- كتبت: ناهد أبو طعيمة
أعلن دولة رئيس الوزراء بعد ما يقارب الستين يوماً من الحجر الصحي عن جملة من الخطوات للتخفيف عن كاهل المواطن في ظل تجديد حالة الطوارئ، وهي في ملامحها لا تعني انفراجه تامة ولا تضيق كامل متحصنة بشعارها الحكومي منذ بداية الأزمة حول التوازن الصحي والاقتصادي ولعلها تأخذنا إلى مستوى آخر من الهواجس في المرحلة القادمة يحقق التوازن الإنساني والاجتماعي مع الصحي والاقتصادي.
إن هذا التوازن يتطلب إلتفات الحكومة إلى عودة المحاكم الشرعية للعمل مع احترام كافة التدابير السلامة للمساهمة في حل إشكاليات عالقة، وقد كانت الجائحة مبرر للتهرب منها أو تأجيلها الى أجل غير مسمي؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر تهرب بعض الأزواج من النفقة التي تقرها المحاكم إلى الأمهات والتي تعتبر الدخل الرئيس لبعض الأسر. إن تفعيل عمل المحاكم من خلال وجود قاضى أو قاضية تبث في قضايا النفقة والحضانة وتمكن الأبوين من حقهما في المشاهدة دون أي تعطيل يساهم في خلق الترابط والسلم العائلي، إلى جانب قضايا النزاع والشقاق وقضايا أخرى ملحة.
أشارت التقارير الدولية والمحلية الى فقدان شريحة واسعة من النساء لعملهن، وهن ربات الأسر والمعيلات لأسرهن، إثر فيروس كورونا وخاصة العاملات في الزراعة اليومية والعاملات كمعلمات في الحضانات وصاحبات المشاريع الصغيرة التي تديرها النساء. خاصة أن ما يقارب من 60% منهن عاملات بأجور أقل من الرجال وفي ظل مخاطر أكبر إلى جانب زيادة أعباء الرعاية غير المدفوعة الأجر وخدمة الأطفال وكبار السن. هذه الشريحة تستحق من الحكومة بعض التدابير الخاصة والدعم المؤقت ليس على مستوى الطرود العينية على أهميتها بل على ما يساعدها على الاستمرارية والنجاة في هذه المحنة الكبيرة.
أظهرت القرارات بقوانين الصادرة مؤخرا، والتي تم الغائها، لحساب بكبار الموظفين العموميين؛ فبدلا من النظر في تداعيات جائحة كورونا المتعلقة بازدياد نسب الفقر والبطالة في المجتمع الفلسطيني وبخاصة لدى النساء، غياب الأولويات التشريعية في السلطة الفلسطينية ولدى المشرع الفلسطيني.
هذه الحالة تقود الى أهمية خلق الأولويات لدى المشرع الفلسطيني لإقرار القوانين ومدى أهميتها وخاصة فيما يتعلق بالأسرة الفلسطينية حيث ما زال قانون حماية الأسرة من العنف لم يصار الى إصداره من ناحية. والى النظر الى تبعات وآثار الحجر المنزليّ على زيادة العنف الواقع على النساء بشكل بشكلٍ خاصٍّ، حيث يشكّل أذىً لنساء كثيرات يرتبط قمعهن بالمكان الذي يُحجرن فيه والأشخاص الذين يُحجرون معهم، ولعل وجود قانون رادع ويمنع العنف ويوفر الحماية والمحاسبة والوقاية.
وما يؤكد على أهمية هذا القانون ما أشارت له أيضاً التقارير الدولية والمحلية حول ازدياد وتيرة العنف في ظل فايروس كورونا؛ فقد قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال " إنّ العنف لا يقتصر على ساحة المعركة، فبالنسبة للعديد من النساء والفتيات، إن أكثر مكان يخيم فيه خطر العنف هو المكان الذي يُفترض به أن يكون واحة الأمان لهنّ؛ منزلهن وأن العنف زاد في كل العالم ثلاثة أضعاف بعد كورونا "
كما تتوقع نتائج استطلاع رأي أجراه أوراد - مركز العالم العربي للبحوث والتنمية ازدياد العنف المجتمعي بنسبة 40٪ ، وازدياد بنسبة 35٪ في العنف الأسري.
وفي هذا السياق من المهم الإشادة بقرار مجلس الوزراء بشأن إجراءات تحويل النساء ضحايا العنف في ظل حالة الطوارئ الخاصة بجائحة كورونا. والقاضي بإجراء فحص الكورونا لجميع النساء وأطفالهن من ضحايا العنف واللواتي يتم تحويلهن إلى مراكز الحماية، وإعطاء الموافقة الكاملة لتحويل المنتفعات إلى مراكز الحماية بعد صدور الفحص وبعد دراسة خريطة المرض الخاصة بالمنتفعة تبعاً لمنطقة سكنها وتحركها وهل هي مخالطة أو غير مخالطة. وذلك بالتنسيق مع وزارة التنمية الاجتماعية (مرشدات تنمية المرأة) ووحدات حماية الأسرة في الشرطة الفلسطينية، والعمل على تفريغ وزيادة عدد ضباط وحدات حماية الأسرة ومرشدات تنمية المرأة ودعمهم/ن بكل ما يلزمهم للعمل مع النساء ضحايا العنف حفاظا على سرعة وجودة الخدمة المقدمة واحتراما لخصوصية وسرية الحالات.
في المقابل فعلى الرغم من قله ظهور النساء على شاشات التلفزيون على المستوي المحلى والعالمي إلا ان النساء تتصدر الخطوط الأمامية لهذا الوباء مثل الممرضات والطبيبات والصيادلة وعاملات النظافة اللواتي يقومن بتطهير المستشفيات كل صباح ... الخ، الا أن النساء تمثل 70% في الطواقم الطبية المكافِحة لكورونا، وتحتل فقط 25% منهن فقط في مراتب القيادة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
وانطلاقا من ذلك، من أدوراهن الكبيرة في المنازل في فترة الحجر وتحملهن كل الضغوط النفسية والجسدية وعملهن في الفضاء العام والخاص الا أن مشاركتها في جميع اللجان الميدانية المشكلة لمواجهة الوباء جاءت ضعيفة، وليس أقرب للمقاربة في تمثيلهن في صندوق وقفه عز الذي شكل قوامه الغالب من الرجال باستثناء امرأة واحدة. مما دعا الأطر النسوية للمطالبة بوقف تجاهل دورها وإحباط مساعي واستبعادها، كما طالبن التقدم بشجاعة لحماية التجربة النسائية المميزة تاريخيا وعدم السماح بالانتقاص من دورها المميز. لقد اعترف العالم بأن سبع دول غربية استطاعت الحد من خسائرها والاتجاه سريعاً نحو تخطي الأزمة كان العامل المشترك بين هذه الدول يتمثّل في "القيادة النسائية" التي قامت بـ "عمل استثنائي" في مواجهة الجائحة. وهذا ما يدفع إلى التساؤل "ألم يحن الوقت لتتصدر النساء مواقع القيادة على نحو معادل للرجل؟
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن وجهة نظر صاحبها وليس بالضرورة رأي المؤسسة او الممول.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت