- اشرف صالح
لا شك أن الرواتب أصبحت تحت القرارات السياسية , فالأزمة اليوم لا تتعلق بعدم الإدارة وشح جبي الضرائب من الضفة بسبب كورونا , أو عدم وفاء الدول المانحة بدعمها للسلطة , وأخص بالذكر الدول العربية , إنما أصبحت ضمن الصراع الفلسطيني الدائم سواء في الداخل أو في الخارج أو مع الإحتلال , فأزمة السلطة اليوم والتي من الممكن أن تؤدي الى إنهيارها , جاءت نتيجة قرار سياسي , وهو رفض السلطة إستلام أموال المقاصة من الإحتلال بموجب إتفاق باريس , ويرى البعض أنه قرار صحيح , ولكنني أرى وبلغة المنطق أنه قرار متسرع , وحتى في حال تم القرار فكان يجب على السلطة أن تكون جاهزة بالبديل , كوسيط ثالث لإستلام الأموال مثلاً , مثلما تعمل قطر في غزة بوساطتها بين حماس وإسرائيل , أما أن تجازف السلطة بموازنة دولة كاملة بموجب قرارات سياسية تتعلق بمشروع الضم , فهذا يعني أن تفتقد السلطة إحدى أدوات الصمود والتصدي لمشوع الضم , وهي الرواتب .
أما بما يخص الأسألة التي تدور في أذهان عامة الناس وخاصة الموظفين , وهي : متى ستنتهي الأزمة؟ ومتى سيصرف راتب شهر مايو؟ وكم نسبته؟ فأنا أعتقد أن الأزمة ستنتهي قريباً لعدة أسباب , السبب الأول هو أن نتنياهو سيؤجل مشروع الضم بسبب الضغوطات الدولية المكثفة , وبسبب حرصة على العلاقة مع الأردن أولاً , وبعض الدول العربية ثانياً , وبسبب خوفه من إندلاع إنتفاضة ثالثة في الضفة وخاصة أن السلطة تقترب الى الضعف بسبب الأزمات المالية بكل فروعها , وأخيراً بسبب وقفة الفصائل المسلحة في غزة ضد مشروع الضم , وبغض النظر عن جدية هذه الفصائل من عدم جديتها , ولكن إسرائيل تخشى ذلك حتى لو كانت نسبته لا تتعدى الــ 10% , فكل هذه الأسباب والتي ذكرتها ترجح أن نتنياهو سيؤجل الضم , وهذا يعني أن تذهب السلطة فور التأجيل مباشرتاً لإستلام الأموال , وستعتبر هذا إنتصاراً سياسياً , وبالفعل هو سيكون إنتصاراً سياسياً , لأن تأجيل الضم بحد ذاته إنتصاراً سياسياً , وخاصة في ظروف تخلي العرب وخمول الشارع الفلسطيني وإنفصال غزة كلياً عن المعركة .
أما بخصوص صرف راتب شهر مايو ونسبته , فأعتقد أن السلطة تنتظر إنتهاء شهر يونيو كي تصرف راتب يونيو على إعتبار أن مايو أصبح ضمن مستحقات متراكمة , بمعنى أنه سيتم صرف الرواتب في بداية شهر يوليو وغالباُ الراتب سيكون لشهر يونيو وليس مايو , لأن مايو سيترحل الى المستحقات حتى إنتهاء الأزمة , أما بما يخص النسبة فمن الطبيعي أن تكون النسبة 50% على الأقل , لأنه وبعد مرور شهرين متواصلين دون راتب , ستتمكن السلطة من توفير نصف راتب على الأقل , لأنها ستعتمد بذلك على جباية ضرائب داخلية لشهرين متتاليين , فقبل شهر تقريباً قالت الحكومة أن ما بتوفر في خزينتها مبلغ 60 مليون دولار فقط , وبناء على ذلك وبعد مرور شهر كامل فمن الطبيعي أن يكون لدى خزينة السلطة 100 مليون دولار على الأقل , وهذا بحد ذاته سيوفر 50% من الرواتب في بداية الشهر القادم , ودمتم بخير .
كاتب صحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت