- عماد عفانة
فلسطين ليست قضية تسول، وليست طريقاً للإثراء، فلسطين وسام شرف لرفع منسوب العزة والفخر لدى أبناء الأمة المستباحة.
فبينما العدو الصهيوني يعربد في الضفة وغزة كما في بلدان العرب والمسلمين بدءا من بغداد ودمشق مرورا ببيروت وليس انتهاءً بطهران، لا يأتيه الرد العاصف إلا من أمثال عاصف البرغوثي وأترابه من جيل الثوار الأحرار.
ثوار فلسطين رضعوا العزة والفخر من أمهاتهم الماجدات، وترعرعوا في كنف عوائل صابرة ومجاهدة ومباركة، ما يفرض على نظرائهم من أحرار الأمة أخذ دورهم الواجب في تثبيت شعبنا المجاهد في الضفة الشماء وفي غزة الاباء العصية على الكسر، بما يمكنهم من مواجهة مؤامرات العدو للسطو على حقوقهم وضم أرضهم مع كل أبناء أمتنا في كل مكان.
وبما أن فلسطين ليست ملك اهلها، فقط بل هي ملك الأمة العربية والاسلامية، وهي وقف اسلامي على أجيال المسلمين، والأمة العربية لم تقصر منذ احتلال فلسطين 1948 في الدفاع عن حياض فلسطين، وعن عتبات المسجد الأقصى، إلا أن هذه المعركة أدارها ومع بالغ الأسف حكام ارتبطوا بالمستعمر الذي لم يغادر احتلاله للدول العربية، الا بعد ان ترك أذنابا له ينفذون سياساته ويدافعون عن مصالحه نيابة عنه.
لذلك ربما بات يقع على عاتق قوى المقاومة الفلسطينية، توظيف الفوضى والخلخلة التي تهز أركان أغلب الأنظمة العربية من المحيط إلى الخليج، لصالح تفعيل الدور والمسؤولية التاريخية التي تضطلع بها الأحزاب والهيئات السياسية في عالمنا العربي والإسلامي في احتضان قضية فلسطين، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
وهذا التوظيف الفعال يجب أن يغادر القوالب السابقة التي حكمت في السابق هذه العلاقة، لجهة دعوة الأحزاب السياسية في العالم العربي والإسلامي لتبنّي تحرّك عاجل لمواجهة ليس لسياسة السطو والضمّ الإجرامية والعنصرية فحسب، ففلسطين أكبر من الضفة الغربية، واوسع من الأغوار، فلسطين التي يجب ان ندافع عن حياضها تمتد من الناقورة الى ام الرشراش، ومن رفح الى جنين.
لذا فمن الضروري بلورة موقف عربي واسلامي، يجدّد ويعزّز المطالبة بالحقوق الفلسطينية المشروعة، ويفضح جرائم الاحتلال، ويجرّم الانتهاكات والاعتداءات الصهيونية، ويضغط على حكومة الاحتلال لوقف مشاريع الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية، وترجمة ذلك بعقد مؤتمرات عاجلة للأحزاب والمنظمات والهيئات السياسية في عالمنا العربي والإسلامي، من أجل تصدير موقف موحّد لدعم الموقف الفلسطيني الرافض لكل مخططات تصفية القضية الفلسطينية، وتحشيد الرأي العام الشعبي في الدول العربية والإسلامية للتحرّك في المجالات كافة، لرفض مشاريع الاحتلال ومخططاته في الاستيطان والضم والتهويد والحصار والتهجير، وتأمين ما يلزم ماديا لإسناد صمود ودعم مقاومة الشعب الفلسطيني.
الأمر الذي يفرض على قوى المقاومة وعلى رأسها حماس ليس الدعوة إلى بناء خطّة عمل جادة لرفض وتجريم انتهاكات الاحتلال، وتحمي المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتمنع مخططات تهويد وتقسيم المسجد الأقصى، وتدعم صمود الفلسطينيين فحسب، بل إلى اقرار هذه الخطة بالتوافق مع الكل الفلسطيني والعربي والاسلامي ووضعها موضع التنفيذ الحقيقي والفعال مع سقف زمني وآليات واضحة.
الأمر الذي يوجب على كل قوى المقاومة في فلسطين وفي عالمنا العربي والاسلامي، كل من خلال موقعه وعلاقاته، بتأمين غطاء سياسي عربي رسمي عبر تكثيف التواصل مع الهيئات الرسمية والشعبية والأحزاب الحية ومؤسسات المجتمع المدني الفاعلة في الدول العربية والإسلامية.
وبتصليب الجبهة الداخلية الفلسطينية عبر الدَّعوة الى انعقاد طارئ لمجالسها؛ ليس للتصدي لخطة الضمّ الصهيونية للأغوار ومشاريع التهويد والاستيطان فقط، بل لتفعيل المقاومة الشاملة للاحتلال على كل شبر من فسلطين، وباستغلال وتوظيف كل قدرات ومقدرات الشعب الفلسطيني في شتى أماكن تواجده من جانب، ومن جانب آخر لوضع خطة عملية دقيقة لتوظيف تعاطف ومناصرة الأمة العربية والاسلامية للقضية الفلسطينية في خطة عملية تنفيذية لترجمة هذا التعاطف وهذه المناصرة.
كما بات لزاما على قوى الأمة الحية اليوم العمل على تنفيذ مشاريع لدعم اسناد صمود الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة والضفة الغربية والقدس، فضلا عن تجميع وتوحيد جهود الدعم والإسناد للشعب الفلسطيني عربياً وإسلاميا في مختلف المجالات لضمان تحقيق الاهداف المطلوبة وتجنب التكرار والتشتيت، لإنقاذ شباب مجاهدي شعبنا المجاهد من مؤامرة التجويع التي تستهدف دفعه نحو الانتحار الجسدي والسياسي.
الأمر الذي سيتحقق بفاعلية اذا أشرفت عليه هيئات وأطر الأحزاب الفاعلة والمنظمات المتخصصة في عالمنا العربي والإسلامي، وصولا إلى تأمين توفير شبكة امأن سياسية واقتصادية وإعلامية لحماية المشروع الوطني الفلسطيني.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت