- بقلم عدنان الصباح
ما هذا يا حكومتنا الرشيدة وأي قرارات هذه وعلى أي أسس تم اتخاذها للإغلاق بالجملة وفتح بالجملة فكيف تغلق محافظة مثل محافظة جنين الخالية من الإصابات بشكل شبه تام تقريبا وكذا محافظات مثل طوباس وقلقيلية وطولكرم وما الجدوى من ذلك وهل الإغلاق سيمنع الاحتكاك أم انه وبسبب من تقاليد مجتمعنا سيسهل التجمعات في البيوت والاقتراب أكثر بين الناس وخصوصا العائلات الفقيرة كثيرة العدد وكذا يف يمكن إيجاد تفسير بين الإغلاق التام وعمل البنوك كالمعتاد بمعنى أن الجميع في بيوتهم بلا عمل ولا رواتب وعليهم دفع 60 شيكل للبنوك عن كل شيك سيتم إعادته بالتأكيد وهذا المبلغ كافي لإطعام أسرة 12 يوم خبزا
وقد كان الأولى أن يسمح للبنوك مثلا بالتعامل مع التحويلات وصرف الرواتب للقطاع الخاص ان وجدت وانجاز معاملات الإيداع والصرف النقدي للضرورة وحتى تحديد سقف السحب ومنع سحب المبالغ الكبيرة مثلا والاكتفاء بمعاملات الاستيراد والتصدير وتعامل الجهات المسموح بعملها كالمصانع التي أعطيتم لها الحق بالعمل.
الحكومة لم تدفع رواتب موظفيها لشهرين فكيف ستدفع مؤسسات القطاع الخاص المغلقة رواتب موظفيها وهي أصلا لا تعمل بل إن بعضها سيجد فرصته في التخلص من عماله مما سيفاقم الحالة ويزيد من عدد حالات انكشاف العوز بأقصى حالاته.
إغلاق وبلا رواتب وبنوك تعمل بشكل طبيعي وافران وسوبر ماركت ولا ثمن لشيء ألا يعني ذلك أن البعض سيلجأ لكل السبل للحصول على قوت يومه وبالتالي سنجد أنفسنا أمام كارثة اكبر بكثير من كارثة الوباء ولقد سبق أن قدمت لحضرتكم في مقال سابق في أواسط نيسان الماضي باقتراحات قد تكون مفيدة للحماية ومواصلة الحياة الاقتصادية والكل يعلم أننا في عالم أصبح جميعه مصاب بهذا الوباء كحالنا وأكثر وان أحدا لم يقدم على ما أقدمنا عليه نحن من وقف تام للحياة الاقتصادية وحذرت بوضوح من الأخطار الكامنة وراء هذه القرارات الارتجالية التي ترى الأمور بعين واحدة وهي حماية الأرواح متناسية أن الأرواح الجائعة لا تستطيع الحياة أصلا.
دول اكبر وأغنى وأكثر قدرة على التحمل لم تفعل ما فعلنا فمسئولية الحياة الشخصية مسئولية فردية يجب على المرء أن يعرف ما يضره ولا ينفعه وان لا يلزم كل الشعب بتحمل نتائج عبثي أفراد غير مسئولين وبالتالي فان استمرار عجلة الحياة وحدها من ستساهم في وقف انتشار هذا الفيروس ولا شيء آخر وإلا فإنني أتوجه للحكومة الرشيدة بالأسئلة التالية:
- في حال تواصل الإغلاق مع شح الموارد من أين ستجدون ثمن مواد الفحص وثم أجهزة التنفس وأماكن العزل
- في حال استمر الحال من ومن أين سيتم دفع رواتب الناس في كل القطاعات وحتى السوبر ماركت لمن سيبيع وكيف سيقبض ثمن ما يبيع
- ممن ستحمون المحافظات شبه الخالية من الوباء مثل جنين
- كيف ستمنعون الاختلاط مع الإغلاق وهل يلتقيان معا
- كيف ستعاقبون المخالفين بالغرامات وهم لا يملكون قوت يومهم وهل سيتم استبدال الغرامة بالحبس وإذا كنا بدون أسرة مستشفيات كافية فهل لدينا أماكن حبس كافية با حكومتنا الرشيدة نحن شعب فريد من نوعه ولدينا ما يكفي من الأشخاص لإلزامهم بالتطوع للحماية والتوعية
فماذا تفعل اليوم فصائل الثورة وكوادرها إن لم تجند كل طاقاتها وإمكانياتها لتعزيز التوعية ومساعدة الناس على النجاح في حماية أنفسهم وهل تعلمون أن مطالبة الناس بارتداء الكمامات ستصبح عبء اقتصادي فالكمامة الواحدة التي تكلف اقل من شيكل تباع بخمسة شواكل والمؤسسات التي كانت تقدمها مجانا صارت تلزم مراجعيها بشرائها من على بسطة تقف أمام تلك المؤسسة أو أطفال يبيعون الكمامات على الأبواب وهل تعلمون ان بعض هؤلاء يلتقط الكمامات التي سبق استعمالها ويعاود بيعها وان البعض يقترض كمامة غيره ممن سبقه في انجاز مهمته.
أيها السادة لقد سبق وناشدت السيد رئيس الوزراء بمقال سابق بعنوان " الموت أولى يا سيدي " وها أنا اكرر الموت أولى يا سادتي في الحكومة ولجنة الطوارئ واللجنة الوبائية, الموت أولى من الجوع والانهيار اقتصاديا وبالتالي اجتماعيا إن لم نجد الضمانات الكافية لمنع ذلك ونحن لا نملكها أصلا فلنتعلم كيف نحمي أنفسنا من الوباء لان لا وسيلة للتعلم كيف تحمي نفسك وغيرك من الجوع بلا عمل وبلا دخل.
أيها السادة لا أظنكم تجهلون المثل القائل علمه الصيد بدل إطعامه السمك ليستطيع العيش بعد ذلك وأنا أقول لكم علمونا وساعدونا كيف نحمي أنفسنا بدل أن تلقوا بنا إلى التهلكة بحجرنا وحجزنا دون أدنى برنامج أو مشروع لحماية دخلنا ومصادر عيشنا والحكومة قبل غيرها تعلم إنها دفعت ربع راتب واقل عن شهرين وسمحت للبنوك باقتطاع بعض حقها من هذا الفتات فبربكم هل تعانون حضراتكم من الجوع أو الفقر أو العوز ونحن بلد صغير فاسألوا عن حال الفقراء وصغار الموظفين أصحاب الدخل المحدود الذي بات في خبر كان ممن لا تحتكون بهم إن كانوا يحتاجون حماية اغلاقاتكم وكماماتكم أم خبزكم.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت