أصدر مركز الميزان لحقوق الإنسان تقريراً بعنوان " واقع الهيئات المحلية (البلديات) في مواجهة جائحة كورونا (مستوى الخدمات وأبرز التحديات)؛ وهدف التقرير إلى تسليط الضوء على واقع الهيئات المحلية (البلديات) وأبرز العوامل التي أضعفت من قدراتها على أداء مهامها بالشكل المطلوب، ومدى انعكاس الأزمة المالية على المشاريع الحيوية. كما يتطرق إلى أهمية الدور الذي تلعبه البلديات في حماية المواطنين خاصة في أوقات انتشار الأوبئة والأمراض المُعدية فضلاً عن حجم المسؤولية والتدخلات المطلوبة التي فرضتها جائحة (كوفيد- 19)، والإجراءات الاحترازية التي نفذتها والتكاليف المالية المرتبطة بالتدخلات والأنشطة المنفذة من جانب البلديات خلال جائحة كورونا.
ويستند التقرير على مسح شامل أجراه مركز الميزان لحقوق الإنسان استهدف الهيئات المحلية في قطاع غزة جميعها. ويظهر المسح زيادة ملحوظة في حجم الضائقة المالية التي تواجهها الهيئات المحلية (البلديات) نتيجة الفرق الكبير بين الإيرادات الفعلية والنفقات التشغيلية والتجارية؛ حيث انخفضت الإيرادات وزادت النفقات، ولم تستطع الهيئات تحصيل مستحقاتها من المشتركين، حيث إن حوالي (80%) من البليدات تراكمت عليها المستحقات لموظفيها وتراوح عدد الأشهر المطلوب تسديدها ما بين (15) شهراً إلى (3) شهور.
ويظهر التقرير أن الإيرادات المحلية انخفضت بشكل ملحوظ في السنوات الاخيرة، وعند مقارنة إيرادات الربع الأول من العام (2017)- قبل قيام حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني بتنفيذ مجموعة من الإجراءات بحق قطاع غزة، مثل: الحسومات التي طالت رواتب الموظفين في القطاع العام، وتقليصها بنسب متفاوتة- ومقارنتها مع إيرادات الربع الأول من العام (2020) فقد سجلت بعض الهيئات المحلية انخفاضاً كبيراً في حجم الإيرادات وكانت على النحو الآتي: بلدية مدينة غزة (53%)، وبلدية خان يونس (66%)، بلدية رفح (25%) بلدية دير البلح (30%)، وبلدية جباليا(14%).
ويستعرض التقرير التكاليف الإجمالية للأنشطة والتدخلات التي قامت بها بلديات (غزة -رفح- خانيونس- دير البلح- جباليا النزلة) خلال جائحة كورونا والتي بلغت نحو (451300) شيقل، حيث تنوعت المهام والأنشطة التي شرعت في تنفيذها منها المرتبطة مباشرة بمراكز الحجر الصحي خاصة جمع وترحيل ومعالجة النفايات الصلبة، وتعقيم هذه المراكز، فضلاً عن القيام بأعمال الرقابة الصحية والبيئية ذات العلاقة، وشراء أدوات ومواد خاصة بالتعقيم والوقاية والسلامة، إلى جانب نشر مواد إعلامية وإرشادات. وتوزعت على النحو التالي: (152,300) شيقل لبلدية غزة، وبلدية خان يونس (71,000) شيقل، وبلدية بلدية رفح نحو (118000) شيقل، وبلدية دير البلح (82,000) شيقل، وبلدية جباليا النزلة (28,000) شيقل.
وبين التقرير وجود نقص كبير في المشاريع في ظل الحاجة الملحّة للمشاريع المتعلقة بالصحة العامة. وتقدر حاجة البلديات إلى إنشاء حوالي (124) مشروعاً للحد من التلوث في مناطق نفوذها، وضرورة ملائمة عدد حاويات النفايات "القمامة" بحيث تواكب الزيادة الطبيعية لعدد السكان؛ حيث بلغ العدد المطلوب توفيره منها حوالي (2211) حاوية، وبلغت حاجتها للآليات الثقيلة المستخدمة في ترحيل النفايات حوالي (111) آلية، وتستعين البلديات بعربات الكارّو (التي تجرها الحيوانات) حيث بلغ عددها (471) عربة؛ بهدف تخفيف حدّة الأزمة.
ويلفت التقرير إلى أن القيود المفروضة على حرية الحركة والتنقل للأفراد من وإلى قطاع غزة فرض تحديات اضافية لجهة زيادة المعرفة وتطوير المهارات للموارد البشرية العاملة في البلديات حيث بلغ عدد الدورات الخارجية والمؤتمرات التي لم يتمكن طواقم البلديات من حضورها خارج قطاع غزة حوالي (30) دورة ومؤتمر، في وقت انخفض فيه مستوى المنح والمساعدات الخارجية المقدمة لهذه الهيئات مما ضاعف من حدة الأزمة التي تعانيها البلديات.
وأكد التقرير أن جائحة كارونا ضاعفت من الضغط والمسؤوليات على الهيئات المحلية، حيث انعكست الجائحة سلبياً على مستوى الخدمات التي تقدمها البلديات، ودفعت بعضها إلى تقليص بعض خدماتها، الأمر الذي يتطلب سرعة التدخل من قبل الجهات ذات العلاقة لإنقاذها والعمل على حماية المواطنين وحقوقهم الأساسية.
وفي خاتمته يخلص التقرير إلى مجموعة من التوصيات للمجتمع الدولي والسلطات الفلسطينية، جاءت على النحو الآتي:
1. المجتمع الدولي بضرورة التحرك الجاد لإنهاء الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، والضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لوقف هجماتها ضد الممتلكات الخاصة والعامة، وأن تقوم بواجبها وفق القانون الدولي بدعم قدرة الهيئات المحلية والمستشفيات على التعامل مع الجائحة.
2. التوقف عن الزجّ بالبلديات والخدمات الأساسية في أُتون الصراع السياسي، وذلك حماية للمواطنين وللمجتمع، ولتمكينها من القيام بواجباتها المنوطة بها، وتخصيص الأموال اللازمة لدعمها كي تتمكن من تنفيذ أنشطتها الضرورية والحيوية، المتعلقة بالمياه والصرف الصحي والنظافة العامة، ومشاريع البنية التحتية.
3. تفعيل وتطوير خدمات الهيئات المحلية (البلديات) وتعزيز دورها، ولاسيما ما يتعلق بالنظافة العامة وصحة البيئة وعمليات التعقيم وضمان توافر إمدادات المياه الصالحة للشرب، ومعالجة الصرف الصحي، حفاظاً على سلامة المواطنين.
4. تنسيق الجهود الوطنية وتوطيد التعاون وبناء شراكة راسخة قائمة على الشفافية والترابط مع القطاعات الأهلية والخاصة والحكومية، وتغليب المصلحة العامة، من أجل تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، خاصة في ظل جائحة كورونا.
5. تفعيل الرقابة من البلديات نفسها ومن وزارة الحكم المحلي لضمان إجراءات وسياسات شفافة وملتزمة بالإجراءات والممارسات المثلى لمكافحة الفايروس وضمان تقديم خدمات مقبولة وضرورية ضمن الإمكانيات والموارد المتوفرة.