- اشرف صالح
نحن كفلسطينيين نتعامل مع من يردد الشعارات والخطابات والتصريحات والبيانات والتهديدات على أنه مناضل كبير ووطني قدير , رغم أن هذه الشعارات لا تساوي دقيقة من وقت المستمعين , أقصد المخدوعين , وأيضاً نتعامل كفلسطينيين مع من يقول الحقيقة كاملة دون مجاملة لأحد , على أنه عميل وخائن , ورغم أن الحقيقة هي الضربة التي لا تقسم الظهر وتقويه , وأن الشعارات والخطابات الكاذبة هي كالفراش المبطن بالقطن الصافي والمغطى بالحرير الناعم , فإذا تركه صاحبه تفاجئ بأنه كان في غفوة عميقة , وعزلة عن الواقع والحياة ومعتركها , فهو حينها لا يستطيع فعل أي شيئ , ولا يحرك ساكناً , فاليوم نحن أمام حقيقة يجب أن لا نغض النظر عنها ونتجه الى الشعارات والخطابات الكاذبة , وهي أننا نفتقد كفلسطينيين كل مقومات التصدي لمشروع الضم , ولهذا السبب قالت المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة "كيلي كرافت" أمس في مجلس الأمن للفلسطينيين وبصيغة النصيحة أو التهديد , بأن لا يبالغوا في ردات فعلهم ضد مشروع الضم , نظراً لما سيترتب عليه من تبعات (...) ومن هنا فأنا ككاتب لا أنضم الى رأي أو نصيحة كيلي كرافت من باب أن صفقة القرن جاءت لصالح الفلسطينيين , ولكنني أدعوا كل سياسي أو ما يسمي نفسه صاحب قرار أن ينظر الى نفسه أولاً والى واقعنا ثانياً , كي يرى ما تراه كيلي كرافت..
كيلي كرافت ليس الأولى ولا الأخيرة التي تنصح الفلسطينيين بعدم التسرع في رفض صفقة القرن , فقبل ذلك سمعنا من بعض الساسة العرب بأن نتروى في قراءة الصفقة , وأن ندخل في التفاصيل ونناقش ونجادل قبل أن نعلن الرفض , والسؤول هنا , لماذا نصحت كيلي كرافت وما سبقوها من الساسة العرب بأن لا نستعجل بالرفض؟ الإجابة هي أن هؤلاء الساسة يرون الحقيقة محدقين أعينهم , فيما نحن الفلسطينيين نراها ونغض النظر , أو لا نراها من الأصل , والحقيقة هي أننا كفلسطينيين لا نملك أي نوع من مقومات التصدي لمشروع الضم وصفقة القرن , والأدلة كثيرة على ذلك وعلى رأس هذه الأدلة هو الإنقسام الأسود..
بالأمس دخل الى غزة 50 مليون دولار مصحوبة بإهتمام إسرائيلي واضح , وخجل قطري غامض , فوزير الخارجية القطري وسفيره العمادي لا يستطيعان الظهور في الصورة في هذا التوقيت بالذات , وخاصة أن من نقل حقيبة النقود من قطر الى إسرائيل ومن ثم غزة , هي طائرة إسرائيلية , وبالتزامن مع معركة بين الضفة الغربية وإسرائيل بما يخص مشروع الضم , وأدت هذه المعركة الى أن تفقد السلطة موازنة دولة كاملة في خطوة غير صحيحة قامت بها , ليدفع ثمنها موظف السلطة البسيط ومن في حكمه وما سيترتب عليه , وهكذا ستكتمل المعادلة التي أرادتها إسرائيل أن تكتمل , وهي أن تصمت غزة على مشروع الضم مقابل وجود حقيبة الدولارات , وأن تفقد الضفة مقومات التصدي لمشروع الضم مقابل عدم وجود حقيبة الدولارات..
إستطاعت كيلي كرافت أن ترى المعادلة أعلاه بوضوع , ولهذا رأت أن مصلحة الفلسطينيين تكمن بقبول صفقة القرن , ومن هنا فأنا ككتاب فلسطيني وكأي فلسطيني صاحب قضية , أرى أننا كفلسطينيين أمام خيارين لا ثالث لهما , وهما , إما أن نقبل بنصيحة كيلي كرافت نظراً لواقعنا المؤسف والمشين , أو أن نفكك المعالة التي أرادها الإحتلال , وبالطبع تفكيك المعادلة يعني إنهاء الإنقسام , وتعزيز صمود المواطن , وتوحيد الجبهة الداخية...إلخ , وبإختصار , إما أن نصلح فسادنا السياسي وملحقاته , أو أن نسمع نصيحة كيلي كرافت .
كاتب صحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت