- بقلم: وسام زغبر
- عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
اعتاد الشعب الفلسطيني إحياء يوم شهيد الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في الرابع من حزيران (يونيو) من كل عام، تكريماً للشهداء القادة الأبطال الذين ألهموا أجيالاً متعاقبةً من مناضلي فلسطين وتحولوا رموزاً مضيئةً في التاريخ الفلسطيني، بالسير على خطاهم الذي كتبوه بالدم، والوفاء برسالتهم النضالية.
حزيران يمجد شهدائه، الذين سيبقون محطة نضالية في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني، ومنارة تضيء طريق النضال والمقاومة الذي سيتواصل على طريق الخلاص من الاحتلال والاستيطان، وإفشال مشروع الضم و«صفقة ترامب- نتنياهو» لصالح البرنامج الوطني (البرنامج المرحلي)، برنامج العودة والاستقلال وتقرير المصير.
إنهم الشهداء القادة الأبطال، شهداء المكتب السياسي واللجنة المركزية، وعموم الشهداء في قيادات الأقاليم والمنظمات الحزبية والديمقراطية للجبهة الديمقراطية، وكذلك عموم شهداء شعبنا وقواه السياسية الذين استشهدوا في مراحل الثورة الفلسطينية المعاصرة وفي ميادين النضال المختلفة في الضفة الفلسطينية وفي القلب منها القدس العاصمة، وفي قطاع غزة، وفي سجون الاحتلال وعلى الحدود وفي مقابر الأرقام، وفي مخيمات اللجوء والشتات وأماكن الاغتراب.
نتذكر من الشهداء، الشهيد الأسير عمر القاسم «مانديلا فلسطين» شهيد القدس، قاهر السجن والسجّان، والشهيد خالد نزال، والشهيد بهيج المجذوب، والشهيد خالد عبد الرحيم، والشهيد هشام أبو غوش، والشهيدة نهاية محمد، والشهيد عبد الغني هللو، والشهيد الحاج سامي أبو غوش، والشهيد عبد الكريم قيس، والشهيد ناجي الحاج، والشهيد طه نصار الوراسنة، والشهيد مشهور العاروري، والشهيد أنيس دولة، والقائمة تطول لشهداء عاشوا من أجل فلسطين، وأبدعوا بعطاءهم النضالي وتضحياتهم لفلسطين الوطن بلا حدود، وأمسوا رموزاً يعتز بها كل الشعب الفلسطيني وليس مناضلي الجبهة الديمقراطية وحدهم.
وإنه الرابع من حزيران (يونيو)، «يوم شهيد الجبهة الديمقراطية»، الذي يأتي هذا العام في ظروف هي الأصعب في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني، ظروف منهكة بعد 53 عاماً من هزيمة نكسة حزيران الأليمة، ظروف قهرها الانقسام الأسود الذي يكمل عامه الثالث عشر على التوالي دون أفق للخلاص منه، وتحت سيف أزماته اللعينة في قطاع غزة الشجاع، رغم خطورة الأوضاع التي تهدد الحقوق الوطنية والقضية الفلسطينية بأكملها وخصوصاً بعد ولادة حكومة الثنائي نتنياهو- غانتس والبدء بتنفيذ ضم الضفة الفلسطينية ذروة «صفقة ترامب- نتنياهو».
الحقوق الوطنية على المحك، فيما الانقسام المدمر يتواصل ويتعمق، وهناك من يرى في هذا الانقسام وسيلة لتعزيز نفوذه ومكاسبه على حساب المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني مستفيداً من صراع المحاور، غير آبه لحالة التدهور التي تعيشها المؤسسات الرسمية والمخاطر التي تتهدد القضية الوطنية الفلسطينية، بل ويواصل صناعة الحجج والذرائع التي تعطل التجديد الديمقراطي.
ما أحوجنا إلى الوحدة الوطنية، ما أحوجنا إلى استنهاض عناصر القوة في صفوف شعبنا وقواه السياسية، من خلال استعادة وحدة شعبنا في ظل قيادة م.ت.ف الائتلافية، ببرنامجها الوطني الكفاحي، برنامج العودة وتقرير المصير والاستقلال كما نص عليه البرنامج الوطني (البرنامج المرحلي)، ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني.
ما أحوجنا إلى الإسراع في الخروج من اتفاق أوسلو البائس من خلال استراتيجية وطنية بديلة، تتضمن سحب الاعتراف بإسرائيل، ووقف كل أشكال التنسيق الأمني معها ومع الولايات المتحدة الأميركية، ومقاطعة الاقتصاد الإسرائيلي، وإطلاق سراح المقاومة الشعبية الشاملة بتوفير الغطاء السياسي الوطني لها، وتدويل القضية والحقوق الوطنية في المحافل الدولية وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، بما في ذلك عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة وبموجب قراراتها ذات الصلة، وبإشراف مباشر من مجلس الأمن وبسقف زمني محدد، وبقرارات ملزمة تكفل لشعبنا حقوقه الوطنية كاملة غير منقوصة.
ما أحوجنا إلى الوحدة الوطنية التي جسدها الشهيد عمر القاسم في بناء اللبنة الأولى للحركة الوطنية الأسيرة، ونشر الأفكار والثقافة الوحدوية والنضالية في داخل المعتقلات الإسرائيلية، كما جسدتها إضرابات الأسرى المتوالية وحققت انتصاراً بطولياً في زمن لم تجن المفاوضات العقيمة ومعارك الانقسام والصراع على السلطة والنفوذ سوى الهزائم والكوارث لشعبنا.
ما أحوجنا لشهداء ومناضلين أمثال سيد الشهداء، قاسم فقراء والكادحين، صانع الحركة الوطنية الأسيرة، أنه الشهيد الأسير عمر القاسم شهيد «الإهمال الطبي» الذي تتزامن ذكرى استشهاده قبل واحد وثلاثين عاماً بـ«يوم شهيد الجبهة الديمقراطية»، ويتذكره الأسرى في كل يوم عاشوا مع رفيق دربهم، يتجرعون مرارة السجن، ويتحدون أساليب السجان القمعية بخوضهم الإضرابات المتتالية ضد القوانين العنصرية وإجراءات حكومات الاحتلال الإسرائيلية المتعاقبة.
«الذين يتآمرون علينا مؤامراتهم ستُرد عليهم ولن تزيدنا إلا ثباتاً وصموداً وتشبثاً بمواقفنا وحقوقنا، والتي لا تباع ولا تشترى بالمال».. «نحن الثابتون في هذه الأرض، المتجذرون في الماضي السحيق لوطننا، وفي أمسه القريب، وفي غده المشرق، وهم العابرون، مهما حاولوا أن يبتدعوا الأكاذيب والأساطير، أكثر من فاصلة في تاريخ هذه الأرض» ■
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت