أوس أبوعطا يحاور الكاتب الموسوعي الكبير فوزي حميد

الكاتب الموسوعي الأستاذ فوزي حميد، مواليد قرية دلاته شمال صفد ، بدأ  التأليف والكتابة في العام 1985، عضو في اتحاد الكتاب والصحفيين، وعضو في اتحاد الكتاب العرب لجنة الدراسات والبحوث منذ العام 1995 ومن أشهر مؤلفاته ( عالم الأديان بين الأسطورة والحقيقة 1993، الجغرافية القرآنية.. اعجاز علمي، حقائق وأباطيل في تاريخ بني اسرائيل، الإنسان درّة الله في خلقه 1995، الاستنساخ البشري بين التحليل والتحريم1999، سوريا مهد الحضارات ومنطلق التاريخ 2001، فلسطين التاريخية .. الأرض الانسان الحضارة 2003، احذروا الموبقات.. التدخين المخدرات الميسر الخمر، موسوعة علماء بلا حدود مجلدان، موسوعة التراث الوطني الفلسطيني2009، علم الأبدان بين العلم والايمان 2011، استراتيجية الخطر الصهيوني في معتقداتهم، صراع الوجود بين العرب واليهود 2020).

وهنا نص الحوار الذي أجراه معه الشاعر والباحث أوس أبوعطا.

1- بادئ ذي بدء، هلا حدثتنا عن مسقط رأسك قرية دلاتة، ماهي أبرز معالمها وما خصال أهلها وبم تشتهر؟

أنا من مواليد قرية دلاته شمال صفد 1937، وهي قرية ريفية متواضعة تقع في شمال صفد على بعد 6 كم، ترتفع 850 م عن سطح البحر، تشتهر بزراعة التين والزيتون والكرمة والرمان، مساحتها حوالى عشرة آلاف هكتار، عدد سكانها قبل اللجوء كان حوالى 400 نسمة، تحوي مسجدا وآثارا رومانية قديمة، وصورتها في ذاكرتي محفورة بعمق.

وتقوم فيها صناعات يدوية خاصة بمهنة الفلاحة وصناعات غذائية بيتية، يبلغ عدد سكانها قبل النكبة نحو 418 نسمة، فيها نحو 70 منزلا دمرها الاحتلال بالكامل في عام 1948.

كانت اخر قرية خرجت من فلسطين في الشهر الحادي عشر من عام النكبة، هُجر جميع سكان القرية إلى سوريا ولبنان.

2- بما أنك شاهد حي على النكبة، خرجت من هناك وعمر أحد عشر عاماً، أطال الله في عمرك، هلا تحدثنا عن أهوال يوم النكبة؟ وما المجازر التي ارتكبت في قريتك أو بالقرب منها؟

أذكر جيداً أن قريتي كانت مركزاً قيادياً لفرق جيش الانقاذ من الجيش السوري. كانت القرية تتعرض إلى رشقات بالسلاح من مستوطنة (عين زيتيم) وتوقع خسائر بالأرواح والممتلكات. وسقط فيها عدد من الشهداء منهم  الشهيد محمود صالح حميد والشهيد حسن القاسم وعدد من أفراد جيش الانقاذ الذين قاموا بحماية القرية بمساعدة رجال القرية وشبابها حتى الشهر الحادي عشر من عام النكبة.

عندما تم احتلال القرية وخرج أهلها مذعورين لارتكاب الصهاينة عدداً من المجازر في عين الزيتون والصفصاف والجش وغيرها. حيث قاموا بتصفية الشباب في الساحات العامة، وخرجنا سيراً على الأقدام قاطعين أرض لبنان حتى وصلنا إلى حوران في سوريا لانحمل طعاما ولا شرابا.

3- ما هو المحرض الرئيسي الذي حثكم للخروج من أرض فلسطين، وإن عاد الزمن للوراء، هل كنتم ستكررون نفس الفعل؟

إن الدافع الرئيسي لخروجنا من أراضينا هو المحافظة على أرواحنا، بسبب الارهاب الوحشي والمجازر التي ارتكبتها عصابات الهاغاناه وشتيرن والأرغون.

وبعد مرور اثنين وسبعين عاما على النكبة مازلنا مصممين على العودة إلى الوطن بهمة عالية وإرادة قوية، ولا يثنينا عن العمل الوطني أي رادع مهما بلغت التضحيات، كوننا نؤمن إيمانا قطعيا بحقنا في أرضنا ونؤمن بزوال "دولة اسرائيل" عاجلا أو اجلا بوعد من الله ورسوله.

4- بم تفسر إجبار المقاتلين الفلسطينيين المنسحبين من مدنهم وقراهم على تسليم أسلحتهم لقيادة الجيش العراقي في جنين؟ ومن ثم انسحاب جيش الانقاذ دون انقاذ فلسطين أو حتى إعادة السلاح لأصحابه؟

قبل النكبة لم تكن الدول العربية حرة ولا تملك حتى قرارها ولما طرحت قضية انقاذ فلسطين كانت قد وقعت الواقعة. ومع ذلك أرسلت سوريا والعراق ومصر وغيرهم عدة ألاف من الجنود لحماية فلسطين وانقاذها.

فكان الخطأ بتسليم القيادة لملك الأردن، وكانت مشكلة ( ماكو أوامر ) عند الجيش العراقي والأسلحة الفاسدة عند الجيش المصري.

ضف على ذلك لم يكن الجيش متماسكا ولم يقدر على حماية وانقاذ فلسطين وشعبها من العصابات الصهيونية المجرمة.

فكان جيش الانقاذ يحقق النصر في معركة ما ثم تأتيه الأوامر بالانسحاب. أما رجال فلسطين فكانوا يحملون سلاحا فرديا للدفاع عن النفس وكثيرا ماتم اجبارهم على تسليم السلاح إلى قيادة جيش الإنقاذ المتواجد في مناطقهم.


5- على عاتق من تقع المسؤولية الوطنية و التاريخية والأخلاقية في سقوط فلسطين على يد العصابات الصهيونية؟

كثيرون هم الذين ساهموا بسقوط دولة فلسطين وحدوث النكبة وخاصة بريطانيا وغدرها بنا بعد انتهاء الانتداب وتسليحها للعصابات الصهيونية ومن جهة أخرى الأنظمة العربية التي كان معظمها تحت الانتداب.


6-   بعد مرور 72 عاما على خروجك من دلاتة، أيزال لديك بصيص أمل للعودة؟

إيماني بالعودة كإيماني بشروق الشمس كل صباح، فالظلم لا يدوم والله جلّ شأنه لا يقبل الظلم، فالساعة قريبة بقوله تعالى " وإذا جاء وعد الآخرة جئنا بهم لفيفا". فتجمع اليهود في فلسطين دليل على قرب نهايتهم وهم يدركون ذلك في توراتهم. رغم الدعم الأمريكي والغربي وبعض المنبطحين من العرب. فلا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود ويقول الشجر والحجر لهم " يا مسلم يا عبدالله هذا يهودي خلفي تعال واقتله " هكذا أخبر عنهم الرسول الكريم محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام.

أما عن أملي بالعودة فهو مرتبط بعمر الانسان، فإن لم أعد فسيعود أبناؤنا أحفادنا وما ضاع حق وراءه مطالب.

7-    ماهي رسالتك التي ترغب في توجهيها لقادة الفصائل الفلسطينية في الشتات وعلى رأسها حركة فتح؟

لابد من وقفة تأمل حقيقية تتناسب مع واقع الأحداث التي نمر بها لمواجهة التحديات للوجود الوطني الفلسطيني، فكل فلسطيني مسؤول إن كان في الوطن أو الشتات وهنا يتوجب علينا التمسك بالثوابت الفلسطينية، فلسطين من نهرها إلى بحرها، وتعزيز الانتماء ورفض التوطين والوطن البديل والتمسك بالقدس عاصمة أبدية والوقوف بحزم أمام صفقة القرن، وتقرير الوحدة الوطنية تحت اسم منظمة التحرير الفلسطينية وانهاء الانقسام البغيض وتقوية التنظيمات القتالية والمقاومة تحت علم فلسطين والابتعاد عن المهاترات والتخوين والشتائم بين الفرقاء " ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم".

8-   أخيرا ماهي رسالتك للجيل الفلسطيني الصاعد؟

يا ابنائي وأحفادي أنتم عماد الوطن وحماته، فاصبروا وصابروا ورابطوا و لا تيأسوا من رحمة الله فمن صبر ظفر ومن قنط من رحمته كفر.

وأعلموا أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة وأن فلسطين أمانة في أعناقكم وهي تحتاج لبذل وتضحيات ومقاومة بكل الوسائل المشروعة "

"والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".

صدق الله العظيم

received_3050009025083574

 

فوزي خيد2


 

المصدر: -