تأسست قوات التحرير الشعبية، كقوة فدائية تتبع وحدات جيش التحرير الفلسطيني. بمبادرة من قبل رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة المرحوم أحمد الشقيري، بعد الحاح عدد من الضباط جيش التحرير للانتقال بالجيش نحو حالة التماهي مع العمل الفدائي الذي اطلقت شراراته الأولى حركة فتح وقوات العاصفة، ومجموعة القوى الفدائية (ائتلاف الجبهة الشعبية، والصاعقة وجبهة النضال الشعبي ...).
فعقدت اللجنة التنفيذية للمنظمة اجتماع عملٍ لها في القاهرة، بحضور بعض ضباط الجيش وطرحوا أفكارهم، وبعد نقاش طويل سمحت اللجنة التنفيذية للضباط الأكثر طاقة وحيوية بالمبادرة فوراً لإطلاق عمليات قوات التحرير الشعبية بقيادة ابن مخيم اليرموك وطيرة حيفا العقيد محمد بهجت عبد الأمين، وبالفعل وفي اجتماع العمل في القاهرة في مقر القيادة العامة لجيش التحرير الفلسطيني، وهو الإجتماع الذي ضم مجموعة من ضباط الجيش وقائد الجيش اللواء وجيه المدني، تم المطلوب، وحينها طرح شعار القوات ... هويتي بندقيتي. وكان ابرز الضباط من الحضور بهجت عبد الأمين، عبد العزيز الوجيه، حسين الخطيب، رستم كامل الحامد، وليد عطا أبو شعبان، والنقيب حسن أبو لبدة، والنقيب فايز جراد، والنقيب صائب العاجز، والنقيب زياد الحسيني، والملازم أول عبد القادر أبو الفحم، والملازم أول أحمد مفرج (أبو حميد)، والملازم أول عاصم طه، وعدد أخر من الضباط ، منهم ... خالد الديب، وعمر عاشور، ورمضان داوود، وجبريل نوفل، ويوسف رجب الرضيع ..الخ.
وتم اعتماد ميزانية خاصة لقوات التحرير الشعبية، باعتبارها منظمة فدائية ملحقة بجيش التحرير الفلسطيني، رسمياً في 15حزيران/يونيو1967، وكانت القوات بإشراف لجنة مكوّنة من أربعة أفراد هم : قائد الجيش اللواء وجيه المدني، ورئيس هيئة الأركان العميد الركن صبحي الجابي، والعقيد فايز الترك، والعقيد فخري شقورة. وقد ترأس العقيد بهجت عبد الأمين قيادة القوات.
برزت قوات التحرير الشعبية كقوة عسكرية فاعلة، فدفعت بمجوعاتها الفدائية للقيام بنشاطها العسكري في اغوار الأردن والجولان وجنوب لبنان. ودفعت بدورياتها الأولى نحو الداخل الفلسطيني. وفي القطاع اطلق ضباطها وصف ضباطها وجنودها حرب العصابات في وجه الإحتلال، واستطاعت قوات التحرير الشعبية أن تكون إحدى التنظيمات الرئيسة والمركزية العاملة في قطاع غزة والنواة الصلبة التي تقود حرب العصابات المنظمة، وتمكّنت قيادة قوات التحرير الشعبية في غزة المؤهلة عسكرياً أن تستقطب خيرة شباب قطاع غزة الذين التحقوا في قوات التحرير الشعبية لما كان عليه التنظيم والقيادة من إنضباط، وكان من أبرزهم زياد نخالة، وابو جهاد طلعت.
وبالفعل فقد حوّلت قوات التحرير الشعبية غزة إلى أرض معركة حقيقية وكانت السيطرة في الليل على قطاع غزة لقوات التحرير الشعبية وفي النهار لقوات الاحتلال "الإسرائيلي"، وأصبح تنظيم القوات الشعبية من أكبر التنظيمات في الأراضي المحتلة، وبرز خلال عملها في قطاع غزة الدور المُميز للشهيدين زياد الحسيني وعبد القادر أبو الفحم. حيث استشهد النقيب زياد الحسيني، بتاريخ 21/11/1971، ومصطفى العرعير، ونبيل عابد، وصالح شتيوي، وعبد الله ابو ستة ...
لقد انتشرت قوات التحرير الشعبية التي جاءت من جيش التحرير (قوات حطين) و (القادسية) في سوريا، في أغوار الأردن، وبدأت في عمل قواعد ارتكازية من بداية شهر تشرين الثاني/ديسمبر1967. اما قيادة قوات التحرير الشعبية في الأردن فقد كانت تحت إدارة العقيد الفلسطيني السوري عبد العزيز الوجيه (من اكسال قضاء الناصرة)، فركّزت عملياتها الفدائية على طول الشريط الممتد في غور الأردن وجبهة الجولان، فبنت قوات التحرير الشعبية ثلاث قواعد في الكرامة، بقيادة نمر حجاج، والقطاع الأوسط بقيادة أحمد صرصور، والمنطقة الشمالية بقيادة يحيى مرتجى، مع نقطة صغيرة في الكرك، وافتتحت مركز تدريب في جرش، وتولى قيادته وليد أبو شعبان، ثم فايز جراد، فأحمد صرصور، وأخيراً محمد رزق أبو عبده. وشاركت بمعركة الكرامة وسقط منها اثنان وثلاثون شهيداً. وكان منهم نحو عشرة شهداء من مخيم اليرموك. فيما كان أول شهيد لقوات التحرير الشعبية : عبد الحفيظ فايز عبد الحفيظ من مدينة حيفا، ومن سكان مخيم اليرموك. وقد استشهد في عملية فدائية ضد قوات الإحتلال في القطاع الجنوبي من جبهة الجولان.
تشكَلت قيادة قوات التحرير الشعبية من صفوة ضباط جيش التحرير الفلسطيني وجنوده وكذلك من خيرة أبناء الشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة عرف منها: حسين الخطيب، زياد الحسيني، جبر عمار، عمر عاشور، وخالد الديب، ومصباح حنفي صقر، ونمر حجاج، ويحيي مرتجى، ووليد عطا أبو شعبان، وفايز جراد، ومحمد رزق عبدو، وعبد القادر أبو الفحم وصائب العاجز، ورستم كامل الحامد، ورفيق عكيلة، وسالم أبو عمرو، وعبد الله أبو زهير، ومحمد خميس البصيلي، وأحمد صرصور، ويوسف جراد، وعبد المجيد الحيله، ويوسف صليح، وإبراهيم سليم حسين، وشكري الجرجاوي، ومحمد عاشور الأسود، وعبد العزيز غانم ناجي، وسلامة العماوي، وموسي سابا، ومحمد زين الدين، وسعد عمر، وعبد المطلب الحسيني، وعلي إسماعيل عطا الله، وعمر الحلبي، وعبد الحليم شهاب، وطلال خلف، وخميس المصري وحمزة كنفوش، ومحمد الدنف، وجميل مقداد، وطلال محيسن، ومحمد عفانة، وزكريا شعبان، وخضر عباس، وعلي أبو العطا، وصلاح أبو العطا، ويعقوب أبو العطا، ومحمد فرج، ونهاد الريس.
أخيراً، تعتبر قوات التحرير الشعبية، من أنبل الظواهر الكفاحية التي انجبتها المسيرة الكفاحية الفلسطينية المعاصرة. وبعد الخروج الفلسطيني المسلح من الأردن، وقعت عدة تطورات جعلت من الصعوبة بمكان استمرار قوات التحرير الشعبية، فعاد ضباطها الى القوات النظمية لجيش التحرير الفلسطيني، بينما استمرت فعالياتها في قطاع غزة حتى العام 1973 تقريباً.
(الصورتين : مجموعة أولى لقوات التحرير الشعبية اثناء دخولها الجولان السوري المحتل من جهة القطاع الجنوبي عام 1969، ومجموع ثانية بتاريخٍ أخر).
بقلم علي بدوان
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت