تشهد غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العصر الحديث، حيث يتعرض السكان، وبشكل خاص النساء والفتيات، لمخاطر متفاقمة نتيجة لانهيار القطاع الصحي، وانعدام الغذاء، وغياب الحماية. وكشف تقرير جديد صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) وصل وكالة قدس نت للأنباء نسخة عنه أن الوضع في قطاع غزة بلغ مستويات "كارثية"، مع شحّ الإمدادات الحيوية وغياب المساعدات، مما يعرض حياة مئات الآلاف من النساء والمراهقين للخطر.
انهيار خدمات الصحة الإنجابية ورعاية الأمهات
أشار التقرير إلى أن أكثر من 128 ألف امرأة حامل، بينهن 55 ألفًا في غزة وحدها، يواجهن خطرًا مباشرًا بسبب نقص الوقود والإمدادات الطبية. ولم يتبقَ سوى 18 مستشفىً فقط من أصل 36 تعمل جزئيًا، ما يعني أن النساء يُجبرن على الولادة في ظروف غير آمنة وغير صحية، بما في ذلك الشوارع والملاجئ المكتظة. وسُجلت 157 حالة ولادة خارج المرافق الصحية في الأشهر الستة الأولى من عام 2025، وارتفعت معدلات الولادات المبكرة ووفيات المواليد بشكل مخيف، حيث توفي 21 طفلًا في يوم ولادتهم الأول.
تصاعد المجاعة وسوء التغذية
أوضح التقرير أن المجاعة تضرب غزة بقوة، حيث يعاني أكثر من 90 ألف طفل وامرأة من سوء تغذية حاد، فيما لا يستطيع ثلث السكان الحصول على الطعام لأيام متتالية. وبينت البيانات أن 11 ألف امرأة حامل معرضات للمجاعة الفورية، في وقت تُمنع فيه المساعدات من الدخول منذ أكثر من 130 يومًا. ومع توقف إنتاج المياه بنسبة 60%، أصبحت الأمراض المنقولة عبر المياه، مثل الإسهال الحاد والتهاب السحايا، تهدد أرواح الآلاف.
تفشي العنف القائم على النوع الاجتماعي
كشفت "اليونفبا" عن ارتفاع مقلق في الاعتداءات الجنسية والعنف الأسري وزواج القاصرات نتيجة النزوح القسري وانعدام الأمان، مشيرة إلى أن النساء والفتيات باتوا عرضة للاستغلال والانتهاك، في ظل غياب الحماية وتوقف خدمات الإغاثة النفسية والدعم القانوني. وقد تم تدمير خطوط الاتصال الساخنة الخاصة بالعنف القائم على النوع، ما جعل الضحايا دون ملاذ آمن.
المساعدات عالقة والوضع يتدهور
ورغم تفاقم الأوضاع، لا تزال أكثر من 160 شاحنة إغاثة تابعة لليونفبا عالقة على الحدود، محمّلة بأدوية الأمومة، وحدات ولادة متنقلة، حاضنات للأطفال، ومستلزمات النظافة. ويُحرم 1.1 مليون شخص من أي مأوى ملائم، فيما يعاني الطواقم الطبية والإغاثية من الجوع ويعملون في ظروف تهدد حياتهم.
تدخلات محدودة ومطالب أممية
نجحت "اليونفبا" رغم التحديات في تقديم خدمات صحية لأكثر من 57,500 شخص، وتقديم دعم نفسي واجتماعي لحوالي 9,000 شاب وشابة، إضافة إلى توفير نقاط أمان لـقرابة 9,000 امرأة وفتاة. ومع ذلك، حذّرت الوكالة من أن الأزمة تتطلب زيادة هائلة في توزيع الغذاء والمساعدات الصحية، ودعت المجتمع الدولي إلى الضغط الفوري على الاحتلال الإسرائيلي لإدخال المساعدات دون عوائق.
دعوات عاجلة
أكد التقرير أن الوضع في غزة كارثي وغير مسبوق، مشددًا على أن "التقاعس عن إدخال المساعدات يعادل التواطؤ"، وأن الإرادة السياسية الدولية مطلوبة اليوم أكثر من أي وقت مضى لحماية النساء والأطفال من المجاعة والموت، ووقف الانهيار التام للبنية الإنسانية في القطاع.