شهد هذا الأسبوع مرور خمس سنوات على توقيع الاتفاق النووي الإيراني. والآن، في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر، تقف سياسة واشنطن تجاه إيران عند مفترق طرق.
إذا أعيد انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فمن المرجح أن تستمر السياسة الأمريكية في نفس الاتجاه. لكن إذا استطاع المنافس جو بايدن الفوز بالبيت الأبيض، فمن المرجح أن تتخذ واشنطن نهجا أكثر ليونة، بما في ذلك إمكانية إعادة الانضمام إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترامب، بحسب خبراء.
-- سياسة ترامب تجاه إيران
تم التوصل إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، والمعروفة عموما باسم الاتفاق النووي الإيراني، في فيينا قبل خمس سنوات. ووفقا لاشتراطاتها، فإن طهران، على مدى السنوات الـ15 المقبلة، لن تخصّب اليورانيوم إلا بنسبة تصل إلى 3.67 في المائة، ولا يمكنها بناء أي مرافق جديدة للمياه الثقيلة. وأكدت إيران أنها تمتثل لهذه الالتزامات، وأن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية.
ولكن في مايو 2018، وصف ترامب هذا الترتيب بأنه صفقة سيئة وانسحب منه، في حين أعاد فرض العقوبات التي استهدفت إيران وأي دولة تتعامل مع الجمهورية الإسلامية، الأمر الذي دفع بالاقتصاد الإيراني إلى السقوط الحر ودمر عملتها.
ومنذ ذلك الحين، انخرط ترامب في سياسة ممارسة "الضغط الأقصى". وبينما أشاد المؤيدون بسياسة ترامب لإضعاف قدرة طهران على صنع سلاح نووي، قال المعارضون إن السياسة لم تجعل المنطقة أكثر سلاما وتسببت بصعوبات اقتصادية للشعب الإيراني.
-- سياسة بايدن تجاه إيران
وقال الخبراء إنه من المحتمل أن يعود بايدن، في حال انتخابه رئيسا، إلى شكل من أشكال الاتفاق الذي ألغته إدارة ترامب.
وصرح ديفيد بولوك، وهو زميل بارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، لوكالة أنباء ((شينخوا)) أنه "من المحتمل جدا على ما أعتقد أن يحاول بايدن إيجاد طريقة للعودة إلى الاتفاق النووي، ولكن مع بعض الإضافات".
وأفاد "لا أعتقد أن الأمر سيكون مجرد 'حسنا بسيطة، فلنعد إلى حيث كنا قبل انسحاب ترامب من الاتفاق النووي ولنسقط جميع العقوبات' ".
وأضاف بولوك أن واشنطن أدركت وجود خلل كبير في الاتفاق النووي هو أنها تعاملت فقط مع البرنامج النووي، لكنها لم تتطرق إلى قضايا لا تعد ولا تحصى تتراوح بين الإرهاب والصواريخ والميليشيات.
وبيّن بولوك "يدرك فريق بايدن ذلك، وسيرغبون على الأقل في بذل جهد لمعالجة هذه القضايا، وليس مجرد محاولة إعادة عقارب الساعة إلى الوراء"، مشيرا إلى أن سياسة بايدن ستكون "أكثر توجها نحو محاولة إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات".
وقالت داليا داسا كاي، مديرة مركز السياسة العامة للشرق الأوسط في مؤسسة "راند"، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن إدارة بايدن من المرجح أن تضم موظفين رئيسيين تفاوضوا على خطة العمل الشاملة المشتركة.
وأضافت كاي "أعتقد أننا يمكن أن نتوقع التزاما أكثر جدية واستدامة حيال تجديد الدبلوماسية مع إيران وتنشيط الاتفاق النووي الإيراني، مع عودة انضمام الولايات المتحدة إلى الاتفاق إذا عادت إيران إلى التزاماتها".
وأشار كلاي رامزي، الخبير في شؤون إيران في جامعة ماريلاند، إلى أن بايدن صرح في إبريل أنه في الوقت الراهن، ينبغي على الولايات المتحدة إزالة جميع حواجزها أمام التجارة الإنسانية مع إيران.
وأوضح رامزي في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)) أنه "إذا كان بايدن هو الرئيس في يناير، فإن هذا يمكن أن يحدث بسرعة كبيرة. وإذا بدأت حكومة إيران في تقليص مستوى برنامجها النووي، فإن اجتماعا لجميع دول خطة العمل الشاملة المشتركة -- الولايات المتحدة وإيران والأوروبيين وروسيا والصين -- قد يعقد".
-- سياسة العمل السري
يعتقد البعض أن العمل السري ضد برنامج إيران النووي قد يكون جزءا من اتجاه مستقبلي.
ذكرت صحيفة ((نيويورك تايمز)) مؤخرا أن بعض المسؤولين قالوا إن "هناك إستراتيجية أمريكية إسرائيلية مشتركة آخذة في التطور -- قد يجادل البعض بأنها تتراجع -- إلى سلسلة من الضربات السرية التي لا تصل إلى مبلغ الحرب، والتي تهدف إلى القضاء على أبرز جنرالات فيلق الحرس الثوري الإسلامي وإرجاع المنشآت النووية الإيرانية إلى الوراء".
وجاء هذا التقرير في 10 يوليو بعد وقت غير طويل من سلسلة من الانفجارات والحرائق في إيران، بما في ذلك انفجار غامض في منشأة نطنز النووية.
وفي حين لم يعلن ترامب عن موقف أكثر عدوانية ضد إيران، قال بريان هوك، المبعوث الخاص لوزارة الخارجية لإيران، الشهر الماضي إن "التردد والضعف يستدعيان المزيد من العدوان الإيراني".
وفي حديثه عن الضربات السرية ضد البرنامج النووي الإيراني، مثل تلك التي زعمت مقالة ((نيويورك تايمز)) حدوثها، أوضح بولوك أنها "من المحتمل جدا أن تتواصل، حتى لو تم انتخاب بايدن رئيسا".
وأضاف بولوك "لأن أوباما فعل ذلك أيضا".