- د. هاني العقاد
مؤتمر وحدة الموقف بين فتح وحماس شكل لطمة علي وجه المنظومة الامنية الاسرائيلية واحدث صدمة للمؤسسة السياسية التي كانت تراهن علي استحالة اي شكل من اشكال الوحدة بين فتح وحماس او حتي بين فصائل (م ت ف) وباقي الفصائل التي لم تنضوي تحت رايتها . هذه الصدمة باتت بالغة لانها جاءت مفاجئة ولم يسبقها اي تسريبات ولا حتي اي توقعات لاوساط فلسطينية سياسية او حتي مراقبة . لم يتوقع احد مثل هذا المؤتمر الذي اعلنت فيه اهم خطوة علي طريق استعادة الهيبة الوطنية واهم سبل المواجهة مع المحتل الاسرائيلي الذي يصر علي ضم ارضينا بالضفة الغربية والغور الفلسطيني وشمال البحر الميت , لعل هذا الاتفاق اخذ المحللين الاستراتيجين في دولة الكيان لابعد الحسابات وتوقع طبيعة المواجهة مع الفلسطينين وخاصة ان هذه المواجهة الان يقودها اكبر فصيلين فلسطينين فتح وحماس, ليس هذا فقط وانما باتوا يدرسون سبل اعاقة تقدم فتح وحماس قدما في تجسيد هذا الاتفاق علي الارض والاعلان عن خطوات اخري من شانها ان تقود الفصيلين الي انهاء الانقسام الطويل والاسود الذي منح اسرائيل مئات الفرص المجانية لتنال من ارادتنا الفلسطينية وتشل اي خطوات تحرر علي الارض وتثري نار الفتنة وتعيق اي تطوير لمؤسساتنا الوطنية الواحدة في سبيل استكمال تحقيق المشروع الوطني .
حماس اعلنت تجميد كل الخلافات مع فتح وفتح اعلنت انها تؤمن بان نوايا حركة حماس صادقة هذه المرة وبالتالي تؤمن بان يكون هذا اللقاء انطلاقة باتجاه مسار تحقيق الوحدة الوطنية , كل شيء بدا يدعو لمزيد من الامل الا ان هذه الخطة اولية نسبياً مقارنة بالخطوات التالية المطلوبة مع اهميتها الاستراتيجية التي تشكل قاعدة كبيرة للانطلاق نحو الوحدة الشاملة . ولعل هذه الخطوة تحتاج الي تحصين لانه ان لم يتعبها خطوات احري . اعتقد ان هذا المؤتمر قد يمسي كما غيرة من المؤتمرات التي انطلقتفيها عبارات اللامل وانهاء الانقسام الذي في كل مرة يقولا انه اصبح شيئا من الماضي و وراء ظهر الحركتين . ولعلي هنا اسجل اهم الخطوات التي من شأنها ان تحصن هذا الاتفاق وتجعل منه قاعدة صلبة للانطلاق نحو استكمال خطوات استعادة الوحدة الوطنية والخطوة الاولي المطلوبة هي اعادة الثقة للمواطن الفلسطيني بحسن النوايا هذه المرة بتحريم الاعتقال السياسي واطلاق المعتقلين علي خلفية سياسية دون اللجوء الي تلفيق اي تهم اخري مزعومة جنائية او غير جنائية لتحليل الاستمرار في هذا الاعتقال الذي يستنذف الارادة الوطنية وامكانية استعادة الوحدة الشاملة . والخطوة الثانية هي الاعلان عن تشكل قيادة وطنية موحدة لقيادة المواجهة مع اسرائيل وتوجيه اطر المقاومة الشعبية وتطوير عملها وتحديث اساليب مواجهة الجماهير مع الاحتلال الاسرئيلي بما يحدث حالة من الاستنزاف لقوة جيش الاحتلال ومكوناته الارهابية وتعيق استمرارة في توفير الامن للمستوطنات والاارض التي ينوي ضمها . الخطوة الثالثة الرئيسية المطلوبة هي الاعلان رسميا من قبل حماس بقبولها استكمال تطبيق اتفاق اكتوبر 2017 من الخطوة التي توقف عندها والسماح فورأ للفرق الفنية بالعودة للعمل بحرية لتوحيد المؤسسات والوزارت والاجهزة الادارية المختلفة والاجهزة الامنية وصولا لشراكة وطنية كاملة يتباري فيها الجميع وكل الفصائل لخدمة هذا المواطن الذي سحق الانقسام مستقبله . والخطة الرابعة المطلوبة هي اعادة هيكلة كافة مؤسسات (م ت ف) انطلاقا من عقد اجتماع للاطار القيادي لنظمة التحرير واعتبار ميثاقها ميثاق وطني جامع الخروج عنه خيانة و وضع جدول زمني ملزم لكافة الفصائل للمضي في خطوات اعادة الهيكلة دون انتظار احد وهذا ياتي من خلال اعطاء الصلاحية الكاملة للجنة التنفيذية للمنظمة والتي يعهد اليها وضع الاستراتيجيات اللازمة للوصول الي هيكل صلب وموحد للمنظمة لتقود مسيرة التحرر باتجاة تحقيق المشروع الوطني الجامع وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس .
لعل المضي قدما في تحقيق وحدة موقف ميدانية بين فتح وحماس علي الارض في مواجهة مخططات الضم الاسرائيلي التي لم تلغيه ولم تؤجله وانما وضعت له استراتيجية هادئة ومتدرجة وناعمة للتطبيق لتفادي ردات فعل كبيرة علي المستوي الدولي والفلسطيني واهمها تلويح الاتحاد الاوروبي بفرض عقوبات دبلومايسة واقتصادية علي اسرائيل في حالة تنفيذ الضم الذي ينتهك القانون الدولي ويكتب شهادة وفاة حل الدولتين كاطار دولي متفق عليه لانهاء الصراع بين الفلسطينين والاسرائيلين وتحقيق السلام العادل والشامل بما يعيد الامن والاستقرار للمنطقة . لكن اي انخراط في خطوات لوحدة الموقف يجب الا يكون علي حساب استعادة شاملة للوحدة الوطنية لان وحدة الموقف هنا يمكن ان ينهار في اي لحظة ان لم يتم تحصينه بخطوات عملية سياسية وامنية واستراتيجية وخاصة ان اعداء وحدة الموقف كثر واولهم اسرائيل . ولعلني هنا احذر من مخطط احتلالي لاعاقة هذه المسارات التي تمثل حياة او موت للفلسطينين الان في هذا الوقت الحرج , واخشي ان تكون اسرائيل وضعت الخطط الافتراضية لاحباط هذه الخطة وضربها في مهدها . لذا فان تحصين وحدة الموقف بالبدء بخطوات الوحدة الشاملة هي الضمان الحقيقي لوحدة موقف قوية ومتينة تجابة الضم والتهويد وتسقط صفقة القرن التي لن تتراجع امريكا ولا اسرائيل عن تطبيقها بل تضع كافة مقدرات الادارتين السياسية والامنية ومصالحهم وعلاقاتهم مع العرب التي من شأنها ان تصفي القضية الفلسطينية لصالح مشروع الدولة اليهودية الذي سيطور الصراع برمتهه الي صراع ديني ديني .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت