- بقلم د. وسيم وني / مدير مركز رؤية للدراسات والأبحاث في لبنان.
يقول الألماني أوتوجروت عن الإعلام : (الإعلام هو التعبير الموضوعيّ لعقليّة الجماهير، وروحها، وميولها، واتّجاهاتها في نفس الوقت).
الإحتلال الإسرائيلي يخشى من وسائل الإعلام التي تمثل خطورة كبيرة على مشروعه الاحتلالي الصهيوني لأرضنا الفلسطينية والعربية ، ويدرك الدور الكبير لوسائل الإعلام في فضح جرائمه بحق شعبنا الفلسطيني وأرضنا ، فهو يضع وسائل الإعلام في مرماه ويواجه الإعلاميين بالرصاص القاتل وغيره .. والهدف من ذلك طمس الصورة وتشويه الحقيقة ومنع الكاميرات من نقل المجازر والجرائم الصهيونية بحق شعبنا الفلسطيني فالإعلامي ليست مهمته نقل الخبر وحسب بل صناعته وترويج الرواية الصحيحة للقضيته التي يدافع عنها ، وخاصة مع ترويج الإعلام الصهيوني لروايته التي تنتقص من حقوق شعبنا عبر جميع القنوات العالميّة .
الإعلام بشكل عام :
تعتبر صياغة وتشكيل الرأي العام في المجتمعات من الأدوار المهمة والرئيسة التي تقوم بها وسائل الإعلام، ويتضاعف ذلك مع التطورات المتسارعة التي نشهدها بشكل متسارع في مجالات تقنية الإتصالات التي بدورها منحت وسائل الإعلام إمكانات وقدرات هائلة في قوة التأثير على الآخرين وتغيير المفاهيم والقيم ، الأمر الذي جعل من وسائل الإعلام عاملاً من أهم العوامل المؤثرة في صناعة الرأي العام إن لم يكن أهمها .
وبالطبع يعتبر الإعلام سلاحاً فتّاكاً لا حدود لسطوته وقوته إذ يعتبر أفضل أسلحة الكفاح والنضال حضوراً وتأثيراً في صراعنا مع الإحتلال وأيضاً من جانب آخر يعتبر سلاحاً فتاكاً في أيدي أعدائنا ضدنا ، فإن الكلمة بحد ذاتها سلاح قوي ومؤثر أشدّ التأثير على المتلقي ، مستمعًا كان أم قارئاً على حد سواء ونحن سوياً نتفق عزيزي القارئ أنّه لا يوجد هناك مجال للشك بأن الإعلام الإسرائيليّ هو من أهّم اللاعبين في منطقتنا العربية ومن أهم المشاركين بالحرب والدمار و التي أوقد نارها في منطقتنا العربية وساهم في تدميرها بشكلٍ عام ، وضدّ شعبنا الفلسطيني الأعزل بشكل خاص .
دور وسائل التواصل الاجتماعي” “Social Media بالصراع مع الاحتلال :
إن الهدف الأبرز للكيان الاسرائيلي الذي يسعى لتحقيقه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ( توتير وفيسبوك وغيرها ) هو إيهام الدول والشعوب العربية باستحالة الإنتصار عليه ويعود ذلك لحالة التشرذم الذي نعيش فيه أضف إلى ذلك الآن جائحة كورونا التي تعصف بكل قارات العالم فشغلته بنفسه.
كما يعمل على نشر الإرهاب في الدول العربية لجعلها تنسى قضيتنا المركزية وهي فلسطين ولإبعاد الضوء عما يحصل في فيها وخصوصا في القدس المحتلة ، هذا بالإضافة إلى ضخّ ملايين الدولارات في محاولة يائسة للتسليم بالواقع بأن اسرائيل حتمية تاريخية ومن المستحيل أن ينتصر العرب عليها وتجييش وسائل التواصل الاجتماعي في خدمة هذا الهدف الذي لم ولن يتحقق مهما طال الزمان .
وعندما نقول الإعلام، فهي تعني المرئي والمسموع والصحافة المكتوبة والإنترنت (Social media) ، التلفاز على سبيل المثال يعتمد على الصورة والخبر في نقل الأفكار وزراعة المفاهيم بعكس الصورة التي تطرح العديد من الأفكار والتساؤلات وتثير المشاعر وهنا السلاح الخطر الذي يستخدمه الإحتلال بقلب الحقائق طبعاً بدعم لا محدود من أمريكا والدول الغربية التي تروج للدعاية الإسرائيلية كون الإحتلال يملك من التكنولوجيا المتطورة ما يستطيع من خلاله جعل الجاني هو الضحية والضحية هي الجاني ، ويتجلى ذلك أيضاً في الإعلام الأمريكي الذي لا يبعد عن مرمى إسرائيل، فأشهر الصحف والمواقع الأمريكية والكثير من المجلات قد نصبت نفسها محامياً عن هذا الكيان، وإن نشرت مادة مخالفة أحياناً فإن الموالين لإسرائيل يمطرون الصحيفة بآلاف رسائل الإحتجاج، ورغم ذلك هناك تضعضع في صورة الكيان الإسرائيلي ليس بسبب ضعف الدعاية الإعلامية ، بل بسبب ما يرشح من مواقف وأعمال منه تجاه الفلسطينيين، رغم أن إسرائيل تكرر دائماً أنها الطرف المعتدى عليه إلا أن الرأي العام العربي والعالمي بدأ يعي تماماً الأمر خلاف ما تروج له ماكينة الإعلام الإسرائيلية .
ما السبب في تهميش القضية الفلسطينية في إعلامنا العربي :
في ظل الواقع الذي يعيشه وطننا العربي وأزمة كورونا التي تعصف بالعالم أجمع باتت القضية الفلسطينية مهمشة في السياسة العربية والإعلام العربي والدولي ويعود السبب هو أن كل دولة باتت مشغولة بشؤونها الداخلية ومحاولة النهوض باقتصادها ، واليوم طبعاً إذا أردنا إبعاد الصورة عما يجري في فلسطين لابد أن نشغل الدول العربية بحريق داخل بلدانهم، والآن جميعنا يسمع ويرى حال كل الدول العربية فهي باتت مشغولة بمشكلاتها الداخلية وأزمة كورونا فاليوم هناك حالة عامة من سوء الوضع في العالم العربي والعالمي، ولذلك دفعت قضيتنا الفلسطينية الثمن وسط انتشار هذا الوباء في العالم واستغلال الاحتلال لذلك وقضم المزيد من الأراضي الفلسطينية والعربية .
وأخيراً إن أبرز ما قدمته وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية بشكل عام لنضال لشعبنا هي فضح ممارسات الاحتلال كونها شكلت جيشاً في الميدان الإعلامي بالأقلام والكاميرات وكاميرات الجوال وتمكنت أن تكون داعماً قوياً لأعدل قضية عرفها التاريخ ، وأبرز الأمور التي حققها الإعلام الفلسطيني من خلال فضح ممارسات الاحتلال الاسرائيلي ضد شعبنا الأعزل وتعبئة الرأي العام العربي والعالمي تجاه قضيتنا الفلسطينية و إستخدام الإعلام الإلكتروني في الحرب الإعلامية المستعرة ضد أبناء شعبنا الفلسطيني ، وقد وفر الإعلام الجديد أدوات ومساحات كبيرة للإعلاميين والصحفيين الفلسطينين للتعبير عن رأيهم ونشر ما يصل إليهم من معلومات وصور وفيديوهات وهذا ما أتاح للفلسطينيين الإطلاع على جزء كبير مما تحاول إسرائيل إخفاءه أو تحريفه بحيث استفاد شعبنا الفلسطيني من نشر هذه الصور والفيديوهات لإبراز كذب ادعاءات الإعلام الإسرائيلي وبيانات الجيش الإسرائيلي وهذا شجّع كل فلسطيني ونبّهه على أن يُبقي أدوات التوثيق من موبايل وكاميرا حاضرة معه لتسجيل كل ما يجري حوله وذلك كخط دفاع أول عن نفسه ولتوثيق كل ما يشاهده و يدور حوله ، وتبقى الصورة في العمل التلفزيوني هي العامل الأهم أيضا، لأنها قد تؤكد وقد تنفي رواية ما وأيضاً و تحمل الصورة أهمية كبيرة في قدرتها على التأثير على الرأي العام العالمي.
ونحن كإعلاميين علينا مسؤولية كبيرة بالقيام بدور كبير ومحوري يعيد قضيتنا الفلسطينية إلى الواجهة خاصة أن الكيان الإسرائيلي يواصل استغلال أزمة كورونا بشكل يومي سواء على المستوى الدولي أو المحلي، للمضي قدماً بخططه لضم أجزاء من الضفة الغربية بالتنسيق الكامل مع الإدارة الأمريكية الحالية، ويتجلى ذلك أيضاً بتصعيد المسؤولين الإسرائيليين الخطابات التحريضية التي تتباهى بمثل هذه النوايا غير القانونية، في ازدراء تام للقانون الدولي ونداءات وتحذيرات المجتمع الدولي، ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني، والقادة أصحاب الضمير الحي في جميع أنحاء العالم .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت