لماذا تفعلُ ما تمليهِ عليكَ أخلاقُكَ يا أبي؟
لأنَّ الذينَ لا أخلاقَ لهُمْ أناسٌ مثلُنَا
الجدرانُ على وشكِ الانهيارِ في واشنطن
الرُّفوفُ تخلو مِنَ المعلباتِ في سان فرنسيسكو
البنوكُ تغادرُهَا الحيتانُ في نيويورك
لماذا تأملُ بالخيرِ دائمًا يا أبي؟
لأنَّ الذينَ لا خيرَ فيهِمْ أشرارٌ مثلُنَا
الشوارعُ على وشكِ الاندثارِ في واشنطن
الشطآنُ تطفو بالأمواجِ في سان فرنسيسكو
المنتزهاتُ تقاطعُهَا الحماماتُ في نيويورك
لماذا ترى مِنْ عينِ السِّلمِ كلَّ شيءٍ يا أبي؟
لأنَّ الذينَ يَصِلُونَ إلى تحقيقِ مآربِهِمْ بالقوَّةِ ضعفاءٌ مثلُنَا
الأنفاسُ على وشكِ الانفجارِ في واشنطن
الوجوهُ تصبو إلى الابتسامِ في سان فرنسيسكو
القلوبُ تمزِّقُهَا العلاقاتُ في نيويورك
كنتِ تحلمينَ بالذَّهابِ إلى أمريكا يا ابنتي
اليومَ كمْ يبدو هذا الحُلْمُ أحمقَ
الناسُ يصابونَ بعشراتِ الآلافِ في واشنطن
الطيورُ لا تتركُ أعشاشَهَا في سان فرانسيسكو
السودُ يموتونَ أكثرَ مِنْ غيرِهِمْ في نيويورك
كنتِ تريدينَ البقاءَ في أمريكا يا ابنتي
اليومَ كمْ يبدو هذا البقاءُ أهوجَ
العدمُ فقدَ معنى الحياةِ في واشنطن
الوجودُ لم يعدْ تحقيقَ ما نصبو إليهِ في سان فرنسيسكو
النقودُ فقدتْ قيمتَهَا في نيويورك
كنتِ تقولينَ الحريَّةُ في أمريكا هِيَ الحريَّةُ في العالمِ يا ابنتي
اليومَ كمْ يبدو هذا القولُ أخرقَ
الأزمانُ القديمةُ تَقُحُّ في الرُّزنامةِ في واشنطن
القوانينُ الحمقاءُ تُطَبَّقُ في المستشفياتِ في سان فرنسيسكو
القيودُ المفروضةُ على التفكيرِ ازدادَ صانعوها تصلبًا في طُرُقِ تفكيرِهِمْ في نيويورك
لماذا يا أبي السياسةُ عَظْمَةٌ يعضُّهَا البيتُ الأبيضُ؟
لأنَّهُمْ في أمريكا يحبونَ الكلابَ في الشرقِ الأوسطِ
الحكَّامُ هُمُ الحكَّامُ في الرِّياضِ وفي واشنطن
الهنودُ هُمْ نحنُ في يافا وفي سان فرانسيسكو
الزنوجُ هُمُ الشُّقرُ في أوسلو وفي نيويورك
لماذا يا أبي يجعلونَكَ تدفعُ ثمنَ نبيذِهِمُ القدسيِّ؟
لأنهمْ يرونَ القدسَ في مواخيرِ حضارتِهِمْ عذراءَهُمُ المجدلية
الثَّراءُ الدينيُّ تُغالي بِهِ قوميَّةُ الُّلوبيَّاتِ في واشنطن
النهودُ تحتَ الفساتينِ الشَّفَّافةِ عندَ النَّحرِ تُساوي كلَّ آلامِ الفلسطينيينَ منذُ عهدِ السَّيِّدِ المسيحِ إلى عهدِ السَّيِّدِ العباسِ في سان فرنسيسكو
البيوتُ في المستوطناتِ الحجريَّةِ تقهرُ وباءَ السُّلطةِ في نيويورك
لماذا يا أبي لا يتمردُ الدُّولارُ على الدُّولارِ في جيوبِ الأمريكيينَ؟
لأنهُ يعيشُ يومَهُ بيومِهِ في الاحتياطِ الأمريكيِّ
أوهامُ الدُّولارِ تعوَّدوا عليها في واشنطن
رؤوسُ الأموالِ ربُّها الابتزازُ في سان فرانسيسكو
زنودُ الكورونا للوول ستريت إغواءُ عباءاتِ الوباءِ من نيويورك
إنهمْ يريدونَ إخضاعَ شعبي يا ابنتي
وهمْ يَخْضَعُونَ للوباءْ!
إنهمْ يفكرونَ كفقهاءِ الخرائطِ يا ابنتي
وهمْ يزولونَ بالإنتاج!
إنهمْ يحفرونَ قبورَهُمْ بِمِعْوَلِ التَّوراةِ يا ابنتي
وهمْ يقتلونني ويقتلونَ نهرَ السينَ في باريس ونهرَ التيمزَ في لندن!
د. أفنان القاسم
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت