عقدت مؤسسة القدس الدولية، ندوة حوارية سياسية رقمية تحت عنوان: "هل يحاول الاحتلال إعادة تعريف الوضع القائم في الأقصى كجزء من صفقة الضم والاستيلاء: المخطط وسبل المواجهة"، شارك فيها كلٌ من المدير العام لمؤسسة القدس الدولية ياسين حمّود، والأمين العام للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج المفكر الفلسطيني منير شفيق، والقيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أسامة حمدان، ورئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية الدكتور عبد الرزاق مقري، والباحث المختص بالشأن المقدسي زياد ابحيص، وأدار الندوة رئيس قسم الأبحاث والمعلومات في مؤسسة القدس الدولية الأستاذ هشام يعقوب.
وُبثت الندوة عبر شاشة الجزيرة مباشر وقناة فلسطين اليوم وصفحة مؤسسة القدس الدولية ووكالة شهاب ومنصة زوم، وتابعها آلاف من مختلف الدول العربية والإسلامية من بينهم شخصيات عربية وإسلامية وفلسطينية مقدسية.
وبدأت الندوة باستعراض لواقع المسجد الأقصى المبارك قدمه الباحث ابحيص، مؤكدًا أن هناك محاولات حثيثة من قبل الاحتلال الإسرائيلي لإعادة تعريف الوضع القائم في المسجد الأقصى المبارك، موضحًا أن ذلك مدعوم من صفقة القرن التي نصت على إعادة تعريف الوضع القائم في الأقصى والاستيلاء على كامل القدس بحدود الجدار.
وقال ابحيص:" سلمت صفقة القرن السيادة على المسجد الأقصى وإدارته للصهاينة بشكل مطلق، واعتبرتهم راعياً جيداً للمقدسات، وبأنهم حافظوا على الوضع القائم بشكل مناسب رغم كل ما شهدته المقدسات الإسلامية والمسيحية من عدوان تحت الاحتلال، وهي تدعو إلى استمرار ذلك كوضع دائم".
وحذر ابحيص أن هذه البنود والسياسات تعني من الناحية السياسية شطب دور الأوقاف الإسلامية التابعة للأردن، ومحاولة القفز على مشروعيتها الدولية، وجعل مصيرها معلقاً بالإرادة الصهيونية وحدها، مشيرًا إلى تراجع دور دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة بشكل ملحوظ.
ودعا ابحيص إلى استعادة الهمم والنشاط لتفعيل مبادرة الفجر العظيم التي تعني شد الرحال إلى المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي في الأساس ثم إلى كل مساجد العالم كخطوة رمزية تضامنية مع أهل فلسطين الذين أطلقوا هذه المبادرة.
بدوره، أشار الأمين العام للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج المفكر الفلسطيني منير شفيق إلى أن ميزان القوى ليس في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية، مؤكدًا أن نقاط القوة التي يمتلكها الشعب الفلسطيني قادرة على تغيير المعادلة وتحقيق انتصارات ميدانية واضحية تعيد حضور القضية الفلسطينية إلى الصدارة من جديد وتهزم الاحتلال.
وقال شفيق:" علينا العمل على تحرير الأقصى ودحر الاحتلال من كامل الأراضي الفلسطينية، وهو أمر متاح في حال توحدت عناصر القوة الفلسطينية على أساس المواجهة الشاملة مع الاحتلال الإسرائيلي".
وحمل شفيق السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة في تراجع القضية الفلسطينية، قائلًا:" نقطة ضعفنا هي السلطة الفلسطينية والسياسات التي تتبعها مع الاحتلال الإسرائيلي ومع قوى المقاومة، فالمطلوب اليوم وبشكل عملي إلغاء اتفاقية أوسلو وما نتج عنها ووقف التنسيق الأمني بشكل عملي ميداني، وتشكيل لجنة من الأمناء العامين في الفصائل الفلسطينية، والعمل على مبادرات شعبية عاجلة".
وأضاف:" الرفض الكلامي والإعلامي لصفقة القرن ومشروع الضم والاستيلاء غير كافٍ، وعلينا عدم القبول بضم شبرٍ واحدٍ من أرض فلسطين، وعلى الجهات المعنية ومن بينها الفصائل، العمل على خطة ميدانية لمواجهة مشروع الضم وإطلاق انتفاضة عارمة ضد الاحتلال".
من جهته، قال القيادي في حركة حماس أسامة حمدان:" علينا ألا نقع في دائرة الاستسلام وقبول أي مشروع أو صفقة تنتقص من الحق الفلسطيني المتجذر في الأرض، ومن غير المقبول أن نوافق على أي تنازل عن شبر واحد من أرضنا الفلسطينية".
وأضاف حمدان:" نفتح ذراعنا لكل فلسطيني، بعيدًا عن المناكفات والحسابات السياسية، لوضع برنامج وطني لمواجهة الاحتلال، والهدف هو إسقاط الاحتلال ودحره عن فلسطين، وليس التخفيف من حجم اعتداءاته فقط".
واعتبر حمدان أن مشروع الاستيلاء هو عدوان جديد على الشعب الفلسطيني وعلى الأمة العربية والإسلامية، وقال:" نحن معنيون بإعادة تفعيل المواجهة مع الاحتلال بالمسارات والوسائل المتاحة كافة ابتداء من الحجر إلى العمليات الفدائية القادرة على وقف مشروع الاحتلال وتحقيق انتصارات وطنية".
وأكد حمدان أن المسجد الأقصى سيكون عامل تفجير في الساحة الفلسطينية وهو يعادل أرواحنا، فلا نقبل المساس به، ويدرك الاحتلال ذلك جيدًا".
ودعا حمدان الحالة العلمائية ودائرة الأوقاف التابعة للأردن إلى قيادة الحالة الشعبية في القدس المحتلة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي وصد المشاريع الإسرائيلية التي تنتقص من السيادة الأردنية الهاشمية على المسجد الأقصى المبارك، محملًا الأوقاف والجهات السياسية الأردنية مسؤولية تراجع دور الأوقاف في القدس.
وقال حمدان:" إذا نجح الاحتلال في الاستيلاء على الضفة الغربية، فإن الخطر سيدهم الأردن، وعلى عمان التنسيق مع قوى المقاومة، لمواجهة هذا المشروع الصهيوني الذي ينتقص من الحق الفلسطيني ويهدد السيادة الأردنية".
وختم حمدان أن الحراك الفلسطيني الذي يبدأ من نقطة المواجهة الشاملة مع الاحتلال في الساحات والميادين كافة سيحقق الانتصار الوطني الكبير، وعلى جميع مكونات الشعب الفلسطيني الانخراط في هذه المواجهة لوقف جرائم الاحتلال في القدس والضفة وغزة.
من جهته، قال رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية الدكتور عبد الرزاق مقري:" إن القضية الفلسطينية مازالت حاضرة في الوجدان العربي والإسلامي ولها حضور وتأثير في الأمتين العربية والإسلامية، وعلى القيادة الفلسطينية استثمار هذا الاهتمام لمصلحة القضية الفلسطينية ودحر الاحتلال الإسرائيلي"، محذرًا من محاولات البعض لبث روح الهزيمة في المجتمع الفلسطيني والعربي.
وأضاف مقري:" علينا التمسك بهذه القضية العادلة، والحفاظ عليها وتسليم هذه الأمانة إلى الأجيال، فهذه القضية لها سفراء من غير الفلسطينيين من مختلف الجنسيات، وهناك العديد من الأحرار الذين وهبوا أنفسهم لدعم القضية الفلسطينية".
وأكد مقري أن دعم الشعوب العربية مرتبط بقوة بصمود الشعب الفلسطيني ونضاله، وعلى الشعب الفلسطيني مكوناته المبادرة بالتحرك والمواجهة والتصدي للاحتلال الإسرائيلي وأن يدرك أن شعوب الأمة معه وإلى جانبه تسانده حتى تحقيق النصر الشامل.
وقال مقري:" هناك وعي عربي وإسلامي ضد التطبيع وما زالت شعوبنا العربية والإسلامية تعتبر ذلك جريمة بحق الأمة، وهناك مخاوف حقيقية عند العديد من الأنظمة العربية التي تسعى للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي بسبب الموقف الشعبي الرافض والمعارض لهذه الخيانة، وكلما حاولوا التطبيع مع الاحتلال، ارتفع منسوب الوعي العربي والإسلامي، وستبقى فلسطين عنوان الأحرار".
بدوره، قال المدير العام لمؤسسة القدس الدولية ياسين حمود: إن فلسطين لا تخص الفلسطينيين وحدهم، إنما تخص الأمة مجتمعة، وعلى شعوب أمتنا العربية والإسلامية العمل على دعم صمود الشعب الفلسطيني وتمكينه للحفاظ على مقدسات الأمة في أرض فلسطين".
ودعا حمود الحالة الشعبية في القدس المحتلة إلى مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وصد مشاريعه الصهيونية التهويدية ومنعه من تحقيق وقائع جديدة في المسجد الأقصى المبارك، مؤكدًا دعم الأمة لنضال الشعب الفلسطيني.
وطالب حمود السلطة الفلسطينية بالاهتمام بالقدس بشكل أكبر والتنسيق مع القوى الفلسطينية لحماية شعبنا الفلسطيني ومقدساته والوقوف في وجه المشاريع التي تنتقص من الحقوق والثوابت الفلسطينية".
وقال حمود:" عندما ينتصر الأردن للقدس، نقول لهم نحن معكم، وإلى جانبكم، وعندما نلاحظ أن هناك فتورًا أو تراجعًا في مكانٍ ما، نتواصل بشكلٍ مباشر مع الجهات الأردنية، لمتابعة هذا الموضوع وتقديم النصح والدعم".