيام بالدور المنوط بها في إطار العمل النضالي الفلسطيني ، وكذلك النضال المتواصل على صعيد الهيئات والمنظمات الدولية من مجلس الأمن والجمعية العامة لطلب العضوية الكاملة والحماية الدولية لشعبنا من جراء الاعتداءات الاحتلالية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني ، والنضال القانوني من خلال المتابعة المستمرة للجنائية الدولية لملاحقة اسرائيل وقادتها على ما ارتكبوه من جرائم بحق الشعب الفلسطيني وانتهاكات فاضحة بحقه ، وعزل هذا الاحتلال وسياسته من خلال تفعيل كل أشكال المقاطعة في ذلك ، والعمل على محاسبة الشركات التي تتعامل مع المستوطنات التي أعلنت عنها المفوضية السامية لحقوق الانسان.
في إطار التكامل بين ما تقوم به القيادة من جهد على الصعيد الدولي والحركة الشعبية على الأرض ، مما يستدعي استنهاض كل طاقات الشعب الفلسطيني وبكل مكوناته لحساسية المرحلة وخطورتها على القضية الفلسطينية والمشروع الوطني ، وهنا تكمن أهمية دور الفصائل والقوى الوطنية في وضع الأسس لحراك شعبي مستدام وممأسس ، يستند إلى وحدة وطنية وشراكة حقيقية تنهي فصول مأساوية من الانقسام المدمر لأكثر من اثني عشر عامًا تعيشها الساحة الفلسطينية من أجل الوصول إلى انتفاضة شعبية عامة تشارك فيها كل قطاعات الشعب تحمل موقف وخطاب موحد وبقيادة موحدة تضع الخطط وتبتدع أشكال وأساليب نضالية تقض مضاجع هذا الاحتلال وتحرجه وتعزله دوليا ، ومن الأهمية بمكان تعزيز وتكامل الجهد النضالي في كافة أماكن تواجد أبناء الشعب الفلسطيني وبخاصة في الأرض المحتلة.
إن قرار القيادة في غاية الأهمية والجدية يضع حداً لغطرسة هذا الاحتلال وجبروته ، والذي يعتبر نفسه فوق القانون الدولي والمحاسبة الدولية ، مما يتطلب وضع برامج وآليات للتنفيذ والانتقال من - السلطة إلى الدولة – وتغيير وظيفتها التي كانت مرهونة لها ، والعمل على تعزيز مركزها القانوني من خلال مواصلة انضمامها لكل الاتفاقيات والمنظمات الدولية.
بقلم : حكم طالب *
عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت