- بقلم علي بدوان
أي ثروةٍ تضيع وتُتلف والبعض لايدري، أي ثروةٍ تُهدر وتَضِيع ومُضييعها وهادريها ومسببي كوارثها لا يدرون أيٍ فعلٍ آثمٍ إقترفته أيديهم بحق وطنهم وشعبهم والثروة الوطنية العامة. فثروة الأفراد مُكوّن أصيل من مكونات الثروة العامة. هذا ماضاع في مكتبة أُتلفت وأُستشهدت تحت الركام دون ذنبٍ إقترفته، فقد سقطت وصُرعت شهيدة ومغدورة.
من الصحيح بأن مكتبتي الخاصة التي أستشهدت، تَضُمُ في كَمِها الأكبر الكتب السياسية والثقافية العامة والفلسفية، وأدبيات العمل الوطني الفلسطيني ومطبوعاتها التي باتت نادرة ومختفية خصوصاً القديمة منها. إلا أن مكتبتي كانت غنية أيضاً بالكتب العلمية في مجالات دراستي الأكاديمية الجامعية، وخصوصاً منها كتب الفيزياء والكيمياء والرياضيات، وبعضاً من تلك الكتب أمست نادرة في طبعاتها القديمة.
من بين تلك الكُتب، كنت أفتَخِرُ على الدوام بإمتلاكي لموسوعة الفيزياء النظرية الضخمة المعروفة بسسلسة (سشوم) والصادرة عن (دار مكجورهيل) في لندن باللغة العربية، وهي موسوعة تَضُمُ وتعالج بين ثناياها كافة العناوين في الفيزياء النظرية، ومنها : فيزياء الطاقة، الحرارة، الإلكتروديناميك، الترموديناميك، الإلكترونيات، ميكانيك الجسم الصلب، الميكانيك الكوانتي والنسبي، الضوء والإهتزازات، الضوء الكلاسيكي، ميكانيك الكم، ميكانيك السوائل والهيدروليك، الكهرباء، الكهراساكنة، المغناطيسية، الكهرطيسية، الفيزياء الكيميائية، الفيزياء النووية (فيزياء النواة)، فيزياء الذرة .. الخ.
تلك الموسوعة بأجزائها المختلفة إمتلكتها بالتقسيط المالي المُجزء عن طريق وكيل (دار ماكجورهيل) بدمشق وأعتقد بأنه كان في حينها صاحب مكتبة التنبكجي بالقرب من ساحة الحجاز، إشتريتها بأثمان باهظة أواخر سبعينيات القرن الماضي أثناء دراستي في كلية العلوم في جامعة دمشق قسم الفيزياء والكيمياء.
من بين ركام دارنا المنكوبة، إستطعت إلتقاط المجلد الرابع المتعلق بنظريات ومسائل في (الميكانيكا العامة) وتطبيقاتها مع مقدمة لمعادلات لاغرانج ومعادلات هاميلتون، ومعادلات أولر، ومن تأليف (موراي ر شبيجل)، حيث يحتوي المجلد على (720) مسألة، كنت قد عالجتها أثناء دراستي، خاصة وأن تلك المادة كانت صَعبة ومجزئة على مدار سنوات الدراسة الجامعية، وقد درستها على يد أكثر من دكتور في الجامعة، ذاك المجلد إياه، كان زاداً هاماً لي في دراستي لــ (الميكانيك التقليدي) أو مايُطلق عليه بـ (ميكانيك نيوتن) أو (الميكانيك الإتباعي). وقد إستطعت من خلال دراستي المعمقة لتلك المادة وبمساعدة المجلد إياها في الموسوعة من الإبداع في حل المسائل المتعلقة به، وإمتلاك المعارف والمهارات والمعلومات إلى حدود (الحذق) به....(سقى الله أيام زمان)... ورحم الله كل من أَضاء دربي ولو بشمعة خافتة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت