- رامز مصطفى
- كاتب فلسطيني
الاعتداء على المنشأت الإيرانية الحساسة ، في محطة مدحج زرعان المخصص لانتاج لغاز ، ونطنز المخصص للأبحاث النووية السلمية ، وموقع مخصص لانتاج الصواريخ الباليستيّة ، ليس حدثاً عابراً ، يمكن النظر إليه أنّه أتى من خلفية الرد على الهجمات الإيرانية ضد قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق ، انتقاماً لاغتيال اللواء قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ، أو رداً على إسقاط درة الطائرات المُسيّرة الأمريكية والأغلى ثمناً ، أو رداً على التجرؤ الإيراني في كسر الحصار البحري على فنزويلا .
بل يجب النظر إليه على أنّه يقع في سياق القرار الإستراتيجي الذي تسعى ورائه إدارة الرئيس الأمريكي ترامب وشريكه بنيامين نتنياهو ، الغارقان في جملة من المآزق والأزمات ، وهي في الأصل تعبير عن تحديات كبرى تواجههما .
والقرار هو في السعي لاستدراج إيران بل ومحور المقاومة إلى الحرب ، التي أصلاً هي مستعرة على غير صعيد وبأشكال مختلفة ، وتسمع قرعُ طبولها منذ زمن .
من المنطقي أن توّجه أصابع الإتهام لكل من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ، بأنهما يقفان وراء تلك الإعتداءات ، من خلفية ما يضمرانه من عداء وكراهية للجمهورية الإسلامية الإيرانية ، وكلاهما لا يخفي ذلك .
وفي السياق لطالما سعى نتنياهو من خلال تحريضه المتواصل على إيران ، في دفع الولايات المتحدة إلى القيام بشن هجمات تستهدف المواقع النووية الإيرانية ، أو السماح للكيان التكفل بالمهمة .
ما يُعزز فرضية أنّ الإدارتين في الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ، تسعيان لاستدراج إيران إلى تلك الحرب ، التصريحات التي أدلى بها " أفيغدور ليبرمان " ، والتي قال فيها : " أنّ مسؤولاً كبيراً في الأجهزة الأمنية قد صرّح ، بأن إسرائيل هي المسؤولة عن التفجير الذي شهدته إيران في منشأة نطنز النووية " . وبحسب تلميحات ليبرمان هو يوسي كوهين قائد جهاز الموساد الصهيوني .
وبدورها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في نقلها عن مسؤول أمني في المنطقة ، بأن كيان العدو الصهيوني هو المسؤول عما تعرضت المنشآت الإيرانية من اعتداءات . بمعنى أنّ كلام ليبرمان هو اعتراف على أنّ كيان الاحتلال يتحمل مسؤولية هذه الاعتداءات ، مما سيحتم على القيادة الإيرانية أن ترد على الهجمات ، بغض النظر عن التوقيت .
وهذا ما أكده المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي " ينبغي انتظار التقارير النهائية لمجلس الأمن القومي الإيراني ، لكن في حال توصلت التقارير إلى وجود عامل أو إجراء خارجي ، سنرد بالشكل المناسب " .
بالإضافة إلى أنّ معظم المُحلّلين في الولايات المتحدة ، قد ذهبوا في تحليلاتهم عن أأنّ رئيسهم سيذهب إلى شنّ الحرب على إيران ، إذا ما فقد الأمل في الوصول إلى ولاية رئاسية ثانية للبيت الأبيض ، بسبب جملة من الأخطاء القاتلة ، أولاً ، فشله في مواجهة فيروس كورونا ، وثانياً ، التظاهرات المتواصلة في الولايات الأمريكية . إنما يأتي ليُعزز تلك الفرضية .
وهنا تبرز ثلاثة أسئلة هامة ، على صلة بتلك الفرضية .
الأول ، هل هناك طلب أمريكي لنتنياهو بضرورة تأجيل خطوة الضّم في الضفة الغربية وغور الأردن ؟ .
والثاني ، هل المناورات العسكرية الأمريكية في بحر الصين ، وإن كانت رسالة موجهة للصين ، إلاّ أنّها ، تقع في خانة التمويه على النوايا الأمريكية اتجاه إيران ؟ .
أما الثالث ، ما علاقة التطورات التي يشهدها العراق ، والمتمثلة في قيام رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي ، بإعطاء الأوامر للأجهزة الأمنية بمداهمة إحدى مقار الحشد الشعبي ، واعتقال عدد من عناصره ، بتهمة المسؤولية عن إطلاق صواريخ بالقرب من السفارة الأمريكية في بغداد . وبالتالي اغتيال هاشم الهاشمي ، والسعي إلى شيطنة الحشد الشعبي ، بهدف تحسين صورة داعش ، الذي عاود تحركاته في أكثر من منطقة عراقية ؟ .
الأيام القادمة هي من ستجيب على تلك الأسئلة ، والتي ستحدد صحة فرضية بأن الحرب التي تسعى ورائها الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني واقعة ولا مفرّ منها .
لكنّ ذلك لا يعني بأنّ الحسابات قد لا تتغير وفق التطورات ، خصوصاً إذا ما أدرك ترامب ونتنياهو ، أنّ إيران ومعها محور المقاومة ، أيضاً يسعيان إلى حربٍ مفتوحة في عموم المنطقة .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت