- ثائر محمد حنني الشولي
في هذه الأيام المباركة تطل علينا الذكرى الثانية والخمسون على ثورة 17-30 تموز المجيدة والتي حملت في طياتها صفحات المجد والشرف وعنفوان رجال الحق الغيورين على أمتهم وقضاياها العادلة , وعلى حقها الشرعي في النهوض وإستئناف دورها الرسالي الإنساني بين الأمم, ومكانها الريادي كأمة رائدة ليست ذيلية كما حالها اليوم جراء ما تكابده من مؤامرات ومشاريع تصفية عبر التقسيم والشرذمة وزرع الفتن والفوضى الخلاقة تارةً وعبر الاحتلال والإستعمار المباشر تارةً أخرى.
لقد جاءت ثورة تموز المجيدة التي إنفجرت براكين ثورية عام 1968م لتشكل نقطة تحول جذري وإنقلابي شامل , وإنعطافة حادة في الحالة العربية , حيث عبرت بشكل مكثف عن مكنون الإنسان العربي وإرادة الجماهير العربية الكادحة من المحيط الى الخليج التواقة أبداً للحرية والكرامة والشموخ والعلياء , وكذلك الإنعتاق من نير الإحتلال والإستعمار والإستبداد والإستغلال والإقطاع والرجعية ..
تلك الثورة التي شكلت أيضاً رافعةً متينة وصلبة وأصيلة لكل الثورات وكل الأحرار والمجاهدين في فلسطين والساحة العربية برمتها ,وكانت المظلة الواقية والحامية لثورة الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال والاستيطان والتهويد , وخير سند للمقاومة الفلسطينية اللبنانية المشتركة .
ولا ننسى في السياق أن ثورة تموز المجيدة بقيادتها الشجاعة والحكيمة في العراق يتقدمهم الرفيق أحمد حسن البكر والبطل صدام حسين المجيد كانت بمثابة صمام الأمان والعمق الإستراتيجي ليس للعراق فحسب بل للأمة العربية جمعاء , حيث لم يتأخر العراق يوماً في ظل قيادة البعث والثورة من الدفاع بكل إمكاناته عن كافة الأقطار العربية , ولولا جيشه المقدام الباسل لسقطت العديد من الأقطار وخاصة سوريا ولبنان ومصر التي انتشر فيها جيش العراق بسرعة البرق في سبعينيات القرن الماضي وحماها من السقوط تحت براثن الاحتلال الصهيوني, وقدم اّلاف الشهداء على مذبح الدفاع عن العروبة الشماء التي إحتضن العديد من أقطارها في فلسطين والاردن ولبنان وسوريا ومصر جثامين أبطاله وشهدائه الطاهرة .
ومنذ الأيام الأول لثورة تموز المجيدة إنطلق رجالاتها وأبطالها يخوضون معارك الشرف في شتى الميادين وكافة الصعد مهرولين وكلهم إيمان بحتمية النصر نحو البناء والتقدم والتحرر في كل الأتجاهات والمسارات حتى صار العراق خلال سنين قليلة من عمر الثورة إنموذجا حضارياً تباهت فيه كل العرب في ظل ما تحقق من إنجازات عظيمة في زمن قياسي كانت كفيلة ببناء الإنسان الحر والوطن الذي سادت فيه قيم العدل والمساواة وتكافؤ الفرص, وذابت معه الفوارق الطبقية وكل أشكال الإستغلال والإقطاع والتخلف والعبودية, مما أطلق بشكل واسع مواهب العراقيين الذين أبدعوا في كل المجالات وساهموا ببناء جيش عقائدي عظيم بات قادراً على حماية الأمة وليس العراق فحسب , وإحتل مكانةً متقدمة في تصنيفه بين جيوش العالم من حيث القوة والأقتدار والقدرة على التصنيع والإبتكار , مما جعله يشكل خطراً حقيقيا على المصالح الإستعمارية في المنطقة العربية , وخطراً وجودياً على الإحتلال الصهيوني الجاثم على الأراضي العربية المحتلة في فلسطين, والذين راحوا يعدون العدة ويجيشون الجيوش التي تداعت على العراق من كل حدب وصوب بهدف النيل منه ومن تجربة ثورته المجيدة , وشكلوا تحالفاً أممياً واسعاً سخرت فيه كل الدول العظمى إمكاناتها وقدراتها العسكرية والمادية الهائلة ,والتي سكبت حمم نيرانها الغادرة والمحرمة دوليا ومنها النووي المحدود (قنابل المواّب) لتحرق الأخضر واليابس في العراق ,ولتكون بمثابة صدم وترويع لأبطال العراق وأحرار الأمة العربية الذين لم ترهبهم فداحة الحرب وقوة النيران وواصلوا مسيرتهم الجهادية والنضالية ومقاومتهم الباسلة رغم عمق الجراح ومشاهد القتل المروع والجريمة المنظمة التي راح ضحيتها أكثر من مائة وستون ألف شهيد من المنتسبين لحزب البعث وفصائله المقاومة فقط , ناهيك عن ملايين الشهداء من المواطنين العراقيين الأبرياء الذين سقطوا في كل صفحات العدوان الغادر والغاشم على القطر العراقي الشقيق..
بل وأبى ثوار العراق ومعهم الأحرار والمجاهدين العرب إلا أن يطلقوا المقاومة المسلحة منذ اليوم الأول للإحتلال الأمريكي للعراق عام 2003م يحدوهم الإصرار على مواصلة مسيرة ثورة تموز المجيدة حتى تحرير العراق تحريراً شاملاً وعميقاً وتحرير فلسطين قضية العرب المركزية والأحواز العربية ولواء الإسكندرون وإقليم أوغادين الصومالي وكافة الأراضي العربية المحتلة , وكذلك تحقيق كامل أهداف أمتنا وتطلعات جماهيرها الكادحة في الوحدة والحرية والإشتراكية وعلى نحو دحر الإحتلال وكافة أشكال الإستعمار في بلادنا العربية, وكنس قوى الرجعية والدكتاتورية والطائفية المقيته ومعها كل النزعات القطرية الضيقة والمناطقية والعشائرية التي تحول في مجملها دون تقدم الأمة ونهوضها وإزدهارها وتحررها . بقلم :
ثائر محمد حنني الشولي بيت فوريك – فلسطين المحتلة تموز - 2020
ــــــ
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت