دعا د.اياد رابعة الباحث في علم الاجتماع السياسي صانعي القرار الفلسطيني وأصحاب الفكر واطراف الخلاف الإطلاع الجيد على تجربة الشعب الرواندي في تجاوز صراعاته وخلافاته وكافة التجارب ذات العلاقة وأخذ العبر والدروس، والاستفادة منها بما يخدم قضايانا الوطنية .
فهي تجربة جديرة بالدراسة والاطلاع والاستفادة، فبعد أن وضعت الإبادة الجماعية أوزارها، استطاع المواطنون أن يتفقوا على حلّ الخلافات بطريقة (لا غالب ولا مغلوب)، بمعنى أنّ الخسارة كانت لجميع الأطراف، من هنا استطاعت رواندا أن تداوي جراحاتها
وتساءل رابعة هل يستطيع مجتمعنا الفلسطيني إنجاب قائداً قادراً على ترميم ما أفسده الانقسام الداخلي لأكثر من 14 عاما من التشرذم والحقد والكراهية التي طالت أغلب أطياف المجتمع الفلسطيني؟ كالرئيس الرواندي الشاب بول كاغامي الذي استطاع أن يوقف أكبر حرب إبادة قبلية في القرن العشرين راح ضحيتها نحو مليون قتيل خلال مائة يوم بين قبيلتين تسمى الهوتو، والتوتسي.
كيف تجاوزت رواندا الأزمة : وصل بول كاغامي للسلطة عام 2000 حاملا معه هدفين واضحين الأول توحيد شعبه المنقسم بعد المذبحة، والثاني انتزاع بلاده من الفقر، ومن أجل تحقيق الهدف الأول وضع خطة محكمة للتغلب على آثار الإبادة والجرائم :
الذكريات الحية: تعلن البلاد حداد كاملا لمدة 100 يوم كل عام في السابع من أبريل، بالتزامن مع المراسم يعلن الرئيس هدفا سنويا في خطابه التذكاري لتوحيد الروانديين حوله. تثقيف الشباب عبر تدريس المقررات الدراسية حول الصراع، وإقامة المعسكرات الشبابية لمناقشة أسباب الإبادة وكيفية تلافي تكرارها. تطبيق نظام العدالة التشاركية وتشكيل (لجنة الوحدة والمصالحة الوطنية)، ومهمتها الأساسية عملية التصالح والتسامح، بدءاً من تحقيق العدالة، وعرض الحقيقة، وتعزيز الهوية الوطنية المشتركة. وطن جديد علم ونشيد وطني ودستور، وحظر استخدام مسميات الهوتو والتوتسي، وجرم استخدام أى خطاب عرقي .
خطة من أربع بنود فقط حولت رواندا لنموذح فريد للتعايش بين الجناة والضحايا يتصارحوا من أجل العفو ويرتادون نفس الكنائس ويتزوجون من بعضهم البعض. روندا بعد ربع قرن من الاقتتال اصبحت من ابرز اقتصاديات الدول الصاعدة في العالم.