حرب الروايات بين داعش وحماس..

بقلم: أشرف صالح

اشرف صالح
  • اشرف صالح

كشفت صحيفة الأخبار اللبنانية الاسبوع الماضي نقلاً عن مصادر أمنية في قطاع غزة , عن إعتقال أمن حماس لعناصر يحملون فكر داعش , خططوا لعمليات تفجيرية تستهدف عدة محاكم ووزارات في غزة , وبحسب المصدر الأمني في غزة والذي لا يزال مجهولاً , فإن عناصر داعش يعملون لصالح مخابرات الإحتلال , وذلك بهدف ضرب المقاومة في غزة على حد قولهم , ومع أن الخبر شبه مؤكد , ولكن الرواية تبقى قيد التكذيب أو التصديق , وذلك لأن حماس تتعامل بحذر وخاصة إعلامياً بما يخص ملف داعش , أو ملف السلفية الجهادية بشكل عام , حرصاً منها على أن لا يؤدي النشر الإعلامي الى نوع من الدعاية  لصالح داعش والسلفية الجهادية , فاليوم الحرب بين الإسلام السياسى "حماس" والإسلام التكفيري "داعش" لا تقتصر على القوة العسكرية مع إختلاف أشكالها وأحجامها , بل تعتمد إعتماداً كلياً على الرواية والتي تحدد من خلالها أفكار أي تنظيم يفرض نفسه على الساحة الفلسطينية والتي هي جزء من الساحة العربية والدولية , ولهذا نلاحظ أن حرب الروايات بين داعش وحماس هي التي تطفوا على السطح كنوع من تهيئة وتعبئة الرأي العام , سواء مع أو ضد أي طرف..

دائما وقبل أن نبحث عن أي حقيقة أو وصف سليم لأي ظاهرة , يجب أن نعرف ماهية  هذه الظاهرة , ووصفها من الأساس ,  كي نبني على ذلك تحليلاً سليماً لأهدافها وأفكارها , بعيداً عن وصف الكيان المنافس أو المعادي لها , فيجب أن يعلم الجميع أن التيار السلفي ينقسم الى نوعين , السلفية الدعوية والسلفية الجهادية , السلفية الدعوية والمتواجدة في غزة والضفة سواء , تعتمد على الدعوة السلمية للوصول الى غايتها , فهي تعتبر أن رئيس الدولة هو ولي أمر المسلمين ولذلك يجب عدم معارضته أوالخروج عليه , وتنبذ العمل المسلح لتغيير الواقع , ومن أهم مؤسساتهم "دار القرآن والسنة" للشيخ ياسين الأسطل , أما السلفية الجهادية فيقتصر وجودهم في غزة , وهم عبارة عن عدة أجنحة عسكرية تم تشكيلها في بداية الإنتفاضة الثانية , فغالبيتهم كانوا ينتمون في الأصل الى فتح وحماس والجهاد الإسلامي , وبعد سيطرة حماس بالقوة على غزة أظهرت السلفية الجهادية أجندتها بشكل معلن , فمنهم من يبايعون تنظيم القاعدة , ومنهم من يبايعون داعش , ومنهم من لا يزالون يتمسكون بهويتهم الفلسطينية , وخاصة الوحدات التي تتبنى إطلاق الصواريخ على إسرائيل بين فترة وأخرى , فمثلاً "تنظيم جند الله" عبد اللطيف موسى , لم يعلنوا مبايعة لداعش أو للقاعدة , رغم أنهم أعلنوا الخلافة في عام 2009 م , ومن ثم حدث ما حدث , وأيضاً  "تنظيم جيش الأمة" لم يعلنوا مبايعة لداعش أو القاعدة , ومعظم عملياتهم العسكرية ضد إسرائيل كانت بالتنسيق مع حركة الجهاد الإسلامي وبعض التنظيمات اليسارية , أما "تنظيم التوحيد والجهاد" ويعرف أيضاً بأنصار بيت المقدس , فهم مبايعين لتنظيم القاعدة , وأيضاً "تنظيم جيش الإسلام" والذي أعلن مبايعته مؤخراً لداعش , كان موالياً لتنظيم القاعدة , وقبل ذلك كان موالياً لحماس حين شارك في خطف الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" عام 2006 م , مع ألوية الناصر في عملية مشتركة , وقبل ذلك كانوا أفرادة ينتمون الى فتح وكتائب الأقصى , وكانوا الصف الأول لقيادة جيش الإسلام ينتمون الى جهاز الأمن الوقائي تحديداً وعلى رأسهم مؤسس التنظيم ممتاز دغمش , وأيضاً "تنظيم الشيخ عمر حديد" وينسب إسمه الى "عمر المحمدي العراقي" وهو واحد من معارضين نظام صدام حسين , ولا يزال تنظيم عمر حديد مجهول الهوية والأجندة  , رغم أن حماس ينسبوه الى داعش , وأيضاً "تنظيم جماعة سيوف الحق الإسلامية" وهي مجهولة الإنتماء والبيعة , وفي عام 2006 م أعلنت هذه الجماعة عن تفجيرات المقاهي ومحلات الإنترنت وبعض الأماكن السياحية في غزة .

في ظل حرب الروايات حماس تعتبر كل السلفية الجهادية في غزة أنها مبايعة لداعش , وتعتبر أيضاً أن الدواعش يعملون مع مخابرات الإحتلال ضد المقاومة في غزة , وهذا بالطبع إتهام مطاطي وفظفاظ وحمال أوجه كثيرة , ليس لأن داعش على حق , وليس لأن داعش لا يعملون ضد حماس , ولكن لأن الحقيقة هي أن السلفية الجهادية وتحديداً المبايعين لداعش يكفورن حماس والجهاد الإسلامي وفتح واليسار , ويكفرون كل من هو خارج بيعتهم كخلافة إسلامية , وأن كل التفجيرات في غزة سواء المعلن عنها أو الغير معلن عنها , هي نتيجة تكفير داعش  لحماس في غزة , هذه هي الحقيقة , ولكن حماس لا تريد إظهارها للرأي العام خشية أن تكون بمثابة دعاية لمشروع داعش التكفيري الذي يكفر حماس أولاً ومن ثم جميع من يخالفهم , وخاصة أن حماس تلعب على وتر الدين , وفي حال وجود تيار منافس لها ويكفرها , فهذا بحد ذاته يعتبر مصدر تشكيك في رواية حماس الدينية أمام الرأي العام , ولهذا السبب حماس تعتم إعلامياً على هدف داعش الحقيقي ضدها في غزة , وهو التكفير .

وفي ظل حرب الروايات أيضاً , تعتبر داعش أن حكم حماس على قاعدة الديمقراطية والعلمانية وما شابة , يصب في خدمة الإحتلال , وتحاول داعش أن تسوق هذه المصطلحات للرأي العام  ضد حماس ,  وهكذا تستمر حرب الروايات بين داعش وحماس , يستخدمون الإحتلال وكأنه وراء أي عملية تحدث في غزة , والحقيقة أن هناك مشروع تكفيري في غزة , وهو لا يقتصر على حماس فقط , بل يشمل كل من هو غير مبايع لداعش وخليفتها الجديد .

كاتب صحفي

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت