دور الإعلام الجزائري في دعم قضية الأسري الفلسطينيين .. نموذج يستوجب التعميم العربي والدولي

بقلم: هاني العقاد

د.هاني العقاد

ليست قضية الاسري وحدها الحاضرة في كل بيت جزائري وعلي كل طاولة نقاش شعبية او حكومية او حزبية او مؤسساتية وانما قضية الشعب الفلسطيني مجتمعة ,قضية كل العرب قضية الصراع مع الاحتلال الاسرائيلي قضية النضال والوجود  الوطني علي الارض والهوية العربية الفلسطينية  , قضية اجرام هذا الاحتلال الذي لم يدخر وسيلة او اداة احتلالية للنيل من صمود الشعب الفلسطيني  , جرائمه اليومية  ,القتل  والاعتقال والتشريد وهدم البيوت وسرقة الارض وزرعها بالمستوطنات وتدنيس المقدسات والسعي لتهويدها وتقسيمها زمانيا ومكانيا , قضية التعذيب الممنهج بحق اسرانا   بالمعتقلات الصهيونية دون تميز بين طفل وشاب وامرأة او رجل مسن ,كل الفلسطينين امام سلطة الاحتلال الاسرائيلي مجرمون حتي تلك الاجنة  في بطون الاسيرات التي لم تولد بعد , قضية الجرائم الصهيونية  المستمرة بحق الفلسطينين والطريقة التي يتعامل بها هذا الاحتلال مع الفلسطينيون الذين يصورهم علي انهم مجرمون ,  ليسوا بشر ولا ادمين , لا حقوق لهم ولا يجوز حسب عقيدة الاحتلال احترام ادميتهم بل التعامل معهم باقسي درجات العنف والارهاب كسياسة من سياسيات الاحتلال لتفريغ الارض المحتلة من اهلها ليحلوا لهم استعمارها دون مقاومة ودون مناهضة لتلك السياسات .

اكثر من مليون فلسطيني اعتقلتهم سلطات الاحتلال الصهيوني منذ ان اقيمت دولتهم علي التراب العربي الفلسطيني منهم من استشهد في المعتقل ومنهم مازال يقضي حكما ظالما تعدي الخمسمائة عام , اطفال دون سن البلوغ لا يجوز اعتقالهم  اومحاكمتهم حسب قواعد القانون الدولي الانساني لكن اسرائيل ككيان احتلالي لا تكترث باي من القوانين والشرائع الدولية وتضرب بعرض الحائط كل تلك القواعد والقوانين الانسانية عندما تتعامل مع الاطفال الفلسطينين فهناك اكثر من 230 طفل فلسطيني مازالوا يقبعون في الاسر الصهيوني دون اي حقوق حتي حقهم في التعليم , ليسوا كغيرهم من اطفال العالم يحملوا حقائبهم  المملوءة بالكراريس والكتب ويسيروا في الطرقات مع زملائهم وابناء حاراتهم الي بوابات المدارس , ليسوا كباقي اطفال العالم يذهبون كل صباح الي مدارسهم وليسوا كأطفال العالم يجلسوا على مقاعد الدراسة  يتلقون تعليمهم يشاركوا قرنائهم التعلم  وامهماتهم ليسوا كامهاتهم ملايين الاطفال في العالم تعد لهم  سندويتشاتهم  وتضعها في حقائبهم  وتودعهم علي بوابات المنازل , انهم الاطفال الفلسطينين  المعذبون في زنازين الاحتلال الممنوعين من التعلم لان الاحتلال يعتقلهم في ظروف ابشع من ان توصف , صادر حقهم في كل حياة كباقي الاطفال ,صادر حقهم في التعلم  كما نصت اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية الاعلان العالمي لحقوق الانسان وكل المواثيق والقوانين الدولية , وصادر حقهم في اللعب والحرية والحماية والنمو الفكري والجسدي , صادر حقهم في الحماية الاسرية التي ضمنتها كل المواثيق , اطفال ابرياء امام  احتلال مجرم  يبتكر كل يوم اسلوبا جديد لحبسهم اما بالزنازين او الحبس المنزلي في تعدي خطير على ادميتهم وكينونتهم  يمارس  ابشع انواع التنكيل والتعذيب  الممنهج بحقهم ليطبع في وعيهم كل اشكال القهر الذي يؤدي الي تدمير نفسيتهم الطفولية  فلا حماية لهم ولا نصير لهم من هؤلاء دعاة الحرية والمدافعين عنها بالعالم , انسانيتهم تداس كل يوم باقدام السجان وكرامتهم لا يعترف بها هذا المحتل الذي لا يكترث لاي من القواعد الانسانية وحتي الشرائع التي نصت عليها الديانات الثلاث .

امهات ونساء وفتيات قاصرات ايضا في الاسر بلا اي حقوق ادمية او قانونية  . منهم  من مضي علي اعتقالها  اكثر من عشرون عاما ومنهم من تتعذب في اليوم بعدد ساعاته ودقائقه بسبب ما الم بها من اصابات اثناء الاعتقال كالاسيرة "اسراء الجعابيص "  المحكوم عليها 11 عاما بالسجن الفعلي بالرغم من احتراق  اكثر من 50 %  من جسدها نتيجة تفجير سيارتها علي احد الحواجز الاسرائيلية العنصرية ومن ثم تم اعتقالها دون ان يقدم لها اي علاج حقيقي ينهي معاناتها نتيجة لهذه لحروق , امهات انجبن بالاسر واصبح مواليدهن اسري معهم خارج اي قانون من القوانين الانسانية .

 كل هذه القضايا والمعاناة  شكلت اهتمام يومي من قبل الصحافة الجزائرية الي جانب القدس العاصمة على مدار ما يقارب عقد من الزمان وباتت قضية الأسري اليوم  من اهم ما يشغل الصحافة الجزائرية بشكل خاص دونها عن باقي ساحات الإعلام العربي , فقد خصصت صحيفة الشعب الجزائرية منذ اكثر من عشر سنوات ملحق خاص " صوت الاسير الفلسطيني " يصدر اسبوعيا ويملئ المساحات الإعلامية ويدخل كل بيت جزائري  بالخبر والصورة والكلمة والتحليل الوافي والحقيقة وينقل كل ما يتعلق بالاسري الفلسطينيين وشؤونهم ومعاناتهم للمواطن الجزائري , واليوم  بات هذا الملحق يصدر "صوت الأسير الفلسطيني" يصدر  بالتوازي في خمسة عشر  صحيفة جزائرية تغطي كل الجزائر من شرقها الي غربها ( الشروق ,الحوار , البلاد , الوسط , المواطن , صوت الأحرار , السلام اليوم , التحرير , و الإخبارية, العالم , المغرب الأوسط , الجزائر الجديدة , الحياة , الموعد ، الرائد ، الراية ، الحياة العربية ،  الاوراس  )  هنا لابد من كلمة لرؤساء التحرير والطواقم العاملة في هذه  الصحف التي تشارك الفلسطينين نضالهم وتتبني قضية الاسري والمعتقلين كقضية عادلة يجب تدويلها وايجاد الحلول لها وخاصة ان كثير من الاسري مرضي يقبعون في الاسر بلا علاج ولا اي اهتمام صحي ما تسبب في استشهاد اكثر من 200 اسير فلسطينين حتي الان   , نخص الحديث اليوم  في هذا المجال الصديق عز الدين بوكردوس  رئيس تحرير صحيفة الشعب الجزائرية صاحب هذه المبادرة ومن اهم الداعمين والمؤسسي لها , هذا  الجزالئري الشجاع الذي اعتبر ان قضية الاسري الفلسطينين هي قضية كل جزائري وعربي تنبي فكرة تدويلها انطلاقا من ارض الجزائر التي بات فيها كل بيت يعرف ويقرأ عن الاسري الفلسطينين ويشاطر ذويهم المعاناة والالم ,  ولابد من كلمة للطاقم اللاعلامي بسفارتنا بالجزائر علي راسها "الاخ خالد صالح"  الجندي المجهول الذي يقف وراء هذه التجربة الناجحة التي وضعت قضية الاسري علي راس اولويات الانشغال اليومي للسفارة الفلسطينية هناك  ولا بد من كلمة لهيئة الاسري والمحررين بمنظمة التحرير الفلسطينية التي وفرت كل الدعم والمساندة الاعلامية لهذا العمل الكبير والتجربة الناجحة التي باتت نموذجا ناجحا تتطلب التعميم والتكرار بدول عربية اخري علي امتداد عالمنا العربي بل والاهم ان تتكرر هذه التجربة كنموذج لتدويل قضية الاسري بكل دول العالم  وخاصة اوربا وامريكا والدول الاسكندنافية ودول امريكا الللاتينية .

  لان عدالة هذه القضية توجب منا العمل باستمرار علي اسنادها ليس داخل الوطن فقط بل اسنادها  بالكشف الحقيقي عن جرائم الاحتلال الاسرائيلي امام افراد المجتمع الدولي وشعوب العالم حتي تشكل تلك الشعوب جبهة ضغط علي حكوماتها للضغط علي دولة الاحتلال للتعامل مع الاسري الفلسطينين علي الاقل بمعاير القانون الدولي واتفاقيات حقوق الانسان التي من شأنها ان توفر الحماية لاسرانا البواسل في السجون الاسرائيلية واهم تلك القضايا وقف تام لما يسمي الاعتقال الادراي الذي يعتبر اعتقال خارج القانون او ان تنظر قضايا هؤلاء الاسري امام محاكم عادلة بوجود محامون دوليين   بالاضافة لقضية اعتقال الاطفال الذين يقبعون في معتقلات لا تتلائم وطبيعة اعمارهم وتساهو في وقف كل الممارسات الا انسانية بحقهم , كما وان تدويل هذه القضية وضغط الشعوب علي الحكومات للضغط علي اسرئيل سياهم بشكل فعلي في اعتناء الاحتلال الاسرئيلي بان لا يتأذي الاسري المرضي وان يسمح لمنظمات طبية بالعالم لاجراء الكشوفات الطبية الدورية عليهم واجراء العمليات المطلوبة .  لعلنا اليوم نطمح بان تعمم تجربة الاعلام الجزائري واسنادة لقضية الاسري وتدويلها حتي داخل الوطن الذي بدأ الاعلام فيه حزبيا بالدرجة الاولي وان تخصص مساحات مناسبة لملاحق اعلامية لتناول قضايا الاسري علي اختلاف مضامينها من خلال  الاخبار ومقالات لمختصين بهذا الشأن وتحليلات من كبار المحللين والخبراء السياسين الفلسطينين والعرب والعالم ولنا ان نطمح في اكثر من ذلك لان قضية الاسري من اهم قضايا الصراع التي بات الاحتلال يصورها ان له الحق في فعل ما يفعل بحق هؤلاء الاسري ويطالب بوقف دفع رواتبهم من قبل السلطة الفلسطينية  كاسلوب من اساليب كبح جماح حركة المقاومة الوطنية الفلسطينة ليفوز هذا المحتل بالهدوء والغلبة ويشرعن احتلاله واعتقالاته اليومية وهدمه لبيوت هؤلاء الابطال بل وكل ممارساته الاحتلالية بحق ابناء الشعب الفلسطيني .

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت