- بقلم : جبريل عوده *
"إن هذه أمتكم أمة واحدة " , أمة واحدة كالجسد الواحد , إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى , مفاهيم الوحدة والإخوة وتراص الصفوف من أعمدة قيام الأمة ونهوضها وتماسكها في وجه المؤامرات الخارجية , لذلك حرص الإسلام العظيم على ترسيخ هذه المعاني السامية في قلوب المسلمين , لتكون عونا لهم في بناء قوتهم وعماد نهضتهم وبلسما ومحفزاً للشموخ في وجه مكائد الزمن ومخططات الأعداء, ويوم تخلت الأمة عن هذه المفاهيم الراقية والأصول الدينية , تصدر المشهد أشباه القرود يقفزون من شاشة إلى أخرى يبشرون بالعدو الجديد " الفلسطيني" والصديق المكتشف " الصهيوني" , وبكل فجور يعلنون البراءة من أقدس وأطهر قضايا الأمة في عصرها الحديث.
مع إنسلاخ البعض من أمراء التطبيع وأدعياء الهرولة نحو الكيان الصهيوني , عن ثوابتهم القومية والدينية , يتحول المدافع عن فلسطين عبر برنامج إعلامي أو حلقة علم أو تقديم الدعم المالي للصامدين في أرضهم في غزة والقدس والأغوار , إلى إرهابي تعقد له المحاكمات وتصدر بحقه الأحكام الظالمة التي قد تصل إلى الإعدام . لقد خسرت القضية الفلسطينية بمسعى البعض سلخها عن بعدها العربي والإسلامي , ومحاولة تبسيط الصراع في فلسطين المحتلة وحصره ما بين الشعب الفلسطيني في مواجهة الإحتلال الصهيوني ,فكانت تلك السياسة الحمقاء هدية مجانية للكيان الصهيوني وداعميه وقد ساهمت في إستمرار الإحتلال الغاشم لأرض فلسطين لأكثر من سبع عقود .
فلسطين هي القضية المركزية للعرب والمسلمين في كل أصقاع الأرض قاطبة , فلسطين أرض الأنبياء وملاذهم من الأشرار وحصنهم الحصين , هي سورة من القرآن الكريم , ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم وبوابته للعروج للسموات العلى , لا يمكن أن تسقط من ذاكرة أجبال الأمة, أو أن يتوقف التفكير الجمعي لأمة الإسلام في العمل من أجل خلاصها من الإحتلال وتحريرها من دنسه , رغم أنف قمع أنظمة التطبيع وسطوتهم ضد أحرار الأمة أصحاب البوصلة الراشدة التي لا ولن تنحرف عن فلسطين وقدسها .
توفي الطيار البنغالي سيف الله أعظم ,صائد الطائرات الصهيونية , وأحد أمهر الطياريين في العالم حيث بقى اسمه لمدة 20 عاما ضمن قائمة " النسور الأحياء" كأفضل 22 طيارا على قيد الحياة إلى أن توفاه الله يوم الأحد 14-6-2020م . أسقط سيف الله أعظم 4 طائرات صهيونية خلال نكسة حزيران 1967 م خلال 72 ساعة وهو بمثابة إنجازا عسكريا لم يحققه أحد في حرب الأمة ضد الكيان الصهيوني , كان يومها سيف الله يعمل ضمن القوات الجوية "الأردنية والعراقية" في أوج حرب حزيران 1967 , لقد أبلى الطيار المسلم سيف الله أعظم بلاء حسنا في صراع الأمة ضد المحتل الغاشم , وطوع مهاراته وما تعلمه من علوم الطيران الحربي في مواجهة عدو الأمة المركزي , فكانت معركته من أطهر المعارك التي قد يخوضها طيار يحلق في طائراته المدخرة بالقنابل والصواريخ .
أمثال سيف الله أعظم كثر ,عرب ومسلمين ومن أحرار العالم الرافضين للظلم والإحتلال المناصرين للقضايا العادلة, شاركوا في معركة الدفاع عن فلسطين ومعركة الأمة في مواجهة عدوها الأول والأخطر , ذلك العدو الذي لم يتوانى في إرتكاب المجازر في كافة الدول العربية والإسلامية ليستهدف المدنيين الأبرياء بصواريخه الحاقدة, تحقيقاً لخزعبلاته التلمودية التي تلبي شراهته وتعطشه للدماء العربية والإسلامية وتضمن له تفوقه وسيطرته على ثروات الأمة.
بعد انكشاف خديعة "السلام" وإشتداد العدوان على الإنسان والأرض والمقدسات في فلسطين, ما أحوجنا إلى وحدتنا على أساس راسخ يحفظ الوطن ويصون القضية وليكن نهج المقاومة سبيلنا في مواجهة المحتل وإفشال مخططاته فما اخذ بالقوة لن يسترد إلا بالقوة , مع العمل الجاد على إعادة البعد العربي والإسلامي والعالمي لقضية فلسطين في تحركنا السياسي وخطابنا الإعلامي وتحالفتنا الرسمية والشعبية , فقضيتنا قضية عدل وحرية ,قضية أمن قومي وإسلامي وأممي , فلا أمان للأمة والعالم وهذا الغول الصهيوني الاستيطاني التوسعي ينهش في أرض فلسطين بقوة الإرهاب ومساندة قوى الشر العالمي .
كاتب وباحث فلسطيني
15-6-2020
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت