أعلنت وزارة التربية والتعليم (11/7) نتائج الثانوية العامة «التوجيهي» بنسبة نجاح (71,32%)، رغم الظروف الاستثنائية المرتبطة بجائحة كورونا.
حيث بلغ عدد المتقدمين لامتحانات الثانوية العامة (77539) طالباً وطالبة جلّهم في الفرعين العلمي والأدبي، والتي بلغت نسبة النجاح في الفرع العلمي (85,92%) والفرع الأدبي (65,43%) وفرع الريادة والأعمال (72,18%) والفرع الشرعي (65,93%) والفرع التكنولوجي (80,02%). فيما تقدم للفروع المهنية (2077) طالباً وطالبة بلغت نسبة النجاح بينهم (63,8%).
وتعد مرحلة اختيار الطلبة الناجحين لتخصصاتهم الجامعية الأصعب، كون توجهاتهم تحكمها أسباباً كثيرة، فبعضهم حصل على معدلات عالية لكن طموحهم يصطدم بقرعة التخصصات أو رأي الأهل، فيما يضطر طلبة آخرون لاختيار تخصصات جامعية تتناسب مع احتياجات سوق العمل، ويضطر آخرون لاختيار تخصصاتهم دون أن تتناسب مع ميولهم الشخصي ومعدلاتهم في «التوجيهي» نظراً لظروفهم الاقتصادية الصعبة.
من جهته، دعا رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية، لإعادة صياغة مخرجات العملية التعليمية في فلسطين بما يتلائم مع احتياجات سوق العمل للتغلب على البطالة في صفوف الخريجين. مطالباً الجامعات والمعاهد الفلسطينية بعدم حث الطلبة على الالتحاق بتخصصات لا تتناغم مع سوق العمل. وأكد اشتية ضرورة التحاق الطلبة بجامعة التدريب المهني.
وينضم نحو (10) آلاف خريج وخريجة سنوياً إلى سوق البطالة التي تصل معدلاتها في قطاع غزة نحو (54%)، وتتعدى حاجز الـ(60%) في صفوف الشباب جلّهم من حملة الشهادات الجامعية والدراسات العليا، ورغم ذلك إلا أن اندفاع الطلبة نحو التعليم المهني أو التقني (الجامع بين التعليم الأكاديمي والعملي) لم يكن بالمستوى المطلوب!.
وانعكست تداعيات الحصار والانقسام سلباً على أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة يعانون أوضاعاً اقتصادية صعبة أثرت على التحاق الآلاف بمؤسسات التعليم العالي التي تعاني هي أيضاً من أزمات مالية خانقة تهدد بإغلاق عدد منها.
ويبلغ عدد الجامعات والمعاهد والكليات الجامعية في مساحة جغرافية صغيرة كقطاع غزة (28) جامعة وكلية، فيما في الضفة الفلسطينية ذات المساحة الأكبر (24) جامعة وكلية، وبلغ عدد الطلبة المسجلين في مؤسسات التعليم العالي في محافظات القطاع خلال العام الدراسي 2018/2019، نحو (80385) طالباً وطالبة.
مراجعة شاملة
ووفق تقرير إحصائي للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن معدل البطالة في صفوف خريجي الصحافة والإعلام في فلسطين الحاصلين على دبلوم متوسط أو بكالوريوس يصل لـ(60%) في صفوف الذكور و(86%) في صفوف الإناث. فيما بلغ عدد طلبات التوظيف المقدمة في قطاع غزة للعام 2019 نحو (39) ألفاً.
وأوصى الجهاز المركزي للإحصاء بإجراء مراجعة شاملة لقطاع التعليم العام والتعليم العالي، ومحاولة ربط احتياجات السوق بمخرجات قطاع التعليم العالي، وإطلاق حملة وطنية لنشر الوعي والمعرفة في الأسواق الوطنية واحتياجاتها المستقبلية، ووضع خطط وطنية تستفيد من خبرات وتجارب الدول التي حققت إنجازات.
وأوضح الجهاز الإحصائي أن (89%) من شركات القطاع الخاص هي شركات عائلية وصغيرة الحجم، وأن (70%) من مساهمة الإنتاج المحلي في الاقتصاد الفلسطيني هو نشاط خدماتي، ما يجعل التحديات أمام الخريجين أكبر.
من ناحيتها، طالبت الحملة الوطنية للمطالبة بتخفيض الرسوم الجامعية، وزارة التعليم العالي والجامعات الفلسطينية ببلورة خطة استراتيجية مكتملة، مهمتها الارتقاء بنوعية وجودة التعليم وتخفيض الرسوم الجامعية، وصولاً لاعتماد برامج وتخصصات تنسجم مع متطلبات سوق العمل المحدود، جراء تكدس التخصصات.
إقرار الصندوق الوطني
ودعت الحملة الرئيس محمود عباس والحكومة الفلسطينية لإصدار توجيهات فورية، لإقرار صندوق وطني لدعم الطالب الجامعي، وبتحييد التعليم والمؤسسات التعليمية عن الانقسام السياسي، وبزيادة دعم موازنات مؤسسات التعليم العالي التي خفضتها الحكومة منذ العام 2007.
وأكد الأكاديمي أمين أبو عيشة في تغريدة عبر حسابه (فيسبوك)، أن احتياجات سوق العمل مهمة جدًا، وتتساوى مع الرغبة في اختيار التخصص، مشيراً إلى ضرورة أن ينظر الطالب للدراسات المستقبلية واتجاهات سوق العمل الحالية، مع ضرورة التركيز على أهمية اللغة الإنجليزية، كمفتاح لسوق العمل في كل وقت وحين.
ودعا مراقبون فلسطينيون وزارة التربية والتعليم العالي لوضع خطة وطنية تنموية لمواجهة شبح البطالة في صفوف خريجي الجامعات والمعاهد. منوهين إلى أن سوق العمل بالكاد يستوعب (8) آلاف خريج من أصل (40) ألفاً سنوياً في الظروف العادية، فيما العدد تقلص بشكل أكبر في ظل جائحة كورونا.
وشدد المراقبون على ضرورة التحاق الطلبة بالتعليم المهني أو التقني بما يفتح الباب أمامهم للحصول على فرص عمل بشكل أسرع كون الحاجة الماسة في سوق العمل للتخصصات المهنية. فيما رأى المراقبون أن الضغط المجتمعي الكبير على التعليم الأكاديمي أولاً، والتحاق الطلبة ببعض التخصصات العالية كالطب والهندسة، يشكل عبئاً على سوق العمل بعد التخرج.
ويرى المراقبون أن ارتفاع نسب البطالة يعود إلى غياب التوظيف في القطاع الخاص، وتعطل التوظيف في القطاع العام منذ سنوات إلى تعذر سوق العمل الخارجي.
وأخيراً، قد يُحمّل البعض الاحتلال وأدواته، فيما يتهم آخرون غياب رأس المال والثقافة المجتمعية، فيما آخرون يتهمون المؤسسات الأكاديمية. ولكن في حال لم تغيّر المؤسسات الأكاديمية نمط تفكيرها وتحدّث سياساتها العليا بما يتلائم مع خطط للهيكلة والمعالجة تساهم في رفع مستوى التعليم العالي ومهارات الخريجين، سيبقى الحال على حاله، في ارتفاع معدلات البطالة لنسب فكلية!