حيفا، وما آدراك ما حيفا، دُرة المدن، عروس البحر الأبيض المتوسط، وفردوس فلسطين المغتصب. حيفا لها نَصِيبٌ كبير عند فلسطينيي سوريا، الذين يعود نحو (22%) منهم للمدينة وقضائها الكبير وقراها المتناثرة، ومابين كرملها والبحر.
حيفا، حاضرة في وجدان وفؤاد كل لاجىء فلسطيني على أرض سوريا، وعلى أرض مخيم اليرموك. فقد باتت حيفا عنواناً حاضراً، بدءاً من إعدادية حيفا بدمشق في (حي المزة) والتابعة لوكالة الغوث، الى صيدلية حيفا الى مشفى حيفا ...الخ. الى شارع حيفا في مخيم اليرموك.
يقع شارع حيفا في قلب مخيم اليرموك، وبشكلٍ موازٍ لشارع اليرموك من جهة الشرق، موازياً بدوره شارع صفد الذي يقع الى الشرق منه، ويصل طولياً بين شارع لوبية وشارع المدارس (شارع القدس). وفيه حالة سُكانية مُكتظة غالبيتها من اللاجئين الفلسطينيين من مُختلف مدن وبلدات وقرى فلسطين، ففيه موزاييك حقيقي لفلسطين، خصوصاً مناطق الجليل ومدن الشمال والساحل.
شارع حيفا، من الشوارع الحيوية القديمة التي نشأت مع قيام مخيم اليرموك. وقد أطلق عليه مُسماه المعروف كما هي أسماء مُختلف شوارع ومدارس اليرموك، التي تحمل أسماء الوطن الفلسطيني. لإحياء الذاكرة وحفظها وتأكيد الإنتماء والهوية. وتحويل شوارع المخيم ومناطقه إلى طيف أو صدى للنسخة الفلسطينية الأصلية، وتأكيد أن تلك الحارات ليست سوى ملجأ مؤقت على درب العودة وإنعكاس مرآة للفردوس الفلسطيني المفقود. ما كان مفاجئاً وكشفت عنه "المحنة" التي أصابت اليرموك، أن صورة ونموذح تلك الحارات تجاوز الهدف الأولي ليصبح حقيقة مشرعة من لحم ودم.. فشارع حيفا وصفد ولوبية والجاعونة لم تعد في ذهن وروح ابن المخيم مجرد انعكاس صورة لأصل.. بل صار جسماً أصيلاً نابضاً للحياة، يحمل تاريخه وذكرياته وحياته المستقلة عن النموذج الأم.
شارع حيفا، شارع تجاري متنوع في مبيعاته، وفي عناوين محلاته، وفيه المقصد للناس، حيث تجد فيه ماتريد. ينطلق من شارع لوبية التجاري الكبير، رابطاً إياه بشارع المدارس (شارع القدس). حيث تطل حاراته الفرعية على شارع اليرموك من جهة الغرب، وعلى شارع عز الدين القسام وصفد من جهة الشرق، فيما يخترقه شارع صفورية العريض ليصله بشارعي صفد وعز الدين القسام، ومسجد عبد القادر الحسيني، ومدرسة عبد القادر، ومبنى اللوثري القديم ..
من دالاته وعلاماته، قربه من إعدادية المالكية، وهي أقدم مدرسة إعدادية تابعة لوكالة الأونروا في مخيم اليرموك أقيمت عام 1958، ومضافة صفورية المشهورة، ومشفى الشهيد الرائد محمد فايز حلاوة، وجمعية الإسراء الخيرية الفلسطينية ... وإمتلاءه حاراته الفرعية التي تصله بشارع اليرموك بعيادات عشرات الأطباء من مختلف الإختصاصات، مما جعل منه موئلاً هاماً لحركة الناس من اليرموك وخارج اليرموك خصوصاً في ساعات المساء من كل يوم ..
في محنة اليرموك، تعرض شارع حيفا لسقوط القذائف عليه بشكلٍ متتالي، وسقط العديد من أبنائه شهداء أبرار وأبرياء. ومع أن تلك القذائف اللعينة أحدثت أضرارً ببعض منازله وأبنيته، إلاّ أن شارع حيفا كان الأقل دماراً من غيره، من الناحية العمرانية بالرغم من اهوال القذائف.
شارع حيفا سيعود كما كان مع إنتهاء محنة اليرموك، سيعود طريقاً لنا نحو فلسطين، لنِحمِلَ بعدها كل مخيم اليرموك الى فلسطين.
بقلم علي بدوان
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت